مؤتمر تكنولوجيا المال في قطر: كورونا يسرّع التحول الرقمي ويهدد العمالة التقليدية

جانب من جلسة الخدمات الرقمية في ظل انتشار وباء كورونا
جانب من جلسة الخدمات الرقمية في ظل انتشار وباء كورونا (الجزيرة)

أسهمت جائحة كورونا "كوفيد-19" على مدار العامين الماضيين في تسريع التحول الرقمي المالي ونشر الوعي الثقافي للعملاء، وأظهرت الأهمية البالغة للتكنولوجيا الرقمية في جميع مناحي الحياة، الأمر الذي سيؤثر على العمالة التقليدية.

فالتحول الرقمي كان خيارا لكثير من الحكومات بعد فترات طويلة من الإغلاق والحظر والتباعد، كما كان اختبارا حقيقيا لقدراتها الرقمية وقدرتها على استيعاب العمالة، وهو ما ناقشته إحدى جلسات مؤتمر تكنولوجيا المال "فنتك" في الشرق الأوسط الذي نظمته جميعة المحاسبين القانونيين القطرية.

ويبدو مستقبل العنصر البشري في ضوء التوسع في الخدمات الرقمية غير واضح المعالم، ويرى البعض أنها ستعمل على إلغاء بعض الوظائف التقليدية، في حين يقول آخرون إنها لن تؤثر بشكل كبير على العمالة خاصة في ظل إيجاد نوع جديد من العاملين يتناسب مع التطور الرقمي.

ويؤكد رئيس قسم الاستثمار في بنك قطر للتنمية محمد العمادي أن أزمة جائحة كورونا استفادت منها دولة قطر بشكل جيد في تسريع الأعمال سواء في المؤسسات أو البنوك أو الشركات، عبر الاعتماد على الخدمات الرقمية، معتبرا أنها تسببت في ظهور فرص كبيرة أسهمت بشكل كبير في الاقتصاد، وساعدت على تحسين نموذج الأعمال في شركات كثيرة، فضلا عن التحول إلى الاعتماد على التكنولوجيا بشكل أكبر.

العمادي يرى أن قطر استفادت من أزمة كورونا بشكل جيد في تسريع الأعمال في المؤسسات عبر الاعتماد على الخدمات الرقمية
العمادي استبعد أن تكون هناك تأثيرات سلبية على العنصر البشري (الجزيرة)

ويقول العمادي، في تصريح للجزيرة نت، إنه لن يكون هناك أي تأثير سلبي على العنصر البشري من التوسع في استخدام الخدمات الرقمية، وإنما ستخلق فرص كثيرة سواء للأفراد أو الشركات للاستفادة منها وتقديم خدمات مبتكرة وجديدة.

جانب إيجابي

ويضيف أن مخاطر تطبيق الخدمات الرقمية موجودة في أي تجربة جديدة، ولكن في ظل وجود الحوكمة المناسبة في أي تكنولوجيا فإننا سنتغلب على هذه المخاطر ونستفيد من الجانب الإيجابي للتكنولوجيا ونبتعد عن سلبياتها.

التحدي الكبير في تطبيق الخدمة الرقمية يتمثل في التأقلم السريع من العنصر البشري مع العالم المتغير للتكنولوجيا الذي يتطور بصورة مستمرة وسريعة، وفقا للعمادي.

بدوره، يرى المدير الإقليمي لتطوير الأعمال في الشرق الأوسط لجمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين البريطانية، مالك سري الدين، أن جائحة كورونا أثرت على كل الدول والحكومات وكل القطاعات خاصة المالي في ظل أهمية تكنولوجيا المال "فنتك" ودورها في تسيير الحياة اليومية.

ويقول سري الدين، في تصريح للجزيرة نت، إن الجائحة أسهمت في الوقت نفسه في تقبل العملاء للخدمة الرقمية، إلا أن هناك فجوة كبيرة في قطاع تكنولوجيا المال والخدمات الرقمية ومهارات الموظفين الذين في حاجة ماسة لاكتساب مهارات جديدة لمواكبة التطور الرقمي.

