مع تغيّر نظام العمل.. حان الوقت للتحدث عن مهارات قيادية جديدة

إذا شعر الموظفون بأنهم موضع ثقة يكونون أكثر انخراطًا ونشاطًا في العمل، ولا يشعرون بالقدر نفسه من الضغوط؛ مما يؤدي إلى مردود أفضل.

نماذج القيادة الحالية ستفقد فاعليتها ما لم تواكب التغيرات التي تحدث حاليا.
نماذج القيادة الحالية ستفقد فاعليتها إذا لم تواكب التغيرات التي تحدث (غيتي)

يشهد نظام العمل اليوم تطورات كثيرة؛ ففرق العمل في المستقبل ستشمل أعضاءً من جميع أنحاء العالم، وسيكون من بينهم موظفون بدوام مؤقت، الذين من المتوقع أن يشكلوا ما يصل إلى نصف القوة العاملة في الولايات المتحدة في العقد المقبل، كما أن بروز العمل عن بعد سيؤدي إلى زيادة الطلب على التوازن بين الحياة المهنية والشخصية.

وفي تقرير نشرته مجلة "فوربس" (FOBES) الأميركية، قال لاري إنغليش إن نماذج القيادة الحالية ستفقد فاعليتها إذا لم تواكب التغيرات التي تحدث حاليا، ولن يكون القادة الذين يصرون على اتباع أسلوب الإدارة الهرمي الذي عفا عليه الزمن قادرين على التنافس والحصول على أفضل المواهب. ولعل ذلك ما تؤكده نتائج الاستطلاعات العالمية الأخيرة التي بيّنت أن معظم الموظفين يريدون مكان عمل مرنا يتبع نظام عمل مختلطا.

وتطرق الكاتب إلى جملة من المهارات الأساسية التي ينبغي على القادة تنميتها وتطويرها لتحقيق النجاح في ظل التطورات الحالية:

اكشف عن شخصيتك لبناء الثقة

تعتمد مراقبة الموظفين عن بعد على أسس مختلفة عما هو معتاد داخل المكتب؛ فاتباع سبل المراقبة القديمة يقوض أهم قاعدة في القيادة الافتراضية الفعالة؛ ألا وهي بناء الثقة.

إعلان

في البداية، أنت بحاجة إلى توظيف موظفين مهرة تثق في قدرتهم على إنجاز العمل، بعدها قم بتقييم أدائهم بناءً على ما حققوه، وليس بناء على عدد الساعات التي حدقوا فيها إلى شاشاتهم.

إذا شعر الموظفون بأنهم موضع ثقة يصبحون أكثر انخراطًا ونشاطًا في العمل، ولا يشعرون بالقدر نفسه من الضغوط، مما يؤدي بدوره إلى مردودية أفضل. وبدل تتبع كل حركة يأتي بها موظفوك عن بعد ضع مقاييس لحساب مخرجاتهم، وأقم مراجعات دورية لتقييم إنتاجهم.

وأكد الكاتب أن بناء الثقة لا يقتصر على تجنب إغراء تتبع عمل الموظفين عن بُعد فحسب، بل يتطلب من القادة الانفتاح عاطفيا على موظفيهم، واتباع نهج إنساني في العمل ومشاركة شخصياتهم وعواطفهم وأخطائهم معهم. على هذا النحو سرعان ما تبنى أواصر الثقة بين الفريق، وسيحذو الموظفون حذو قائدهم، مشكلين بذلك علاقات أعمق وأوثق في ما بينهم.

تعزيز سبل الترابط

عندما يكون جميع الموظفين في المكتب تسنح الفرصة كثيرا للتعرف على باقي الفريق وبناء العلاقات مع من حولك، لكن تلك الفرصة لن تظهر من تلقاء نفسها في ظل العمل الافتراضي. وبصفتك قائدًا، فإن وظيفتك هي سد هذه الفجوة وتغيير طريقة عملك لتشجيع التواصل ومنع العمال عن بُعد من الشعور بالوحدة والانفصال، وبإمكانك فعل ذلك من خلال عدة طرق، منها:

