الغلاء يطحن الإيرانيين والتضخم في ارتفاع مستمر
رئيس اتحاد تجار الأغذية في طهران: أكثر من 50٪ من أعضاء نقابتنا أُجبروا على إغلاق متاجرهم وتغيير وظائفهم بسبب عدم دفع الإيجار
طهران- ناظرا إلى فاتورة مشترياته، يخرج الحاج حسين من معمل التقطير يحمل كيسا يحتوي على 3 لترات من مقطر الأعشاب الطبية -أو كما يسمى بالفارسية "عرقيات"- فسألناه عن سعر عرقيات هذه السنة مقارنة بالعام الماضي، فيجيبنا بإيماءة من رأسه تلوح بالحزن، إذ تضاعف سعرها أكثر من مرة مثل باقي الأشياء.
ويشير الشيخ الستيني إلى أنه -على سبيل المثال- اشترى ماء النعناع بـ250 ألف ريال (بحدود دولار واحد)، ومقطر الهندباء بمئتي ألف ريال، في حين كان سعرهما العام الماضي يبلغ نحو مئة ألف و70 ألف ريال على التوالي.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsإيران.. ماذا يعني اقتصاد المقاومة وهل يمكن أن ينجح رغم العقوبات الأميركية؟
مشروع كلفته مليارا دولار.. إيران تبدأ تصدير نفطها عبر ميناء جاسك على بحر عُمان
نبذة موجزة عن تصدير نفط إيران من ميناء جاسك
وفي العام 2013 وبالتزامن مع بداية رئاسة حسن روحاني، كان سعر الدولار يساوي 32 ألف ريال، ووصل إلى 42 ألف ريال قبل انسحاب الولايات المتحدة من الملف النووي في مايو/ أيار 2018، وفي يومنا هذا يبلغ سعر الدولار الواحد نحو 255 ألف ريال إيراني.
كما أشار شهريور إلى وصول سعر سندويتش الفلافل -طعام الشريحة منخفضة الدخل- إلى 300 ألف ريال بعد أن كان 30 ألف ريال قبل 3 سنوات.
ويبلغ الحد الأدنى لأجور العمال -مع جميع المزايا- نحو 40 مليون ريال، ووفقًا لآخر تقديرات لجنة الأجور التابعة لمجلس عمل البلد، وتبلغ سلة الكفاف لأسرة مكونة من 3.3 أشخاص في طهران مئة مليون ريال.
ويقول الحاج حسين -للجزيرة نت- إنه "يتعين في هذه الظروف الاقتصادية القاسية أن نستهلك أقل من قبل، وأن نغير كمية ونوعية المأكولات والسلة الغذائية، والذهاب للمتاجر الكبيرة التي تقدم الخصومات، والنظر إلى أسعار المنتجات على حساب جودتها".
وبينما كان حميد مع زوجته يشربان "عصير الجزر والبوظة" -أحد المشروبات الصيفية المفضلة لدى الإيرانيين- قال إنه نظرا لارتفاع الأسعار وكذلك إيجار البيوت، اضطر وزوجته للانتقال إلى مناطق أرخص جنوبي المدينة، ولا يمكنهما الذهاب إلى الترفيه أو السينما أو الحفلات في عطلة نهاية الأسبوع، كما في السابق.
وكذلك الأمر بالنسبة لمتين صاحب محل السجاد الذي اشتكي من عدم وجود الزبائن، وكذلك ارتفاع سعر السجاد نحو 150٪ مقارنة بالعام الماضي، كما قال إن معظم الناس يفضلون شراء السجاد بالتقسيط، ولم يعد بإمكانهم الشراء نقدا.
الغلاء والتضخم
التضخم والغلاء ليسا معضلة جديدة للإيرانيين والاقتصاد الإيراني، فهي موجودة دائما منذ عقود ماضية، لكن في الولاية الثانية لرئاسة حسن روحاني وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، اشتد التضخم وأصبح كثير من الناس تحت خط الفقر.
وتظهر أحدث البيانات -الصادرة عن مركز الإحصاء الإيراني- وصول معدل التضخم السنوي في إيران إلى 44.2٪ خلال الشهر الإيراني الماضي، في حين وصل معدل التضخم النقطي (تضخم اليوم قياسا بالتضخم في اليوم والشهر نفسه من العام الماضي) إلى 43.6٪، وهذا يعني أن الإيرانيين أنفقوا في المتوسط 43.6% أكثر من يوليو/تموز 2020 لشراء السلع والخدمات نفسها.