جلسة الخدمات الرقمية في ظل انتشار وباء كورونا شهدت تفاعلا من الحاضرين
جلسة الخدمات الرقمية شهدت تفاعلا من الحاضرين (الجزيرة)

فرص جديدة

ويرى سري الدين أن التوسع في استخدام الخدمات الرقمية واستحداث بعض المصارف للفروع الرقمية من شأنه أن يؤثر بشكل أو بآخر على العنصر البشري دون أن يُحدث بطالة، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن هذا الأمر مثلما سيقلص بعض الفرص، فإنه سيخلق فرصا جديدة.

العنصر البشري هو من ينتج التكنولوجيا الرقمية، وهو من يضع لها القواعد والقوانين، وقد يؤدي استخدامها إلى تقليل العمالة التقليدية، ولكنها سوف تنتج فرص عمل أخرى، خاصة أن التكنولوجيا تحتاج إلى عنصر بشري من أجل إدارتها، وفقا لسري الدين.

التكنولوجيا والتحول الرقمى يهددان باختفاء بعض الوظائف التقليدية في قطاع المال "فنتك" خاصة الإدارية منها، ليحل محلها الذكاء الاصطناعي، والخدمات الإلكترونية عبر الإنترنت، مقابل ظهور نوع جديد من الوظائف التى تواكب الأنظمة الرقمية.

جواد يطالب المجتمع بمحو اميته التكنولوجية لمواكبة الخدمات الرقمية
جواد يطالب المجتمع بمحو أميته التكنولوجية لمواكبة الخدمات الرقمية (الجزيرة)

تسريع التحول

من جانبه، يرى نائب رئيس جمعية المحاسبين العمانية الدكتور محمد رضا جواد أن جائحة كورونا أسهمت بصورة كبيرة في تسريع التحول الرقمي والاعتماد على الأنظمة الرقمية والإلكترونية في ظل انقطاع التواصل بين العالم.

ويقول جواد، في تصريح للجزيرة نت، إن التحول الرقمي والذكاء الاصطناعى سيكون لهما دور في التأثير على الوظائف التقليدية في القطاع المالي في السنوات المقبلة، ولكن بشكل طفيف خاصة عند التعامل المناسب مع الأمر.

واستبعد الاستغناء عن الموارد البشرية تماما لمصلحة الأنظمة الرقمية، متوقعا الاستغناء فقط عن بعض الفئات والمسميات الوظيفية، مع خلق مسميات وفرص جديدة في الوقت نفسه.

وحسب جواد، فإن مخاطر الخدمات الرقمية كثيرة ومتعددة في ظل نقص الخبرة لدى كثيرين، لذلك نحتاج بصورة عاجلة إلى وجود لوائح وقوانين صارمة تطبق على من يخلّ في استخدام هذه الأنظمة.

محو الأمية التكنولوجية

أما عضو جمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية علي عويد فيطالب المجتمع بمحو أميته التكنولوجية من أجل مواكبة التحول الرقمي في مختلف القطاعات خاصة المالي، وعدم التأثر بهذا الأمر في المستقبل والاضطرار إلى فقد الموظف لوظيفته أو مميزاته الوظيفية.

ويقول عويد للجزيرة نت إن استخدام الخدمات الرقمية سوف يؤثر في العنصر البشري بطريقة مختلفة، وسيكون تأثيره فقط على من يجهلون التكنولوجيا، أما من يتقنها فسيكون الطلب عليه أكثر.

ويضيف أن التكنولوجيا مع مرور الوقت ستؤدي إلى اندثار بعض الوظائف التقليدية تدريجيا في المرحلة المقبلة مثل ما حدث من قبل باندثار بعض المهارات والمهن، ومن ثم تحل محلها مهام لها علاقة بالتكنولوجيا.

ويرى أن جائحة كورونا كانت كلمة السر في تسريع التحول الرقمي والاعتماد على الأنظمة الإلكترونية في جميع مناحي الحياة، خاصة في ظل توفيرها للوقت والجهد والمحافظة على السلامة.

المصدر : الجزيرة