الأردن.. غلاء أسعار السلع يرهق حملات الإفطار الرمضانية

أعلن رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة تدخل حكومته بسلطة القانون للحد من المغالاة بالأسعار ومحاربة الاحتكار، وتأمين السلع للمواطنين بأسعار عادلة.

متطوعون يجهزون الطرود الغذائية. الجزيرة . تكية أم علي جمعية خيرية تابعة للامير علي بن الحسين
متطوعون يجهزون طرود المساعدات الغذائية في الأردن (الجزيرة)

مخيم غزة جرش– يستبشر الفقراء والمحتاجون في الأردن مع قدوم شهر رمضان الفضيل بوصول المساعدات المالية، والطرود الغذائية التي تؤمن لهم جزءا من حاجاتهم الغذائية خلال الشهر الفضيل، لكن الواقع جاء بخلاف التوقعات.

فالجمعيات الخيرية تعاني تراجعا بالمساعدات النقدية والغذائية، مما ينعكس على متلقي الخدمة من المحتاجين، يضاف إلى ذلك زيادة أعداد طالبي المساعدات، جراء تداعيات أزمة كورونا، وما رافقها من أزمة مالية تمر بها المملكة، وحالة من الركود الاقتصادي.

وعلى أبواب دائرة الشؤون الفلسطينية في مخيم غزة بمحافظة جرش (شمالي الأردن)، يصطف العشرات من طالبي المساعدات ومنتظري الطرود الغذائية الموعودة لتأمين وجبة إفطار أو طعام سحور رمضاني.

يعاني نحو 2.4 مليون أردني من الفقر، بعدما ارتفعت نسب الفقر من 15% عام 2019، إلى 24% عام 2021 بعد كورونا

صعوبات بالجملة

الخمسيني يوسف الخطيب، الذي غمرته مياه الأمطار الساقطة بينما ينتظر دوره في صف للحصول على طرد غذائي، يقول للجزيرة نت "المساعدات باتت شحيحة، وأهل الخير طالهم الضرر، حتى باتت الحياة أصعب وأشق".

فقد الخطيب عمله في مزرعة الدواجن التي كان يعمل بها، فبات محتاجا إلى الصدقات لإعالة 8 أفرد. تشاركه الانتظار في الصف الستينية نايفة المهر التي تنتظر كيسا من الأرز تطعم به 4 من الأبناء المعاقين.

ولكل شخص يقف على عتبة انتظار طرده الغذائي قصة من الألم والحزن، فمن شاب فقد عمله وبات عالة على عائلته، إلى فتاة فقدت زوجها تاركا لها أيتاما يبحثون عن غذاء ودواء.

ويعاني نحو 2.4 مليون أردني من الفقر، وفق إحصائيات وزارة التخطيط الأردنية، وذلك بعدما ارتفعت نسب الفقر بالأردن من 15% عام 2019، متجاوزة نسبة الـ24% عام 2021 بعد كورونا.

منتع من طرود خيرية. الجزيرة . تكية أم علي جمعية خيرية تابعة للامير علي بن الحسين
منتفع من الطرود الخيرية بالأردن (الجزيرة)

أزمة مركبة

حالة التراجع في الإنفاق على القطاع الخيري أرجعها مختصون إلى التراجع في القطاعات الاقتصادية المختلفة التجارية والصناعية والإنتاجية، مما انعكس على تراجع قدرتهم في توفير المساعدات للجمعيات الخيرية.

ويقدر رئيس جمعية المركز الإسلامي، جميل الدهيسات، نسبة التراجع بالإنفاق على القطاع الخيري بجوانبه المختلفة الصحية والغذائية والمالية بنحو 50%.

وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أن الجمعيات باتت تعاني أزمة مركبة، فطالبو الخدمات من المحتاجين والمتضررين من الجائحة، خاصة أرباب المهن الصغيرة وعمال المياومة زادت أعدادهم، وقابل ذلك تناقص في حجم وكمية المساعدات الخيرية المقدمة للجمعيات، مما أثر على متلقي الخدمات بشكل كبير، متوقعا أن يستمر هذا الحال في رمضان والأشهر القادمة مع استمرار تداعيات الجائحة.

وزاد من معاناة الجمعيات الخيرية ومتلقي المساعدات مشكلة الارتفاعات المتتالية لأسعار المواد الغذائية الأساسية، مما حال دون شراء الكميات اللازمة لتجهيز الطرود الغذائية والمواد الطبية.

وتقدم جمعية المركز الإسلامي 35 ألف كفالة شهرية لأيتام وفقراء تتراوح قيمة الكفالة من 50 إلى 100 دينار (70-140 دولارا)، من خلال 65 مركزا خيريا، منتشرة في محافظات المملكة تضم 600 موظف، إضافة إلى 17 مركزا طبيا، كما تقدم الجمعية مساعدات لألفي طالب علم، وتصل قيمة نفقاتها السنوية نحو 24 مليون دينار ( 33 مليون دولار).

