مصر.. انخفاض دخل 91% من العاملين بسبب تداعيات كورونا
تعددت أسباب انخفاض الدخول في فترة الوباء، ومنها فرض الإجراءات الاحترازية، والتعطل، وانخفاض الطلب على النشاط، وتوقف بعض المشاريع نهائيا.
القاهرة – أظهرت دراسة حديثة تراجع دخول أغلب المصريين المشتغلين كأحد تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد التي يعاني منها العالم منذ نحو عامين.
وأوضحت الدراسة الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (جهة حكومية) أن انتشار فيروس كورونا أثر على دخل الأفراد المشتغلين بنسبة 91.3% في حين أن 0.5% فقط زادت دخولهم بسبب الوباء.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبعد أن فشلت مرارا.. هل تنجح خطة الحكومة المصرية في إنهاء ظاهرة "التوكتوك"؟
أسعار العقارات في مصر على موعد مع ارتفاع جديد.. ما الأسباب؟
هجرة نصف الخبرات بسبب كورونا.. خسارة كبيرة للسياحة في مصر
وتعددت أسباب انخفاض الدخول في فترة الوباء، ومنها فرض الإجراءات الاحترازية، والتعطل، وانخفاض الطلب على النشاط، وتوقف بعض المشاريع نهائيا.
وبيّنت الدراسة أن المستويات التعليمية الدنيا هي الأكثر تأثرا بالوباء، في حين جاء الحاصلون على شهادة جامعية باعتبارهم الفئة الأقل تأثرا بتداعيات فيروس كورونا.
وفي يونيو/حزيران 2020، أجريت دراسة مماثلة أظهرت أن 73.5% من المشتغلين قد انخفض دخلهم، وأن أقل من 1% ارتفعت رواتبهم.
وأشارت منظمة العمل الدولية إلى انخفاض الأجور بسبب انتشار الجائحة، مرجحة تراجعا هائلا في الأجور في المستقبل القريب.
وأوضحت المنظمة، في تقرير لها صدر في ديسمبر/كانون الأول 2020، أن دخل العمالة في العالم قد انخفض بنحو 11%، أي ما يعادل 3.5 تريليونات دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2020، مضيفة أن الحكومات لم تقدم المساعدات في الوقت المناسب أو تتخذ تدابير سريعة على صعيد سياسات الحماية الاقتصادية.
رفع الأجور
في مارس/آذار الماضي أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي رفع الحد الأدنى للأجور إلى 2400 جنيه (ما يعادل نحو 150 دولارا)، وفي يناير/كانون الثاني الجاري وجّه بزيادة أخرى للأجور لتبلغ 2700 على أن تحتسب في ميزانية العام 2022-2023.
وصرح وزير المالية المصري، محمد معيط، بأن التوجيهات الرئاسية الخاصة بزيادة الأجور أدت إلى زيادة مخصصات باب الأجور وتعويضات العاملين في قطاعات الدولة إلى نحو 400 مليار جنيه، لتمويل حزمة مالية جديدة تبلغ تكلفتها نحو 45 مليار جنيه في العام المالي 2022-2023.
لكن يبدو أن التحرك الحكومي من أجل رفع الأجور لم يستعد له القطاع الخاص استعدادا كاملا، فقد تقدمت عدد من الشركات لاستثنائها من تطبيق الحد الأدنى للأجور الذي يبلغ 2400 جنيه ويفترض تطبيقه في الشهر الجاري.
وبلغت نسبة العاملين بعقد قانوني بالقطاع الحكومي 99%، ويليها العاملون بالقطاع العام والأعمال العام بنسبة 96.3%، في حين تبلغ النسبة في القطاع الخاص (داخل المنشآت) 29.3%، أما (خارج المنشآت) فتبلغ 1.3%، وفق تقدير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
ذلك يعني أن عددا كبيرا من العاملين بالقطاع الخاص لا يمتلكون عقودا قانونية، ومن ثم لن يكونوا ضمن من يشملهم قرار رفع الحد الأدنى للأجور.
ووفق الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، يبلغ عدد المشتغلين في مصر نحو 27.169 مليون مواطن حتى الربع الثالث من العام الماضي.
وقال نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر وعضو المجلس القومي للأجور، مجدي البدوي، إن عدد الشركات التي تقدمت للمجلس القومي للأجور بطلب استثنائها مؤقتا من القرار الحكومي الخاص بزيادة الرواتب بلغ نحو 3090 شركة.
