تعرفة جمركية وكهربائية جديدة.. هل تنقذ الأردنيين من أزمتهم الاقتصادية؟

92% من غذاء الأردنيين مستورد من الخارج (الجزيرة)

عمّان- لا يبدو العامل على بسطة الخضار في البلدة القديمة وسط عمان مصطفى السبيعي (34 عاما) مهتما بتفاصيل جداول التعرفة الجمركية الجديدة التي أصدرتها سلطات بلاده قبل أيام، بقدر تأمين إيجار بيته وتدفئة الشتاء.

يقول السبيعي للجزيرة نت إن "أسعار المحروقات -خاصة مادة الكاز وأسطوانة الغاز المستخدمة في التدفئة- مرتفعة جدا"، مضيفا أن "تكاليف الحياة مرتفعة وإيجارات المنازل وفواتير الكهرباء والماء".

وعلى بسطات المواد الغذائية في سوق السكر بمنطقة وسط البلد، تتفقد الأربعينية زينب الرشيد السلع الغذائية المعروضة، وتبحث بينها عما رخص ثمنه وصلح تاريخ إنتاجه للأيام القادمة، وهي لا تتوقع -في حديثها للجزيرة نت- أن "تنخفض أسعار المواد الغذائية، فالتخفيضات الضريبية على الملابس والأحذية وقطع السيارات، أما السلع الغذائية الأساسية من أرز وعدس وسكر وزيوت نباتية فأسعارها مرتفعة جدا".

تداعيات أزمة جائحة كورونا أثرت على الأردن اقتصاديا بشكل كبير، فقد رفعت من نسب البطالة وزادت من شرائح الفقر، وفقد نحو 140 ألف عامل وظائفهم، ورفعت من أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية بسبب ارتفاعها في دول المنشأ والشحن البحري، مما أدى لتراجع القدرات الشرائية للمستهلكين، بحسب مختصين.

تعرفة جمركية

أمام هذا الواقع الاقتصادي الصعب، قرر مجلس الوزراء الأردني إعادة هيكلة التعرفة الجمركية، بهدف تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، وتخفيض كلف الإنتاج والأعمال، وتحسين بيئة الاستثمار وممارسة الأعمال، وتحسين القوة الشرائية للمواطنين.

وأعلن رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة قبل أيام أن جملة هذه الإجراءات ستنعكس بشكل إيجابي على المواطنين كمستهلكين نهائيين لسلع مستوردة، إذ ستخفض الجمارك على العديد من السلع، وستكون قيمة الرسوم الجمركية واضحة على جميع السلع المستوردة.

إعلان

وبموجب القرارات الحكومية، تم تخفيض عدد فئات الرسم الجمركي، لتصبح 4 فئات بدلا من 11 فئة، مع تخفيض نسب الرسوم الجمركية من صفر-40% السابقة، إلى صفر-25% في التعرفة الجديدة.

ووفق الخصاونة، فإن التعرفة الجديدة تساهم في تعزيز القوة الشرائية محليا، بعد أن تأثرت عالميا بركود اقتصادي وأزمات وتضخم في الأسعار وارتفاع أجور الشحن، وذلك من خلال تنشيط القطاع التجاري المحلي، وتوفير العديد من احتياجات المواطنين بأسعار أفضل.

وتشمل قوائم المستوردات المخفضة رسومها الجمركية جملة من السلع، أبرزها الملابس والأحذية وقطع السيارات وألعاب الأطفال ومواد أولية للصناعات الجلدية والحياكة وغيرها.

تداعيات أزمة كورونا رفعت من نسب البطالة وزادت من شرائح الفقر في الأردن (الجزيرة)

سلة الغذاء الأساسية

لكن ماذا بخصوص المواد الغذائية، فهل سيطالها أي تخفيض؟ يجيب عن ذلك المحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي، قائلا إن التخفيض الجمركي عبر التعرفة الجديدة "لن ينعكس على المستهلك الأردني بالشكل الذي تروج له الحكومة، ولن يجد تغيرات سعرية ملموسة، خاصة بالنسبة لسلة المواد الغذائية الأساسية للأردنيين".

