تخطت 150 مليار دولار.. ما حقيقة الديون في مصر وأثرها على اقتصاد البلاد؟
القاهرة – أعلنت الحكومة المصرية نهاية الأسبوع الماضي، التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد بعد مفاوضات دامت أشهرا، وتبلغ قيمة الدين، المستهدف منه تمويل الموازنة المصرية، 9 مليارات دولار، يمنح منها صندوق النقد الدولي 3 مليارات دولار، ومليار دولار من الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة، و5 مليارات دولار من شركاء التنمية.
ويعتبر هذا القرض خطوة جديدة على طريق الاستدانة الذي اختارته الحكومة في السنوات الأخيرة لرأب صدع الاقتصاد المصري، والإنفاق على مشروعات يختلف الخبراء حول جدواها ومدى أولويتها.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsمصر.. قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي
سعر صرف مرن ومؤشر للجنيه المصري.. ماذا يعني وهل يحميه من التقلبات؟
اقتصاد الظل.. هل تستطيع الحكومة المصرية السيطرة عليه؟
كم يبلغ حجم الديون؟
وفق تقرير البنك المركزي المصري لشهر سبتمبر/ أيلول 2022، وصل حجم الدين الخارجي للبلاد نحو 157.8 مليار دولار، وهو ما يعني أنه زاد بنحو 5 أضعاف مقارنة بالفترة قبل 10 أعوام حيث بلغ في نهاية عام 2012 نحو 34.4 مليار دولار.
ووصل إجمالي الدين المحلي حتى يونيو/ حزيران 2020 إلى 4.7 تريليونات جنيه، (الدولار يعادل 24.17 جنيها).
وخلال مؤتمر صحفي للإعلان عن خطة الدولة لمواجهة الأزمة الاقتصادية، قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إن حجم الدين العام الحكومي وصل إلى نحو 86% من الناتج المحلي الإجمالي.
ما حجم خدمة الدين؟
بحسب بيانات وزارة المالية المصرية، وصلت قيمة مخصصات فوائد الدين بالموازنة العامة للدولة خلال العام المالي الحالي إلى نحو 690.2 مليار جنيه مقابل 579.6 مليار جنيه خلال العام المنصرم، بزيادة تصل نسبتها إلى 19%.
وتمثل مخصصات فوائد الديون نحو 33.3% من إجمالي مصروفات مشروع الموازنة، وبذلك تفوق بأكثر من 5 أمثال مخصصات قطاع الصحة التي تقدر بنحو 128.1 مليار جنيه.
من هم المقرضون الكبار؟
اقترضت مصر من المؤسسات الدولية نحو 52 مليار دولار، وفق البيانات الرسمية، ويعد صندوق النقد الدولي أكبر المانحين الدوليين لمصر بأكثر من 20 مليار دولار، حيث أقرضها 12 مليار دولار بموجب اتفاق تم أواخر عام 2016، وفي أعقاب جائحة كورونا منح القاهرة قرضين آخرين أحدهما على صورة مساعدات عاجلة من خلال أداة التمويل السريع بقيمة 2.77 مليار دولار، والثاني عبر برنامج الاستعداد الائتماني بقيمة 5.4 مليارات دولار.
وتمتلك 4 دول خليجية ودائع دولارية قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل لدى البنك المركزي المصري بقيمة 20 مليار دولار، كما تمتلك المملكة العربية السعودية ودائع بقيمة 10.3 مليارات دولار، وتبلغ قيمة ودائع الإمارات المتحدة 5.7 مليارات دولار، كما تُودع الكويت نحو 4 مليارات دولار.
وتستدين مصر بغية التمويل التنموي نحو 25 مليار دولار، بحسب تصريحات وزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط، وقدمت المؤسسات المالية الأوروبية 7 مليارات يورو في هذا المجال.
وتقدر قيمة السندات الدولية نحو 29 مليار دولار من ديون مصر الخارجية، وتبلغ قيمة السندات على الخزانة نحو 2.5 تريليون والأذون على الخزانة حوالي 1.7 تريليون جنيه، من الديون المحلية.
