في ظل الاضطرابات العالمية.. قمة منتدى الغاز تدعو بالدوحة إلى الحوار لضمان إمدادات الطاقة

افتتاح القمة السادسة لمنتدى الدول المصدرة للغاز بالدوحة (وكالة الأنباء القطرية)
افتتاح أعمال القمة السادسة لرؤساء دول وحكومات منتدى الدول المصدرة للغاز (الصحافة القطرية)

الدوحة ـ الحوار والتعاون لضمان أمن إمدادات الطاقة واستقرار أسواق الغاز كان العنوان الأبرز في كلمات المشاركين في أعمال القمة السادسة لرؤساء دول وحكومات منتدى الدول المصدرة للغاز.

وتحت شعار "الغاز الطبيعي.. رسم مستقبل الطاقة" ناقش المشاركون في القمة كيفية تحقيق الاستقرار في أسواق الغاز والطاقة بشكل عام في ظل التوترات السياسية الحادة على المستويات الإقليمية والدولية التي تؤثر بشكل كبير على أسعار الطاقة، والأزمات التي تلاحق العالم، كارتفاع أسعار الطاقة واستمرار جائحة كورونا.

وتأسس "منتدى الدول المصدرة للغاز" كمنظمة حكومية دولية مقرها الدوحة تعنى بوضع إطار لتبادل الخبرات والمعلومات بين الدول الأعضاء ورفع مستوى التعاون والتنسيق بينها.

وتعقد القمة وسط أزمة عالمية كبيرة متمثلة في الصراع بين روسيا من جانب وأوكرانيا والغرب من جانب آخر، وتهديد ذلك الصراع في حال تفجره أمن الطاقة في قارة أوروبا بالكامل، لاعتمادها بشكل رئيسي على الغاز الروسي.

مصالح المصدرين والمستهلكين

وفي كلمته الافتتاحية أكد أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن بلاده ستستمر في دعم جهود حماية مصالح مصدري الغاز والحفاظ على مصالح المستهلكين، وفي التأكيد على الحقوق السيادية الكاملة والدائمة للدول الأعضاء في تطوير واستغلال مصادرها الطبيعية.

وشدد الشيخ تميم على التزام بلاده بتعزيز دور الغاز الطبيعي في التحول إلى اقتصادات منخفضة الكربون، وبالعمل جنبا إلى جنب مع جميع الشركاء لتحقيق نمو مستدام في صناعة الغاز، ولتلبية الطلب المتزايد على هذا المصدر المهم للطاقة، فضلا عن العمل على تشجيع الاستثمارات وتطوير البنى التحتية وقدرات الدول الأعضاء على الاستجابة للكوارث الطبيعية والحوادث.

وجدد أمير دولة قطر دعوته إلى تعزيز الحوار والتعاون بين الدول الأعضاء من جهة وبين المصدرين والمستوردين من جهة أخرى، لضمان أمن إمدادات الغاز الطبيعي واستقرار أسواق الغاز العالمية، مشيرا إلى اعتزام قطر زيادة طاقتها الإنتاجية من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن سنويا حاليا إلى 126 مليونا سنويا بحلول عام 2027.

أمير قطر (وسط) يؤكد أن بلاده ستستمر في دعم جهود حماية مصالح مصدري الغاز والمستهلكين (الصحافة القطرية)

أهمية الغاز

من جانبه، طالب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بضرورة حشد المزيد من الفاعلين المقتنعين بأهمية الغاز الطبيعي لرفع التحديات الحالية والمستقبلية، وذلك من خلال انضمام دول جديدة مصدرة ومنتجة للغاز لتعزيز أدوارها والحفاظ على مصالحها من خلال الحوار مع الدول المستهلكة التي اعتمدت الغاز كأهم محرك لتقدم اقتصاداتها.

ودعا تبون إلى البحث المشترك عن أفضل مكانة للغاز الطبيعي في أنظمة الطاقة وتثمين قيمته في الأسواق الدولية، فمن ناحية يعتبر هذا الغاز طاقة للحاضر والمستقبل.. طاقة نظيفة ومرنة يمكن الوصول إليها، وهو أيضا طاقة مفضلة لحماية البيئة إلى جانب الطاقات المتجددة الأخرى.

وأكد تبون على ضرورة إيجاد حلول تكنولوجية فعالة ومبتكرة لتحسين جودة الغاز الطبيعي كطاقة نظيفة، لضمان وفرتها وقدرتها التنافسية، مشددا على أهمية انعقاد القمة في هذا الظرف المتميز بالعديد من التحديات مثل الصحة والوصول إلى الطاقة والتنمية المستدامة، وهو ظرف يمكن فيه للمنظمة أن تلعب دورا مهما في مواجهة هذه التحديات.

