انهيارات متتالية لمنصات قطاع التشفير.. "بلوك فاي" تشهر إفلاسها
واشنطن- أعلنت شركة "بلوك فاي" (BlockFi) إحدى أكبر الشركات المقرضة للعملات المشفرة إفلاسها في أول هزة ارتدادية كبيرة نتيجة إفلاس منصة "إف تي إكس" (FTX) أهم بورصة للعملات المشفرة قبل أيام، وفيما بدا أنها عدوى لن تتوقف قريبا في هذا القطاع.
ويتوقع عدد من الخبراء أن يستمر تعرض شركات العملات المشفرة للمزيد من الضربات الكبيرة خلال الفترة القادمة مع غياب ثقة المستثمرين وتفشي أزمه السيولة بين الكثير من الشركات العاملة في هذا القطاع، مما يدفع الكثير منها للإفلاس.
تداعيات انهيار "إف تي إكس"
قبل أكثر من أسبوعين بقليل تقدمت بورصة العملات المشفرة "إف تي إكس" -التي أسسها سام بانكمان فريد لجذب صغار المستثمرين إلى عالم العملات الافتراضية- بطلب لإعلان إفلاسها.
ولاحقا، توقع خبراء العملات الرقمية في وول ستريت والمنظمون الفدراليون حدوث حالة كسقوط الدومينو، متسائلين عما إذا كانت نهاية العملات المشفرة تبدو كحقيقة في الأفق.
وبدأت شركة "بلوك فاي" إجراءات إشهار إفلاسها بموجب الفصل الـ11 في القانون التجاري الأميركي، وهو ما تصور القائمون على الشركة أنه قد يسمح بضخ سيولة جديدة تمكنهم من إنقاذ الشركة.
وتبلغ قيمة أصول "بلوك فاي" ما يزيد قليلا على مليار دولار، فيما تبلغ التزاماتها ما يقارب 10 مليارات دولار.
وفي وقت سابق من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري علقت إدارة الحماية المالية والابتكار في ولاية كاليفورنيا مؤقتا ترخيص "بلوك فاي" لتقديم القروض والسمسرة فيها لمدة 30 يوما في انتظار نتائج التحقيق.
وكانت الشركة قد قامت بالفعل بتسوية الرسوم مع أكبر هيئة تنظيمية في وول ستريت -وهي لجنة الأوراق المالية والبورصات- بقيمة 50 مليون دولار، ووافقت على دفع غرامة إضافية بقيمة 50 مليون دولار لأكثر من 30 هيئة تنظيمية حكومية في فبراير/شباط الماضي.
وقالت هيئة الأوراق المالية والبورصات إن "بلوك فاي" فشلت في تسجيل منتج إقراض العملات المشفرة الخاص بها لدى اللجنة وقللت المخاطر من خلال الإدلاء "ببيان كاذب ومضلل لأكثر من عامين في موقعها على الإنترنت في ما يتعلق بمستوى المخاطر في محفظتها ونشاط الإقراض".
محاولات الإنقاذ بلا جدوى
ودفع انهيار صندوق التحوط للعملات المشفرة "ثري أروز كابيتال" (Three Arrows Capital) إلى اضطرابات أوسع نطاقا في أسواق العملات المشفرة وتسارعت وتيرتها، وهو ما أدى لأزمة السيولة في "بلوك فاي".
وقدمت "بلوك فاي" أسعار فائدة عالية بشكل استثنائي على حسابات تشفير العملاء، وتمكنت من القيام بذلك بفضل الإقراض المشفر (إقراض العملات المشفرة للعملاء إلى شركات التداول مقابل فائدة وضمانات عالية).
وكان صندوق التحوط "ثري أروز كابيتال" من أكبر عملاء "بلوك فاي" المقترضين، وهو ما دفع شركة "بلوك فاي" إلى البحث عن مصدر تمويل خارجي.
وخلال فصل الصيف وافقت "إف تي إكس" على تزويد "بلوك فاي" بتسهيل ائتماني متجدد بقيمة 400 مليون دولار لاستخدامه كدعم مقابل خيار شراء الشركة بقيمة 240 مليون دولار.
وعقب إعلان "إف تي إكس" إفلاسها أوقفت "بلوك فاي" عمليات السحب أمام العملاء مؤقتا، ولم يستطع حاملو أسهمها الوصول إلى أموالهم.
ودفع تدهور سوق العملات المشفرة في بدايات 2022 إلى توقع البعض أن يستطيع سام بانكمان فريد الرئيس التنفيذي السابق لشركة "إف تي إكس" الاستحواذ على شركات التشفير وإنقاذها جميعا.
لكن ما حدث هو انهيار "إف تي إكس" ذاتها، وقامت عدة شركات للعملات المشفرة بعرض نفسها للبيع في مزاد علني الأسبوع الماضي، وأعقب ذلك تقدم شركة "بلوك فاي" بطلب إعلان إفلاسها أمس الاثنين في ولاية نيوجيرسي.
ووصف مارك رينزي المستشار القانوني لشركة "بلوك فاي" ما تشهده أسواق العملات المشفرة بأنه "دوامة الموت". ووفقا لرينزي، فإن العديد من العوامل المتعاقبة دفعت إلى إجبار "بلوك فاي" على الإفلاس، وألقى باللوم على "إف تي إكس" لافتقارها إلى أنظمة مالية أو دراية المخاطر أو مكافحة غسل الأموال أو أنظمة تدقيق.
وفي الوقت ذاته، قال الرئيس التنفيذي لشركة "إف تي إكس" المعين حديثا جون راي إنه لم ير أبدا "مثل هذا الفشل التام في ضوابط الشركات" كما كان الحال في شركته.
تدخل الكونغرس
من ناحية أخرى، أعلنت لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب أنها ستعقد جلسة استماع للتحقيق في الأحداث المتعلقة بانهيار بورصة العملات المشفرة "إف تي إكس" في بيان صدر أمس الاثنين اطلعت عليه الجزيرة نت، إذ قالت رئيسة لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب ماكسين ووترز إن المشرعين حددوا موعدا لجلسة استماع تهدف إلى استكشاف ظروف انهيار "إف تي إكس" يوم 13 ديسمبر/كانون الأول المقبل.