الأزمة في أوكرانيا.. كيف تؤثر على القطاع السياحي في مصر؟
القاهرة – بينما تشتعل المعارك في أوكرانيا مع بدء العملية العسكرية الروسية هناك، يحبس مئات الآلاف من المصريين العاملين في القطاع السياحي أنفاسهم خوفا من تأثر الحركة السياحية في مصر، لا سيما في منتجعات شرم الشيخ والغردقة، حيث يمثل السياح الروس والأوكرانيون نسبة كبيرة من السياح القادمين إلى البلاد.
وكانت السياحة الأوكرانية إلى مصر قبلة الحياة للقطاع السياحي المصري بعد حادث الطائرة الروسية في سيناء في أكتوبر/تشرين الأول 2015، حين أوقف الروس رحلاتهم إلى المنتجعات السياحية المصرية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsحرب أوكرانيا.. احتياطي القمح في لبنان يكفي شهرا وتونس تعزز مخزون الحبوب وتتجه لرفع أسعار الوقود
المغرب يتحمل فرق أسعار القمح نتيجة الأزمة الأوكرانية
سلاح الردع الغربي.. هل تقف العقوبات الاقتصادية حائط صد بين روسيا وأوكرانيا؟
وذكرت جريدة الأهرام الرسمية أول أمس الجمعة أن وزير السياحة والآثار خالد العناني وجه جميع الفنادق والقرى السياحية بحسن استقبال السياح الروس والأوكرانيين، وتوفير جميع التسهيلات اللازمة لهم وتأمين كل متطلباتهم.
كما أصدر عبد الفتاح العاصي مساعد وزير السياحة منشورا لغرفة المنشآت السياحية بضرورة استمرار السياح الروس والأوكرانيين الذين انتهت برامجهم السياحية وحالت الأحداث الجارية دون العودة إلى بلادهم.
ووفقا للأهرام، قامت السلطات الأوكرانية بإلغاء جميع رحلات الطيران "الشارتر" من أوكرانيا إلى مدن مصر السياحية، في حين ذكرت مصادر مطلعة أن الرحلات الروسية القادمة إلى المطارات المصرية لم تتأثر منذ صباح الخميس الماضي.
وكشفت مصادر سياحية أن العناني يترأس لجنة أزمات وغرفة عمليات لبحث تأثير أزمة الحرب على الحركة السياحية في مصر في الفترة المقبلة، وأن هناك زيارات ستُنظم لمسؤولي وزارة السياحة إلى عدد من فنادق شرم الشيخ والغردقة لطمأنة السياح بالترحيب بهم حتى تحين عودتهم إلى بلادهم سالمين فور السماح بذلك، وفقا لجريدة الشروق.
مناشدة أوكرانية
ويؤكد الخبير السياحي باسم حلقة أن العالم كله في حالة توتر بسبب بدء الحرب، ستؤثر على حركة السياحة والسفر جراء تأثر حركة الطيران، وتنعكس على الحركة السياحية في مصر بدورها.
ويضيف حلقة -في تصريحات خاصة للجزيرة نت- أنه يتوقع أن تستمر حجوزات السياح الروس والأوكرانيين إذا اتجهت الأوضاع إلى التهدئة، مشيرا إلى أن هناك سياحا روسا وأوكرانيين ما زالوا موجودين في مصر في شرم الشيخ والغردقة.
وعقب بدء المعارك فجر الخميس الماضي، أرسلت السفارة الأوكرانية في مصر مذكرة شفهية إلى وزارة الخارجية المصرية تطلب فيها من وزارة السياحة وغرف الفنادق والهيئات ذات الصلة تقديم الدعم في حل المشاكل التي قد تواجه السياح الأوكرانيين الموجودين حاليا في مصر.
كما طالبت غرفة المنشآت الفندقية-فرع جنوب سيناء مديري عموم الفنادق بمدينة شرم الشيخ بحسن استقبال السياح الأوكرانيين وتقديم كل سبل المساعدات والدعم لهم.