ورغم بيانات مركز الإحصاء الإيراني، إلا أن بعض الخبراء يرون أن نسبة التضخم أعلى من الأرقام المعلنة لمركز الإحصاء.
وصرح يحيى آل اسحاق، وزير التجارة الإيراني الأسبق ورئيس الغرفة المشتركة الإيرانية العراقية، في مارس/آذار الماضي بأن أكثر من 60٪ من الشعب الإيراني دخله منخفض إلى متوسط، ويصل تضخم سبل العيش والإيجار والسكن والملبس والصحة والتعليم لهذه الشريحة من المجتمع إلى 70٪.
كما غرد نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، إحسان خاندوزي، عبر تويتر في مايو/أيار الماضي أن التضخم تجاوز 50٪، قائلاً إنه تم كسر الرقم القياسي للتضخم منذ 75 عامًا في إيران.
الدولار الأميركي والريال الإيراني
تحتل إيران -إلى جانب فنزويلا والسودان وزيمبابوي ولبنان والأرجنتين- المرتبة السادسة في العالم من حيث التضخم المرتفع. وعلى مدى العقود الأربعة الماضية، كانت قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار الأميركي تنخفض باستمرار.
ووصل سعر الصرف الريال الإيراني مقابل الدولار الأميركي من 100 ريال (10 تومانات) مقابل كل دولار عام 1979 (بداية الثورة الإسلامية) إلى 690 ريالا عام 1989، وإلى 6 آلاف و460 ريالا عام 1999.
لكن في عام 2013، بالتزامن مع بداية رئاسة حسن روحاني، كان سعر الدولار يساوي 32 ألف ريال، ووصل إلى 42 ألف ريال قبل انسحاب الولايات المتحدة من الملف النووي في مايو/أيار 2018، وحتى يومنا هذا.
وبحسب تقرير جديد للجمعية الوطنية لحماية حقوق المستهلك، ارتفعت أسعار 12 سلعة أساسية خلال العام الماضي من 85٪ إلى 118٪. ويوضح فحص العناصر الأساسية الموجودة في معظم سلال المستهلك الإيراني بارتفاع أسعار هذه العناصر بين 101 و415% خلال السنوات الأربع الماضية.
وأعلن البنك المركزي الإيراني حديثا عن ارتفاع أسعار السكن في طهران بنسبة 43.7٪ مقارنة بالعام الماضي.
وقال رئيس اتحاد تجار الأغذية في طهران أسد الله أحمدي شهريور "أجبر أكثر من 50٪ من أعضاء نقابتنا على إغلاق متاجرهم وتغيير وظائفهم بسبب عدم دفع الإيجار".
كما أشار شهريور إلى وصول سعر سندويتش الفلافل -طعام الشريحة المنخفضة الدخل- إلى 30 ألف تومان بعد أن كان 3 آلاف تومان قبل 3 سنوات.
خط الفقر
ويبلغ الحد الأدنى لأجور العمال -مع جميع المزايا- نحو 4 ملايين تومان، ووفقًا لآخر تقديرات لجنة الأجور التابعة لمجلس عمل البلد، وصلت سلة الكفاف لأسرة مكونة من 3.3 شخص في طهران إلى حدود 10 ملايين تومان.
وصرح رئيس المعهد العالي لأبحاث الضمان الاجتماعي، روزبه كردوني، في يونيو/حزيران الماضي بارتفاع عدد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر المطلق إلى 30% حتى أوائل 2020 بعد أن كانت 15% في بدايات 2017.
وأكد هذه النسبة محمد هادي سبحانيان، مستشار مركز البحوث البرلمانية وعضو هيئة التدريس بجامعة خارزمي، وأشار إلى أن ما يقارب من 30٪ من الناس أي أكثر من 25 مليون إيراني تحت خط الفقر.
دعم الحكومة
ورغم جهود الحكومة لتوفير السلع الأساسية المدعومة -مثل الماء والكهرباء والغاز والخبز- فضلاً عن الزيادة السنوية في رواتب العمال والموظفين، فإن التضخم المرتفع وانخفاض قيمة العملة الوطنية وارتفاع تكلفة السلع والخدمات جعل المساعدات الحكومية بدون أثر، وتتزايد المشاكل الاقتصادية للعائلات الإيرانية يومًا بعد يوم.
وأدى الغلاء إلى إبعاد الفئات العشرية الدنيا من المجتمع الإيراني عن اللحوم الحمراء والمكسرات وبعض الفواكه من نظامهم الغذائي، وتحمل الكثير من الضغوطات المالية خاصة في إيجار البيوت، والعمل في وظائف ثانية أو ثالثة، إلى جانب وظيفتهم الرئيسية.