فتح الحدود الأردنية السورية.. تطبيع اقتصادي وتقارب سياسي

حجم التبادل التجاري بين الأردن وسوريا بلغ -من بداية العام الجاري 2021 وحتى نهاية يونيو/حزيران الماضي- 66 مليون دولار.

إعادة فتح معبر جابر-نصيب الحدودي بين الأردن وسوريا
الخبراء قدروا قيمة الخسائر التي لحقت بالقطاعات الاقتصادية الأردنية -بسبب إغلاق الحدود نهائيا مع سوريا خلال العقد الماضي- بنحو 20 مليار دولار (الجزيرة)

عمّان – لطالما شكلت الحدود السورية الرئة الشمالية التي تتنفس منها الصادرات الأردنية، سواء غربا باتجاه لبنان، أو شمالا نحو تركيا ودول أوروبا الشرقية وصولا إلى روسيا.

وعلى مدى العقود الماضية شكل معبر "جابر – نصيب" الحدودي شريان حياة للدولتين ودول الجوار، إلا أن الأزمة السورية الدائرة من أكثر من عقد أدت لإغلاق المعبر، وصولا إلى عام 2018 عندما أعيد فتحه بشكل متقطع.

وقدر خبراء قيمة الخسائر التي لحقت بالقطاعات الاقتصادية الأردنية المتنوعة بسبب إغلاق الحدود نهائيا مع سوريا -خلال العقد الماضي- بنحو 20 مليار دولار، شملت الخسائر المقدرة للصادرات الأردنية المتجهة إلى تركيا ولبنان وأوروبا الشرقية، وتوقف أسطول الشاحنات الأردنية عن العمل، إذ كانت 500 شاحنة تعمل يوميا على الخط البري بين البلدين.

وتتشارك الأردن مع وسوريا بمعبرين حدوديين هما "جابر – نصيب" شمال شرق الأردن، ومعبر "الرمثا – درعا" شمال المملكة، ومنذ 2015 أغلق معبر الرمثا نتيجة الأحداث في المدن السورية المحاذية للحدود الأردنية.

بلغة الأرقام

حجم التبادل التجاري بين الأردن وسوريا بلغ من بداية العام الجاري 2021 وحتى نهاية يونيو/حزيران الماضي 47.6 مليون دينار (66 مليون دولار)، إذ سجلت الصادرات الأردنية 27.8 مليون دينار (40 مليون دولار)، بينما بلغت المستوردات 19.8 مليون دينار (28 مليون دولار).

إعلان

أما صناعيا، فسجلت صادرات غرفة صناعة عمّان -خلال الأشهر الثمانية الماضية من العام الجاري- إلى سوريا ارتفاعا بنسبة 16%، مسجلة 55 مليون دينار (77 مليون دولار)، مقابل 48 مليون دينار (67 مليون دولار)، للفترة ذاتها من عام 2019.

بينما سجل حجم التبادل التجاري مع سوريا خلال العام الماضي 2020 ما يزيد على 67 مليون دينار (94 مليون دولار)، مسجل انخفاضا مقارنة مع العام 2019 الذي بلغ 84 مليون دينار (118 مليون دولار).

وبلغت الصادرات الأردنية لسوريا خلال 2020 ما يصل إلى 35 مليون دينار (50 مليون دولار)، مسجلة انخفاضا مقارنة مع عام 2019 الذي سجل تصدير 53 مليون دينار (75 مليون دولار)، بحسب إحصائيات رسمية.

أما المستوردات الأردنية من سوريا فسجلت ارتفاعا خلال العام 2020 لتصل إلى 32 مليون دينار (45 مليون دولار)، مقارنة مع 31 مليون دينار (43 مليون دولار) في 2019.

وقبل بدء الأزمة السورية عام 2011 سجل حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 450 مليون دينار (634 مليون دولار)، إذ سجلت الصادرات الأردنية 181 مليون دينار (255 مليون دولار)، وبلغت المستوردات من سوريا 268 مليون دينار (378 مليون دولار).

معبر جابر . أشيفية من 2018 . الجزيرة . معبر جابر الحدودي محافظة المفرق
الأزمة السورية الدائرة من أكثر من عقد أدت لإغلاق معبر "جابر – نصيب" الحدودي مع الأردن (الجزيرة)

عقبات وقرارات

إن فتح المعبر أمام الحركة التجارية يسهم في رفع وتيرة التبادل التجاري بين البلدين، "لكن إعادة فتح المعبر بحاجة لقرارات حكومية من البلدين بإزالة العقبات القائمة أمام المستوردات السورية، والصادرات الأردنية"، وفق ما يقوله رئيس غرفة تجارة عمّان خليل الحاج توفيق للجزيرة نت.