وقالت الغرفة -في منشورها- إنه ستتم موافاة مديري عموم الفنادق بأي تعليمات جديدة قد تصدر من وزارة السياحة والآثار بهذا الشأن، مع اعتبار هذا الأمر عاجلا و بالغ الأهمية، وفقا لجريدة المال.
السوق الأوكرانية
وقبل أيام، صرحت رئيسة لجنة السياحة بمجلس النواب نورا علي أن السوق الأوكرانية من أكبر الأسواق التي أنقذت شرم الشيخ حينئذ.
وتضيف نورا علي -في تصريحات متلفزة– أن الشهور الأخيرة من العام الماضي شهدت انتعاشة سياحية، وأن من الطبيعي أن يحدث كساد في الحجوزات السياحية عقب أعياد رأس السنة، وقد تراجعت أعداد السياحة الأوكرانية في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، لا سيما مع الموجة الجديدة من جائحة كورونا.
وعلقت أن المواطن الأوكراني خائف من عدم قدرته على العودة إلى بلاده إذا جاء إلى مصر ونشبت الحرب.
ووفقا لعلي، تبلغ نسبة السياح الأوكرانيين 30% من إجمالي سياح منتجعات البحر الأحمر، وتقول إن من المؤشرات الجيدة أن السياح الألمان والإنجليز سيعودون بشدة في شهر مارس/آذار المقبل، كما ستُطبق حملات دعائية للسياحة في مصر.
أسواق بديلة
وناقش مجلس الوزراء المصري التداعيات الاقتصادية للأزمة في أوكرانيا الأربعاء الماضي قبل بدء الحرب، وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إن الحكومة تتابع من كثب تطورات الأزمة الروسية الأوكرانية، ونطاق تداعياتها على الصعيد العالمي، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية.
وتناول بيان مجلس الوزراء تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية على قطاع السياحة، مؤكدا أن الحكومة ستبذل جهدا أكبر في البحث عن أسواق بديلة للسياحة، عند تطور الأحداث بشكل سلبي.
ووفقا لرئيس غرفة جنوب سيناء للفنادق وصاحب مجموعة فنادق في شرم الشيخ بيتر ناثان، فقد تراجع عدد الطائرات القادمة من روسيا وأوكرانيا إلى مصر بنسبة 30% في شهر فبراير/شباط الجاري بالمقارنة بالشهر الماضي، موضحا أن أكثر الوجهات المتضررة هي شرم الشيخ والغردقة.
وقبل بدء الحرب، صرح رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية السابق ووكيل شركة الطيران الأوكرانية في مصر إلهامي الزيات أن شركة الطيران الأوكرانية أوقفت رحلاتها إلى مصر في الشهر الجاري نظرا لتخوف السياح من السفر، كما أن الفنادق في شرم الشيخ والغردقة تشهد تراجعا كبيرا في أعداد السياح الأوكرانيين، وهم في طريق العودة إلى بلادهم.
ووفقا لرئيس جمعية مسافرون للسياحة عاطف عبد اللطيف، تتصدر تركيا المرتبة الأولى في استقبال السياح الأوكرانيين بنسبة 28%، وتأتي مصر في المرتبة الثانية بنسبة 21%، ونوّه إلى تراجع معدلات السياحة الأوكرانية بشكل كبير.
ودعا عبد اللطيف -في تصريحاته لجريدة الأهرام الرسمية- إلى ضرورة تنويع الأسواق التي تأتي السياحة منها إلى مصر، حتى لا تتأثر السياحة إذا حدث عارض أو مشكلة.
خطر توقف السياحة
يحذر مستشار منظمة السياحة العالمية سعيد البطوطي من خطر توقف الحركة السياحية من روسيا وأوكرانيا تماما، لأن النزاعات العسكرية ونوعية تسليح الطرفين تعني توقف حركة السياحة والطيران بالمنطقة، وذلك يهدد السياحة الوافدة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بخاصة مصر وتركيا.