هل يؤثر تراجع الجنيه في قدرة مصر على سداد ديونها؟
يؤكد الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، عدم وجود علاقة بين المديونية الخارجية للبلاد وتراجع سعر العملة المحلية.
غير أن تخفيض سعر الجنيه يعني أن هناك شحا في العملات الأجنبية لدى البنك المركزي وهذا يدلل على مواجهة مصر مشاكل في تدبير التزاماتها من أقساط وفوائد الدين، وفق قول عبد المطلب للجزيرة نت.
وبلغ احتياطي النقدي الأجنبي في سبتمبر/ أيلول الماضي 33.1 مليار دولار، مقابل نحو 45 مليار دولار في فبراير/ شباط الماضي.
هل تعدت ديون مصر الحدود الآمنة؟
يقول المستشار السابق لصندوق النقد الدولي، فخري الفقي، إن مصر لم تتعد الحدود الآمنة لسداد القروض ولم تتخلف يوما عن سداد التزاماتها المالية.
ويشير -في تصريح صحفي- إلى ما سماه كفاءة سياسة الدين العام التي تعتمد على تنويع مصادر الاقتراض، موضحا أن نحو 90% من الديون عبارة عن ديون متوسطة وطويلة الأجل مما يعني أن فترة السداد تصل حتى 40 عاما.
هل يعزز سعر الصرف المرن الاحتياطي الأجنبي؟
أعلن البنك المركزي المصري، الأسبوع الماضي، تبنى نظام سعر صرف مرن، ليرتبط سعر الصرف قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية الأخرى بقوى العرض والطلب، وبعد 3 أيام فقط من تطبيق نظام سعر الصرف المرن انخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار نحو 22% ليسجل الدولار 24.07 جنيها للشراء، و24.17 جنيها للبيع.
ويتوقف تعزيز الاحتياطي النقدي من خلال السعر المرن للعملة على الإجراءات الحكومية بخصوص أسعار الصرف، حسب قول الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب.
ويؤكد أنه في حالة طرح الدولار بقيمة أعلى في المصارف الرسمية من السوق السوداء سيتنازل المصريون عن العملة الصعبة لصالح الكيانات الرسمية.
ما موقع المواطن من الديون؟
وفق آخر بيانات البنك المركزي المصري، أصبح متوسط نصيب الفرد من الدين الخارجي 1414 دولار.
من جهته، توقع الأكاديمي الاقتصادي، أشرف دوابة، أن تؤدي الديون إلى لجوء الحكومة لمزيد من تعويم العملة المحلية وزيادة الضرائب وزيادة فواتير الخدمات العامة مع تراجع الاهتمام بالبنية التحتية.
ماذا يمكن أن يقدم قرض الصندوق؟
أعلن وزير المالية، محمد معيط، في تصريحات صحفية، أن قرض صندوق النقد الدولي سيستخدم في تدعيم أرصدة الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري، والمقابل منه يستخدم لدعم الموازنة العامة بالعملة المحلية.
وأكد صندوق النقد الدولي -عبر بيان له- أنه يستهدف دعم الميزانية المصرية مع تحفيز تمويل إضافي من شركاء مصر الدوليين والإقليميين، ومعالجة الاقتصاد الكلي، وحماية سبل العيش، ودفع الإصلاحات الهيكلية والحوكمة العميقة إلى الأمام لتعزيز النمو الذي يقوده القطاع الخاص وخلق فرص العمل.
ولا يعول الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي، مصطفى عبد السلام، على قرض الصندوق الدولي لمساعدة الاقتصاد المصري، متهما تلك المؤسسة المالية بتدمير الاقتصادات الوطنية وتعميق سياسة الاعتماد على الغير مما يتسبب في إحداث اضطرابات سياسية واجتماعية داخل الدولة المقترضة.
أما الخبير المصرفي، طلعت شحاتة، فيقول إن تمويلات الصندوق من شأنها توفير سيولة للجهاز المصرفي من النقد الأجنبي وستؤثر بلا شك إيجابيا على الاقتصاد القومي.