مرجعا السبب في ذلك -وفق حديثه للجزيرة نت- إلى أن غالبية تلك السلع معفاة أو مخفضة رسومها الجمركية، ونسبة ضريبة المبيعات عليها صفر%، أو أقل من 4% المبيعات.

وتوقع الدرعاوي أن تشهد الأسواق مزيدا من الارتفاعات في الأسعار، وذلك نتيجة الارتفاعات العالمية من دول الإنتاج بنسب زادت على 200% لعدة أصناف، وارتفاع تكاليف الشحن أضعافا.

ويتوقع خبراء أن تساهم التعرفة الجمركية الجديدة في التخفيف من حدة الارتفاعات العالمية للأسعار بنسب طفيفة، خاصة أن 92% من غذاء الأردنيين مستورد من الخارج.

تعرفة كهربائية جديدة

الإعلان عن التعرفة الجمركية الجديدة تزامن وإعلان وزارة الطاقة الأردنية عن تعرفة جديدة لأسعار الكهرباء، تهدف لتوجيه الدعم الحكومي لمشتركي القطاع المنزلي من الأردنيين وحملة الجوازات المؤقتة وأبناء قطاع غزة المقيمين على أرض المملكة، وتخفيض كلف الطاقة الكهربائية على قطاعات اقتصادية حيوية أبرزها التجارية والصناعية والفندقية والزراعية والصحية، بما ينعكس على أسعار خدماتها وسلعها المقدمة للمواطنين، ويعزز تنافسيتها وقدرتها على النمو المستدام ورفد الاقتصاد الوطني.

وقال وزير الطاقة الأردني صالح الخرابشة -للجزيرة نت- إن المشتركين الأردنيين ممن يقل استهلاكهم المنزلي الشهري عن 600 كيلو واط بالساعة، وبمعدل 50 دينارا (70 دولارا)، لن تتأثر قيمة فواتيرهم بأي ارتفاع، بل سيتم تخفيضها من خلال الدعم المقدم لهذه الشريحة.

وتحقق وزارة الطاقة وفرا ماليا من التعرفة الجديدة بواقع 50 مليون دينار (70 مليون دولار)، سيتم توجيهها لدعم القطاعات الاقتصادية المتنوعة، وستطبق التعرفة الجديدة بدءا من أبريل/نيسان المقبل.

خبراء يتوقعون أن تساهم التعرفة الجمركية الجديدة في التخفيف من حدة الارتفاعات العالمية للأسعار بنسب طفيفة (الجزيرة)

إلغاء تعرفة الذروة

وقال الخبير في القطاع الصناعي موسى الساكت للجزيرة نت إن أهم ما في التعرفة الجديدة للكهرباء هو التخفيف على عدد غير قليل من الصناعات والقطاعات الاقتصادية، وذلك من خلال إلغاء ما يسمى بتعرفة الحمل الأقصى "الذروة"، التي كانت تصل فيها التعرفة إلى أكثر من 2.5 دينار (3.5 دولارات) للكيلو واط ساعة، مضيفا أن التعرفة النهارية للصناعات المتوسطة ستنخفض بمعدل 13%.

إعلان

وأضاف أنه بالنسبة للقطاع الصناعي الصغير، ستنخفض التعرفة بنسب ضئيلة تتراوح ما بين 1.5% إلى 4% بناء على الاستهلاك، أما القطاع الصناعي الكبير والصناعات التعدينية فبقيت التعرفة كما هي، وهذا برأيه قصور من الجهات الممثلة التي لم تستطع توصيل أهمية هذه الصناعات للحكومة، خصوصا أن هذه الصناعات توظف نسبة كبيرة من العمالة الوطنية وحجم صادراتها كبير.

المصدر: الجزيرة

إعلان