ويضم منتدى الغاز في عضويته 11 دولة هي قطر والجزائر وبوليفيا ومصر وغينيا الاستوائية وإيران وليبيا ونيجيريا وروسيا، ترينيداد وتوباغو، وفنزويلا، فيما تحمل دول أنغولا وأذربيجان والعراق وماليزيا والنرويج وبيرو والإمارات صفة عضو مراقب.

تبادل المصالح

بدوره، أكد رئيس غينيا الاستوائية تيودورو أوبيانغ نغويما في كلمته أمام المؤتمر أن الظروف الصعبة التي يواجهها العالم حاليا تستوجب تبادل الآراء حول المبادئ والأهداف التي قام عليها هذا المنتدى "ومنها تشجيع تبادل المصالح المشتركة عبر الحوار المشترك بين الدول المنتجة والدول المستهلكة والجهات المعنية بصناعة الغاز في العالم".

وطالب نغويما بضرورة إيجاد منصة لتبادل الآراء حول المبادرات الجديدة التي تهم قطاع الغاز الطبيعي، مشيرا إلى أن أصعب الأزمات تستدعي حلولا كبيرة، وهو ما يجبرهم على العمل لإيجاد النموذج الذي يسمح لهم بمواجهة المشاكل المشتركة، داعيا إلى ضرورة الوحدة والعمل المشترك لضمان أمن إمدادات الغاز في ظل الأزمات التي تعصف بالعالم.

إيران يمكنها المساعدة

من جانبه، أكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أن بلاده باعتبارها تمتلك احتياطيات مهمة في الغاز الطبيعي بإمكانها المساعدة في التوصل إلى حلول على المديين القصير والمتوسط في مجال إمدادات الطاقة، معتبرا أن الغاز يحدد مستقبل الطاقة في العالم، وأن علينا استخدامه لتحسين المسار الاقتصادي الصعب الناجم عن تفشي فيروس كورونا.

وأعرب رئيسي -في كلمته- عن أمله بأن يسهم الاجتماع في تحقيق الأهداف والحفاظ على مصادر الغاز الطبيعي، لافتا إلى أن هناك وجهات نظرة مختلفة في المنتدى إلا أن ثمة تضامنا جيدا بين الدول المشاركة فيه تجاه المستقبل.

وقال "إن الهدف من عقد هذا المنتدى ومشاركة الأعضاء فيه هو دعم الحقوق التي تؤكد عليها سيادة هذه الدول في مجال اكتشاف الغاز وتعزيز دوره في تلبية حاجات العالم إلى الطاقة، وكذلك ضمان الأمن في مجال طلب الغاز الطبيعي على صعيد العالم".

الرئيس الإيراني (يسار) وصل إلى الدوحة للمشاركة في قمة منتدى الغاز (الجزيرة)

وأضاف الرئيس الإيراني أن الغاز يلعب دورا مهما في المسار المتنامي لاستخدام الكهرباء في العقود المقبلة، ومن هذا المنطلق يجب عليهم -كمنتجي الغاز- تلبية الحاجات لهذه الطاقة، وهذا يحظى ببالغ الأهمية.

وعلى الصعيد نفسه، أكد رئيس موزمبيق فيليب جاسينتو نيوسي أن الغاز الطبيعي لا بد أن يكون عنصرا رئيسيا في مجال بناء السلام والأمن، معربا عن أمله في إمكانية الحصول على المعلومات اللازمة ليتمكن من تطوير مشاريع الغاز في بلاده.

وأعرب نيوسي عن عميق الامتنان للدول المصدرة للغاز لموافقتها على انضمام بلاده إلى منتدى الدول المصدرة للغاز، معبرا عن أمله في أن تمكن هذه العضوية بلاده من الاستفادة من احتياطيات الغاز التي تمتلكها.

وفي نهاية الجلسة الافتتاحية، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة إن القمة تعقد في وقت يواجه فيه العالم تحديات عدة، على رأسها فيروس كورونا الذي لا يزال العالم يقاوم تبعاته على صحة المجتمعات والأنشطة الاقتصادية، فضلا عن مشكلة المناخ وآثارها على مستقبل صناعة النفط والغاز وعلى الاقتصاد بشكل عام كدول تعتمد على تلك الصناعة.

وأكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية أن هناك فرصة كبيرة في تجمّع الدول المصدرة للغاز للتعاون والتشاور في مواجهة هذه التحديات وتطويعها إلى فرصة يمكن أن تدعم الاستقرار في الدول المصدرة وفي العالم أجمع من خلال ضمان تزويد العالم بطاقة نظيفة ومستدامة.

المصدر : الجزيرة

إعلان