وأوضح -في تصريحات صحفية- أن الشركات الراغبة في الإعفاء من رفع رواتب العاملين بها تمر بتعثر مالي بسبب جائحة كورونا، لافتا إلى تنوع أنشطة تلك الشركات مثل السياحة والتعليم والمقاولات والأمن والمحالّ التجارية.
وسجل معدل البطالة في مصر ارتفاعا في الربع الثالث من العام الماضي، ليبلغ 7.5%، بنسبة ارتفاع 0.2% عن الربع السابق والربع المماثل من العام الماضي.
إصلاح مستمر
تحت عنوان "في معنى تحريك الحد الأدنى للأجور"، أثنى الكاتب الصحفي عادل السنهوري على التحركات الحكومية للتعامل مع تداعيات أزمة كوورنا.
وقال إن بلاده لم تتوقف في برنامجها الإصلاحي خلال الجائحة، مشيرا إلى استمرار تنفيذ المشروعات القومية الكبرى، وجذب المستثمرين الأجانب، ودعم القطاعات المتضررة مثل السياحة والعمالة الموسمية.
تلك الجهود أسهمت، من وجهة نظر السنهوري، في دفع عجلة الاقتصاد لتحقيق معدلات نمو. واستطرد "نجحت الدولة في إنهاء العام المالي الماضي بمعدل نمو يقترب من 3% مع استهداف معدل نمو العام المالي الجاري 5.4%".
وفي يوليو/تموز الماضي، أصدر صندوق النقد الدولي تقريرا تحت عنوان "مصر تتغلب على صدمة كوفيد"، تحدث عن خطة دعم شاملة دفعت بها الحكومة المصرية من أجل الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.
وأوضح أن الخطة شملت الدعم المالي لمؤسسات الأعمال والعاملين في القطاعات الأشد تضررا مثل السياحة والصناعة التحويلية، وتأجيل سداد الضرائب، وتوسيع برامج التحويلات النقدية إلى الأسر الفقيرة والعاملين غير النظاميين.
وأشار التقرير إلى تقديم صندوق النقد الدولي دعما ماليا للحكومة المصرية قدره 8 مليارات دولار للمساعدة على تلبية الاحتياجات المالية التي نتجت عن الجائحة.
أداء متخاذل
ومن جهته، رأى الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب أن قطاعات كثيرة داخل مصر تضررت ماليا بنسب كبيرة جراء الوباء العالمي.
وضرب مثالا بقطاع السياحة الذي أدى الإغلاق العالمي إلى تضرره بأضرار أدت إلى خسارة كثيرين لمصدر دخلهم، مشيرا إلى أن السياحة قاطرة يتصل بها أكثر من 70 قطاعا مثل الفنادق والمواصلات والمطاعم التي بالتبعية لحقها الضرر.
وقبل جائحة كورونا كانت السياحة تسهم بنحو 12% من إجمالي الناتج المحلي، وتوفر 10% من فرص العمل، و4% من إجمالي الناتج المحلي من الدخل بعملات أجنبية.
وعما إذا كانت الحكومة المصرية قد قامت بإجراءات لحماية العمالة من آثار الوباء، قال عبد المطلب، للجزيرة نت، إن الحكومة رفعت أسعار خدماتها أكثر من مرة في الفترة الماضية، واتخذت قرارات زادت من الصعوبات التي يواجهها المواطن مثل تشديد شروط عمل قطاع البناء والمقاولات.
وأردف "لا يمكن اعتبار المنحة الضئيلة التى مُنحت للعمالة غير المنتظمة، أو إلغاء مصاريف سحب الأموال، أو حتى تأجيل أقساط القروض من قبيل أداء دور الدولة لدورها".
ومنذ أبريل/نيسان 2020 قدمت وزارتا القوى العاملة والمالية دعما ماليا بقيمة 6 مليارات و261 مليون جنيه للعمالة غير المنتظمة من خلال منح تبلغ قيمتها للفرد 500 جنيه على 6 دفعات.
وأما عن مستقبل المشتغلين في ظل أزمة كورونا، فرأى الخبير الاقتصادي أن ما ستشهده المرحلة القادمة على الصعيد الاقتصادي يتوقف على مدى شدة الفيروس وخطورة الإصابة.
وتابع "منذ أيام كانت أوروبا كلها متجهة نحو الإغلاق العام التام من جديد، وفجأة تبدل الحال، وتراجعت دول عدة عن ذلك".
وتوقع عبد المطلب أن تنتهج مصر المسار العالمي في التعامل مع الفيروس من حيث التعايش والانفتاح، وأن ذلك قد يسهم فى زيادة التشغيل وجذب مزيد من الاستثمار، وقد يؤدي إلى عودة النشاط الاقتصادي وزيادة فرص العمل.