وأهم تلك المعيقات قرار الحكومة الأردنية السابقة بـ"منع المستوردين من استيراد 1897 سلعة، والسماح باستيراد 3950 سلعة، لكن بموجب رخص استيراد وفرض رسوم حماية، وبخصوص المواد الزراعية المصنعة منعت السلطات استيراد 194 سلعة"، بحسب الحاج توفيق.

إعلان

وقد جاء قرار السلطات الأردنية بمنع استيراد تلك السلع ردا على قرار مماثل للسلطات السورية بمنع استيراد مئات السلع والمنتجات الأردنية، و"معاملة بالمثل"، في حين يأمل القطاع التجاري بتنظيم معرض للمنتجات الأردنية في دمشق خلال الأشهر القادمة.

ويتوقع مزارعون ومصدرون تفعيل الرزنامة الزراعية بين البلدين، بما يسمح بفتح الحدود لنقل الخضار والفواكه من وإلى سوريا ولبنان.

وتتطلع الشركات الأردنية للقيام بدور رئيسي في إعادة إعمار سوريا، وتصدير جملة من الخدمات أبرزها قطاع تكنولوجيا المعلومات، والمواد الأولية والكيميائية، والأدوية وغيرها.

الحدود الاردنية السورية. أشيفية من 2018 . الجزيرة . معبر جابر الحدودي محافظة المفرق
فتح المعبر من شأنه إنعاش الحركة التجارية والسياحية بين البلدين (الجزيرة)

إنعاش وانسيابية

ومن شأن فتح المعبر إنعاش الحركة التجارية والسياحية بين البلدين، وبما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، وزيادة حركة تجارة الترانزيت، وتخفيف التكاليف الإضافية جراء عملية "باك- تو- باك" (back-to-back) وانسياب البضائع بين البلدين، ودول الجوار خاصة لبنان ودول الخليج، وفق مراقبين.

ويرى ضيف الله أبو عاقولة -نقيب أصحاب شركات التخليص ونقل البضائع الأردنية- أن فتح المعبر من شأنه أن "يشجع دول خليجية على نقل بضائعهم من خلال الشاحنات الأردنية، بديلا عن الشحن البحري، مما يفتح فرص عمل لتشغيل أسطول الشحن الأردني".

وطالب أبو عاقولة -في حديثه للجزيرة نت- بتخفيض رسوم عبور الشاحنات بين البلدين من 800 إلى 150 دولارا كما كان معمولا به سابقا، مما يخفف من تكاليف نقل الحاويات وعبور الشاحنات.

ومن المتوقع زيادة حجم الشحن البحري من الهند والصين باتجاه ميناء العقبة، بسبب انخفاض تكاليف الشحن البحري، مقارنة مع الشحن باتجاه ميناء اللاذقية.

وخلال الأشهر الماضية ارتفع حجم البضائع الواردة من العقبة إلى سوريا بنسبة 600%، ويتوقع أبو عاقولة أن تصل إلى 1000% قبل نهاية العام الجاري.

إعلان

وهذه الزيادة تتطلب من دائرة الجمارك وموانئ العقبة تسهيل عملية انسياب بضائع الترانزيت الصادرة والواردة عبر الأراضي الأردنية من وإلى سوريا ولبنان، بحسب نقابة التخليص.

لقاءات رفيعة المستوى

ويأتي قرار فتح المعبر الحدودي بعد سلسلة من اللقاءات الرسمية بين وزراء الدولتين، كان آخرها زيارة 5 وزراء سوريين ولقاء نظرائهم الأردنيين لتعزيز التعاون الاقتصادي بينهما.

واختتمت الزيارة التي استمرت ليومين بلقاء رئيس الوزراء الأردني. وسبقها لقاءات جمعت وزراء خارجية البلدين، ولقاء رئيس هيئة الأركان الأردنية بوزير الدفاع السوري، لتنسيق الأوضاع الأمنية في المحافظات الجنوبية المحاذية للحدود الأردنية.

وتعتزم الأردن تزويد سوريا ولبنان بالغاز الطبيعي والكهرباء، فيما أعلنت الخطوط الملكية الأردنية عودة رحلاتها المباشرة إلى العاصمة السورية دمشق بدء من الثالث من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بعد توقف استمر زهاء 9 أعوام.

المصدر : الجزيرة

إعلان