فايننشال تايمز: أزمة العملة في أفغانستان تترك الملايين في خطر المجاعة

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" (financial times) الأميركية تقريرا للكاتبين بنيامين باركين وتومي ستوبينغتون، ناقشا فيه تراجع العملة الأفغانية بقرابة الربع منذ استيلاء طالبان على السلطة، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تركت الملايين في الدولة التي تعتمد على الاستيراد في مواجهة خطر المجاعة.
وأشار التقرير إلى أن سعر العملة الأفغانية انخفض إلى 105 أفغانيات مقابل الدولار، بعد أن كانت في حدود 80 أفغانيا قبل دخول طالبان العاصمة كابل في أغسطس/آب، مما يجعلها من بين أسوأ العملات أداء في العالم خلال الأشهر الستة الماضية.
وأوضح التقرير أن انسحاب الولايات المتحدة والقوى المتحالفة معها من أفغانستان أدى إلى وقف التمويل الذي يشكل 80% من ميزانية الحكومة، وتجميد أكثر من 9 مليارات دولار من احتياطيات البنك المركزي، وفرض عقوبات شلت النظام المالي الأفغاني. ونتيجة لذلك، لم تتمكن البنوك من مواصلة العمل على نحو سليم، كما لم تصرف رواتب العاملين في القطاع العام مثل الأطباء والمعلمين.
أزمة إنسانية
ولفت الكاتبان إلى أن تدهور العملة الأفغانية قد أدى إلى تأجيج ما تعتبره وكالات الإغاثة الدولية أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مما دفع أسعار السلع الأساسية إلى ما هو أبعد من قدرة الأفغان اليائسين، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مشكلة انعدام الأمن الغذائي، وهي كارثة تفاقمت بسبب الشتاء القارس.
وبين الكاتبان أنه على امتداد 20 عاما من احتلال الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي منذ عام 2001، أصبح الاقتصاد الأفغاني معتمدا على المساعدات الخارجية وعلى الدولار، حيث نقلت عملة الدولار جوا إلى داخل البلاد، وأجرى المصرف المركزي الأفغاني مزادات منتظمة لدعم عملة الأفغاني، وتعني العقوبات المفروضة أن الأفغان والشركات والمؤسسات العامة معزولون عن المدخرات والعملاء في الخارج والمانحين الدوليين، مما من شأنه أن يفاقم الانكماش الاقتصادي الذي يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ 30%.
وأضاف الكاتبان أن الأمم المتحدة والولايات المتحدة أعلنتا الشهر الماضي عن إعفاءات للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى البلاد، لكن المنتقدين يعتقدون أن العقوبات تهدف إلى معاقبة الأفغان العاديين لا طالبان؛ حيث قال كبير المستشارين في مجموعة الأزمات الدولية غرايم سميث إن "الخنق الاقتصادي الذي يفرضه الغرب هو الذي يخلق الحاجة إلى المساعدة الإنسانية".
وقال شاه محرابي أستاذ الاقتصاد في كلية مونتغمري بولاية ماريلاند، وعضو مجلس إدارة المصرف المركزي الأفغاني -بحسب المقال- "إن وجود مصرف مركزي يعد بمثابة خدمة أساسية لاقتصاد الدولة الحديثة، وأسهل إجراء يمكن اتخاذه هو السماح للمصرف المركزي بالقيام بعمله"، مضيفا: "يجب أن تسمح الولايات المتحدة بعمليات التحويل التي تقدر قيمتها بقرابة 150 مليون دولار شهريا، للسماح للمصرف المركزي باستئناف مزادات العملة وتحقيق استقرار الأسعار".
تجار العملة
وتابع التقرير مبينا أن تجار العملات يوجدون في كل مكان في كابل، حيث يتمركزون قرب إشارات المرور أو يتجمعون في الأسواق، وصرح العديد منهم أنه يتم تهريب الدولارات من البلاد إلى باكستان، التي تضررت أيضا من انخفاض حاد في قيمة العملة؛ حيث قال التاجر محمد ميرزاي (22 عاما) "عندما يرى كبار رجال الأعمال الباكستانيين أن قيمة عملتهم تنخفض، فإنهم يحاولون حينها شراء عملة الدولار، لكن لا توجد قواعد في أفغانستان، فهم يشترون من أفغانستان ويهربون الدولارات إلى باكستان".
علاوة على ذلك، قال بعض المحللين -كما جاء في التقرير- إن عملة الأفغاني قد تدهورت أكثر بالنظر إلى حجم الأزمة، لكن صعوبة الوصول إلى المدخرات هي التي عززت الطلب على السيولة.
وكذلك، قال تشارلي روبرتسون من بنك رينيسانس كابيتال الاستثماري -بحسب ما نقل الكاتبان- إنه في حالات أخرى من الانهيار الاقتصادي، في دول مثل دول الاتحاد السوفياتي السابق أو زيمبابوي، لجأت البنوك المركزية إلى طباعة النقود لدفع فواتيرها، لكن المصرف المركزي الأفغاني اعتمد على الشركات الأجنبية لطباعة الفواتير، مما جعله يفتقر إلى التسهيلات اللازمة للقيام بذلك بنفسه.
وذكر الكاتبان أنه في حين أن الانهيار المحدود نسبيا لعملة الأفغاني قد ساعد في منع التضخم المفرط، فإن ارتفاع الأسعار لا يزال يجعل المواد الغذائية الحيوية باهظة الثمن، مما يزيد من خطر انتشار الجوع على نطاق واسع.