هل تنهار سوق العملات الرقمية؟ وكيف يرى الخبراء مستقبلها؟

الخبراء يتوقعون أن يحدث تشتت أكبر بين العملات الرقمية في 2022 نظرًا للصعود الكبير لعدد من العملات، مثل سولانا وأفالانش.

لاتزال العملات المشفرة توفر العديد من الخيارات للمستثمرين
سوق العملات الرقمية خسرت أكثر من تريليون ونصف تريليون دولار من قيمتها (شترستوك)

تشهد سوق العملات الرقمية انهيارًا كبيرًا، خاصة العملتين الأكبر، "بتكوين" (bitcoin) و"إثيريوم" (Ethereum) اللتين شهدتا انخفاضًا ضخمًا في الأسابيع والأشهر التي مضت، في حين يتوقع المحللون الاقتصاديون أن تشهد الأسابيع القادمة مزيدًا من الانهيار.

وتواصل بتكوين تراجعها إلى أدنى مستوى في أكثر من 6 أشهر، بسبب استمرار بيع الأصول العالية المخاطر بوتيرة سريعة في العالم على خلفية الأزمة في أوكرانيا.

وصباح أمس الاثنين ارتفعت بتكوين إلى مستوى 36 ألف دولار لكنها لم تصمد كثيرا.

وهذا التراجع أفقد بتكوين أكثر من نصف تريليون دولار من قيمتها السوقية، مع خسارة العملات الرقمية أكثر من تريليون ونصف تريليون دولار.

وباتت عملة بتكوين متراجعة بأكثر من النصف مقارنة بقيمتها المحققة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عندما قاربت 70 ألفا.

وهناك سبب آخر لما يحدث لعملة بتكوين، فالتوقعات برفع أسعار الفائدة الأميركية في اجتماع الفدرالي اليوم الاثنين وبعد غد يعني تراجع إيرادات الأسهم والعملات والأصول الخطرة كالعملات الرقمية؛ وهذا ما يجعل المستثمرين يتجنبونها حاليا.

 تراجع حاد لعملتي بتكوين وإثيريوم

ونشر موقع فورتشين الأميركي مقالا لمحررته الاقتصادية آني سريدرز، رصدت فيه الانهيار الكبير الذي أصاب سوق العملات الرقمية في الأسابيع والأشهر الماضية، حيث انخفضت العملتان الأكبر، بتكوين وإثيريوم، بنسبة تتجاوز 40%، منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إذ انخفض سعر بتكوين إلى أقل من 37 ألف دولار أميركي، في حين كان في نوفمبر/تشرين الثاني قد بلغ 69 ألف دولار، وفق الموقع.

وأوضحت الكاتبة أن الانخفاضات الكبيرة في أسعار العملات الرقمية مثل بتكوين ليست مفاجئة لمستثمري العملات المشفرة على المدى البعيد، مشيرة إلى أن هناك علامات على تراجع الثقة في الأصول الرقمية القوية، حسب ما قاله جيف دورمان، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "أركا" (Arca) للاستثمار في العملات المشفرة.

ولفتت الكاتبة إلى أن تراجع بتكوين تزامن مع تراجع في السوق كله، لا سيما في الأصول الأكثر خطورة مثل النمو وأسهم التكنولوجيا؛ إذ انخفض مؤشر ناسداك التكنولوجي الثقيل أخيرًا إلى منطقة التصحيح التي عُرّفت على أنها انخفاض بنسبة 10%، مبيّنة أن العلاقة بين بتكوين والأصول مثل أسهم التكنولوجيا ليست اتجاهًا جديدًا.

 ما أسباب الانخفاض؟

استعرضت الكاتبة عددًا من الأسباب التي أدت إلى هذا الانخفاض الكبير في العملات المشفرة، حسب رأي الخبراء الذين أكدوا أن:

  • أحد أهم الأسباب هو سياسات الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي) الذي قرر رفع أسعار الفائدة في اجتماعه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لمواجهة التضخم وهو ما عُدّ تحولًا عكسيًّا في السياسات التي عززت أسعار العملات الرقمية في عام 2020.