شح بالتبرعات

القطاع التجاري تأثر بتراجع المساعدات الغذائية للجمعيات الخيرية، فالتاجر محمد الراعي كان قُبيل دخول شهر رمضان بأيام يجهز نحو 5 آلاف طرد غذائي، قيمة الطرد الواحد منها نحو 30 دينارا (42 دولارا)، إذ يحتوي على السكر والأرز والحبوب وزيوت الطهي، لكنه في الموسم الحالي لم يجهز سوى 800 طرد حتى الآن، يقول للجزيرة نت.

ويرى الراعي أن السبب في ذلك ارتفاع أسعار المواد الغذائية من زيوت وحبوب، إضافة إلى تراجع القدرات المالية للمتبرعين، نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به المملكة.

ويعاني القطاع الخاص تبعات جائحة كورونا، مما أثر سلبا على شح المساعدات الإغاثية، وأدى إلى تراجع دور تلك الجمعيات في الحماية الاجتماعية التي تقدمها للمستفيدين فقراء كانوا أو أيتاما أو من ذوي الإعاقة، مما صعب من سبل الحياة الكريمة لهم.

أمام حالة الغلاء المتزايدة، حذر رئيس الجمعية محمد عبيدات من خطورة عدم قدرة تأمين الغذاء للعائلات وتفاقم مشكلة الجوع

حماية المستهلك

ارتفاعات أسعار السلع طالت نحو 50 سلعة أساسية، وثبات أسعار 55 سلعة أخرى، بحسب دراسة لجمعية حماية المستهلك شملت 105 سلع خلال العام الماضي 2021 ومطلع العام الحالي.

وأمام حالة الغلاء المتزايدة، حذر رئيس الجمعية محمد عبيدات -في حديثه للجزيرة نت- من خطورة عدم قدرة تأمين الغذاء للعائلات وتفاقم مشكلة الجوع، خاصة أن تلك الارتفاعات لم يرافقها رفع لأجور العاملين وثبات دخلهم وعدم قيام السلطات بربط الأجور بحالة التضخم السنوي.

الارتفاعات طالت 50 سلعة أساسية . الجزيرة , وسط البد
الارتفاعات في الأسعار بالأردن طالت 50 سلعة أساسية (الجزيرة)

وأظهرت نتائج الدراسة ارتفاع أسعار سلع أساسية في سلة غذاء الأردنيين أبرزها:

  • الألبان المصنعة بنسبة 8%
  • بيض الدجاج 10%
  • السكر 25%
  • الأرز 14%
  • المعكرونة 17%
  • معلبات الفاصوليا والبازلاء والحمص والفول 20%
  • الزيوت النباتية 65%
  • البقوليات مثل الحمص الحب والعدس المجروش والفول 21%
  • اللحوم البيضاء والحمراء 20%
  • مواد المنظفات 20%

العين الحمراء

لمواجهة تلك الارتفاعات، أعلن رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة قبل أيام تدخل حكومته بسلطة القانون من أجل "الحد من المغالاة بالأسعار ومحاربة الاحتكار، وتأمين السلع للمواطنين بأسعار عادلة، والتعامل بالعين الحمراء مع أي عابث بقوت المواطن، خاصة مع قدوم شهر رمضان".

وأعلنت وزارة الصناعة والتجارة والتموين وضع سقوف سعرية لعدد من السلع، أبرزها الزيوت النباتية والدجاج الطازج وحديد التسليح ومادة الإسمنت وغيرها، لمواجهة سلسلة الارتفاعات، إضافة لتأمين السلع بأسعار معتدلة في المؤسستين الاستهلاكيتين المدنية والعسكرية.

تجار يشتكون من تراجع الطلب على الطرود الغذائية . الجزيرة . وسط البلد
تجار يشتكون من تراجع الطلب على الطرود الغذائية بالأردن (الجزيرة)

ارتفاعات قادمة

في المقابل، يتحدث القطاع التجاري عن جملة من الأسباب أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، منها ارتفاعها في بلاد المنشأ، ووقف تصدير سلع غذائية، وتعطل سلاسل التوريد التجارية مع جائحة كرونا، وزيادة أجور الشحن، وقد تعمقت هذه الأسباب كثيرا منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا.

ويرى نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق أن الأسعار ستشهد مزيدا من الارتفاعات في الأشهر القادمة، بسبب أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة أن الأردن يستورد 85% من غذائه من الخارج.

ويعاني الاقتصاد الأردني من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وانعكاسها على سلاسل الإمداد العالمية، وارتفاع أسعار النفط، وحركة التصدير بعد أن قررت دول وقف التصدير.

المصدر : الجزيرة