  • خصص وقتًا في بداية الاجتماعات الافتراضية لإجراء محادثة ودية غير متعلقة بالعمل.
  • تفقّد الموظفين بانتظام، إذ تعد الاجتماعات الفردية مع موظفيك أكثر أهمية من أي وقت مضى، لمعرفة إذا كانوا يشعرون بالتواصل والإلهام في عملهم، وكيف تسير حياتهم خارج العمل، وما إنجازاتهم ومشاكلهم.
  • شجع أعضاء الفريق على التواصل مع بعضهم البعض من خلال مجموعة محادثات عبر الإنترنت مثلا.
  • حاول إشراك الموظفين المستقلين في الأنشطة المذكورة أعلاه حتى يشعروا بأنهم أعضاء متساوون وذو قيمة في مؤسستك.
  • صمّم لقاءات تفاعلية وجها لوجه من حين إلى آخر ذات مغزى لتقوية العلاقات التي يتم تكوينها افتراضيا، وركّز على تعزيز ثقافة العمل وتعزيز التزام الموظف بمهمة شركتك.
إعلان

علاوة على ذلك، من المهم التأكد من أن العاملين عن بُعد وفي المكتب يتمتعون بالخبرة نفسها وفرص التقدم ذاتها، لأنك لا ترغب في تكوين فئتين مختلفتين من الموظفين عن غير قصد.

كن الموظف النموذجي

من بين الأسباب التي تجعل الموظفين يحبون العمل عن بُعد هو أنه يمنحهم إمكانية التحكم في جدولهم الزمني وتوازنا أفضل بين حياتهم المهنية والخاصة. ومع ذلك، فإن العديد من الأشخاص الذين يعملون عن بعد يفرطون في العمل لدرجة تتلاشى فيها الحدود بين العمل وحياتهم الخاصة.

بصفتك قائدا، من واجبك أن تكون نموذجا يحتذى به في كيفية التوفيق بين عملك وحياتك الشخصية، كما تستطيع أن تظهر للموظفين أنه من المقبول أخذ فترات راحة، وأنه لا يُتوقع منهم الرد على رسائل البريد الإلكتروني والمحادثات في جميع ساعات اليوم.

أطلق العنان للجهد الاستثنائي

يتمثل الجهد الاستثنائي في تأدية الموظفين مهمات تتجاوز الواجبات الأساسية للوظيفة، وهو ما يحدث عندما يشعر الموظفون بالحماس تجاه عملهم وتجاه الشركة، إذ يساعد الجهد الاستثنائي على تحديد الفرق الضعيفة من الفرق المتميزة.

وأشار الكاتب إلى أن أكبر خطأ ترتكبه الشركات هو معاملة أي شخص لا يعمل بدوام كامل على أنه ليس موظفا أساسيا. وبدل ذلك يجدر بالشركات تقديم دعم كبير للموظفين المستقلين والموظفين الذين يعملون بالساعة، ومدهم بالأدوات اللازمة لأداء مهامهم والاعتراف بجهودهم، تمامًا كما لو كانوا يعملون بدوام كامل.

من المهم أيضًا ربط جميع العاملين -بغض النظر عن وضعهم – بمهمة الشركة الأساسية. وعندما يشعر الموظفون بأن عملهم له معنى، فإنهم يبذلون المزيد من الجهد، ويشعرون بمزيد من الرضا عن وظائفهم، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية واحتفاظهم بوظائفهم.

استثمر في أدوات الجودة

أكد الكاتب أهمية استخدام الأدوات المناسبة لتحسين الكفاءة وتمكين العمل غير المتزامن وتعزيز الثقافة، ولا تنتهي وظيفة القائد بالاستثمار في هذه الأدوات، بل يجب عليه أيضًا أن يكون قدوة في استخدامها. فعلى سبيل المثال، يجب أن تجعل نفسك متاحا في منصات الدردشة بوصف ذلك نوعا من "باب الحوار المفتوح" الافتراضي.

إعلان

إذا كنت لا ترى فرق عملك شخصيا كل يوم، فقد يكون من الصعب اكتشاف المشكلات في وقت مبكر. تتطلب قيادة الفرق الموزعة عن بُعد نموذجًا جديدًا للقيادة، يعتمد على الثقة والعلاقات الحقيقية والحفاظ على التواصل والشمولية والتوازن بين العمل والحياة الخاصة. في المقابل، القادة الذين لا يتابعون بنشاط المهارات اللازمة لعالم العمل الجديد لن يكونوا مستعدين لإلهام فرقهم من أجل تحقيق النجاح في المستقبل.

المصدر : الصحافة الأميركية

إعلان