ويضيف البطوطي -في تصريحات صحفية- أن منظمة السياحة العالمية تتابع الموقف من كثب، داعيا لضرورة استمرار العملية الدبلوماسية، والتوصل إلى حل سلمي، وسيكون ذلك في مصلحة الجميع، مؤكدا أن الاقتصاد الروسي منهك وقيمة العملة الرسمية تنخفض، مع الاتجاه لفرض عقوبات اقتصادية على روسيا.
ويقول وزير السياحة الأسبق هشام زعزوع إن الحرب بين الجانبين الروسي والأوكراني تلقي بأثرها على القطاع السياحي في مصر، حيث تتوقف الحركة الوافدة من أوكرانيا إلى مصر، لخوف السائح الأوكراني من البقاء خارج بلاده عند نشوب الحرب، ومن ثم يتوقف الطلب على السفر.
ويضيف زعزوع -في تصريحات صحفية- أن من المتوقع حدوث حالة من التراجع على مستوى السوق الروسية، نتيجة لارتفاع قيمة التأمين على رحلات الطيران التي تتجه من روسيا إلى المقصد المصري بسبب الحرب، متوقعا زيادة الطلب على مصر في الصيف.
انتعاشة بعد غياب
وتشهد مصر انتعاشا كبيرا في قطاع السياحة، فقد تجاوزت إيرادات السياحة 13 مليار دولار في العام الماضي، لتعود إلى مستويات ما قبل الجائحة.
وأثرت الأحداث التي تلت ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 في حركة السياحة، فقد استقبلت مصر في عام 2010 أكثر من 14.7 مليون سائح قبل أن يتراجع العدد إلى 9.8 ملايين في 2011، وفقا لأرقام رسمية نشرها الاتحاد المصري للغرف السياحية والجهاز المركزي للإحصاء.
وفي عام 2012 بلغ عدد السياح 11.5 مليون سائح، رغم الاضطرابات الأمنية والمظاهرات في الشوارع، لكن استمرار الأحداث السياسية المضطربة أثر على السياحة في العام التالي، فتراجع عدد السائحين إلى 9.5 ملايين سائح في 2013، قبل أن يرتفع قليلًا في 2014 إلى 9.9 ملايين سائح.
وتوافد في عام 2015 نحو 9.3 ملايين سائح، لينخفض العدد مرة أخرى في عام 2016 إلى 5.3 ملايين سائح بعد حادث الطائرة الروسية.
وفي 2016 قالت الحكومة المصرية إن عائدات السياحة تراجعت بنحو 1.3 مليار دولار منذ سقوط الطائرة الروسية، كما أغلق أكثر من 40 فندقا في منتجعي شرم الشيخ والغردقة بعد رحيل السياح الروس والإنجليز (يشكلون نحو 35 ألف سائح أسبوعيا قبل أزمة الطائرة الروسية).
وانتعشت حركة السياحة في 2017 بوصول 8.2 ملايين سائح، زادوا إلى نحو 11.3 مليونا في 2018، ثم بلغ عدد السياح 13.1 مليون سائح في 2019؛ فحقق ذلك انتعاشا كبيرا، واقترب الوضع إلى ما كان عليه قبل ثورة يناير 2011.
ولم يلبث أن تأثر القطاع السياحي بسبب جائحة كورونا، فانخفض عدد السياح إلى نحو 3.5 ملايين سائح فقط بسبب تأثر حركات الطيران في العالم وتعليق رحلات الطيران الدولي في المطارات المصرية في مارس/آذار 2020.
وفي أغسطس/آب 2021 أعلنت الحكومة المصرية عودة الطيران بين مصر وروسيا بـ5 رحلات أسبوعية، تزيد تدريجيا بناء على نتائج زيارة لجان الوفد الروسي لمصر لتقييم الوضع الوبائي، كما تراقب لجان روسية إجراءات الأمن والسلامة في المطارات المصرية.