ونقلت الكاتبة عن دورمان قوله إن هذا الانهيار الأخير جعل الحجة التي تصنّف عملة بتكوين في أمان من التضخم تتصدع، لافتًا -حسب الكاتبة- إلى أن بتكوين تُتداول الآن على أنها مؤشر للمخاطر الكلية من قِبَل الحكومات والمؤسسات المالية التقليدية، ومؤكدًا أن هذا سيستمر على المدى القصير وإن كان لا يرى أنه سيظل الاعتقاد السائد لمدة طويلة.

  • وأشارت الكاتبة إلى أن أحد الأسباب الأخرى التي أدت إلى انخفاض سعر بتكوين هو أن المتعاملين في سوق العملات الرقمية يفضلون التعامل مع العملات البديلة التي يراهن عليها الناس، مشيرة إلى أن عملات مثل "سولانا" (Solana)، و"بولكدوت" (Polkadot)، و"كاردانو" (Cardano)، و"أفلانش" (Avalanche) في طريقها لتصبح عملات مشفرة رئيسة في منافسة بتكوين وإثيريوم؛ إذ أظهرت هذه العملات نجاحًا في المعاملات في سوق العملات الرقمية على حساب بتكوين، حسب ما أكد إدوارد مويا، كبير محللي السوق في "أواندا" (Oanda) للعملات الرقمية.
  • أضافت الكاتبة في مقالها -نقلًا عن  إدوارد مويا- أن أزمة الطاقة العالمية وتهديد روسيا بحظر استخدام البتكوين من بين الأسباب التي تصعب مهمة بتكوين في تحقيق الاستقرار في السعر والتداول في سوق العملات الرقمية.

توقعات مستقبلية

وفي استقراء للمستقبل، أكدت الكاتبة أن الحديث عما ستؤول إليه سوق العملات المشفرة يعتمد على كل عملة وأدائها بحد ذاتها، فقد قال إدوارد مويا -حسب ما نقلت الكاتبة- إن بتكوين ستظل متقلبة في سعرها في الشهرين المقبلين على الأقل، فقد تبلغ 35 ألف دولار في حد تداولها الأدنى و50 ألف دولار في حد تداولها الأقصى.

مويا بيّن أنه يتوقع أن تستقر بتكوين بعد رفع أسعار الفائدة مرة أخرى من قبل الاحتياطي الفدرالي الأميركي المتوقع في الربع الأول من 2022، وأن تبلغ نهاية العام 60 ألف دولار.

وبخصوص عملة إثيريوم، يتوقع مويا -كما قالت الكاتبة- أن تبلغ في حد تداولها الأقصى هذا العام أكثر من 4 آلاف دولار، ارتفاعًا من سعر 2600 دولار الذي تُتداول عنده حاليًّا، مبينًا أنها تفقد وزنها في السوق حاليًّا لمصلحة عملات أخرى.

ونقلت الكاتبة عن يويا هاساجاوا، محلل سوق التشفير في بورصة العملات المشفرة اليابانية "بيت بانك" (Bitbank)، أنه يتوقع أن تصل بتكوين في حد تداولها الأدنى إلى 28 ألف دولار، لكن يمكن أن تصل مع نهاية العام إلى ما بين 60 إلى 80 ألف دولار، في حين رأى جيف دورمان، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "أركا" للاستثمار في العملات المشفرة، أن انخفاض أسعار بتكوين مبالغ فيه.

وأكدت الكاتبة أن كل عملة رقمية لها أداؤها المنفصل عن أداء العملات الأخرى، مشيرة إلى أن الخبراء يتوقعون أن يحدث تشتت أكبر بين العملات الرقمية في 2022 نظرًا للصعود الكبير لعدد من العملات مثل سولانا وأفالانش.

وبيّنت في الوقت نفسه أن عالم التشفير الرقمي تحدث فيه العديد من المتغيرات بسبب الذعر في السوق الذي يؤدي إلى الهبوط في بعض القطاعات والصعود في قطاعات أخرى.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية