طرح تاريخي.. بورصة مصر تترقب إدراج العاصمة الإدارية فهل تكون الطريق معبدة؟

تأمل الحكومة المصرية بدء نقل ما بين 40 و50 ألف موظف للعاصمة الإدارية نهاية العام الجاري، وتضم المرحلة الأولى حيا حكوميا وحيا دبلوماسيا وسكنيا وآخر للأعمال، ومن المخطط أن تستوعب 6.5 ملايين نسمة عند اكتمال بناء جميع مراحلها.

جانب من العمارات السكنية في العاصمة الإدارية الجديدة
جانب من العمارات السكنية في العاصمة الإدارية الجديدة (مواقع التواصل الاجتماعي)

القاهرة- خلّف قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخاص بطرح شركة العاصمة الإدارية الجديدة بالبورصة المصرية، أصداء واسعة على المستوى المحلي والدولي في عالم المال والاقتصاد على اعتبار أنه سيكون الأكبر من نوعه في تاريخ البلاد.

وكشف السيسي يوم السبت الماضي عن خطة الحكومة لطرح الشركة المالكة للعاصمة الإدارية الجديدة في سوق المال، والواقعة على بعد 45 كيلومترا من القاهرة، في أقرب فرصة ممكنة، بحيث تكون الأموال السائلة للشركة في البنوك مئة مليار جنيه (6.4 مليارات دولار)، وتوقع أن تتعدى أصول الشركة خلال العامين القادمين 3 إلى 4 تريليونات جنيه.

وكرر مجددا أن الدولة -في إشارة إلى موازنتها العامة- لم تتحمل قرشا واحدا، حيث تبلغ تكلفة المرحلة الأولى من المشروع الذي يتضمن 3 مراحل 25 مليار دولار، بحسب المتحدث باسم العاصمة الجديدة العميد خالد الحسيني.

قرار مفاجئ

القرار الذي أُعلن عنه كان مفاجئا، خاصة وأن هذه هي المرة الأولى التي يتم الكشف عنه، في وقت لم تتم فيه الإشارة إليه من قبل المسؤولين عن المشروع أو الحكوميين في وقت سابق.

وتعود ملكية الشركة إلى القوات المسلحة وهيئة المجتمعات العمرانية.

 

طرح دولي

في اليوم التالي لتصريحات السيسي، أعرب رئيس مجلس إدارة الشركة اللواء أحمد زكي عابدين عن أمله في أن يكون طرح الشركة في البورصة "هو الأكبر في تاريخ مصر"، مشيرا إلى أنهم "في مرحلة التخطيط الآن ويمكن بدء إجراءات اختيار المستشارين وتحديد حجم العرض في أوائل العام المقبل".

ولم يستبعد عابدين في تصريحات صحفية لوكالة "بلومبيرغ" (Bloomberg) الأميركية أن يتجاوز الطرحُ البورصةَ المصرية، قائلا "من المحتمل جدا (طرح الشركة) في سوق دولية أخرى أيضا.. نحن ندرس هذا الخيار".

وكان أكبر طرح عام أولي في مصر جرى في عام 2005 من قبل المصرية للاتصالات عندما جمعت 5.1 مليارات جنيه.

وفي فبراير/شباط 2016، أصدر السيسي قرارا جمهوريا بتخصيص الأراضي الواقعة جنوب طريق القاهرة-السويس (700 كيلومتر مربع) لإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمراني لصالح جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة.

وتملك القوات المسلحة 51% من الشركة التي تأسست يوم 21 أبريل/نيسان 2016 بالشراكة بين هيئة المجتمعات العمرانية (حكومية) بنسبة 49%، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة بنسبة 29.4%، وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة بنسبة 21.6%.

عقبات

قرار الطرح في البورصة، حسب خبراء اقتصاد تحدثوا إلى الجزيرة نت، يحتاج إلى الكثير من الإجراءات الرئيسية على رأسها الكشف والإفصاح عن موازنة الشركة وبياناتها المالية التي لا تزال غير معروفة حتى الآن، وهي عقبة توقع البعض تجاوزها.

وفي هذا الصدد، قال وكيل لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب ياسر عمر إن موازنة الشركة المزمع طرحها في البورصة لا يمكن الاطلاع عليها، لأن هيكل ملكية الشركة يشمل جهات تابعة للقوات المسلحة، مثل جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، بالإضافة إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التابعة لوزارة الإسكان.

وأوضح في تصريحات صحفية أن هذا الأمر "يعني أن ما ينطبق على موازنة القوات المسلحة من قواعد ينطبق على موازنة شركة العاصمة الإدارية، وكما لا يمكن لمجلس النواب مراجعة تفاصيل موازنة القوات المسلحة، فلا يمكنه الاطلاع على موازنة شركة العاصمة الإدارية".

وهو ما أشار إليه الخبير الاقتصادي ورئيس منتدى التنمية والقيمة المضافة الدكتور أحمد خزيم في تعليقه قائلا "هناك إجراءات قانونية ومالية لا بد أن تتم قبل قيد وطرح أسهم الشركة في البورصة"، مشيراً إلى أنه "لا توجد أي بيانات عن موازنة وهيكل الشركة حتى الآن".

وأضاف في تصريحات للجزيرة نت أن هذا القرار قد يتغير خلال العامين القادمين وقد يكون الهدف منه هو الترويج لعملية الانتقال المرتقب للعاصمة الإدارية نهاية العام الجاري، موضحا أن الحكومة سبق أن أعلنت خلال السنوات الثلاث الماضية عن عزمها طرح جزء من شركاتها، وانقضت المدة دون الالتزام بتعهداتها.

وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت في مارس/آذار 2018 عزمها طرح نسب من أسهم 23 شركة مملوكة للدولة في سوق المال في إطار برنامج لجمع 80 مليار جنيه في فترة تتراوح بين 24 و30 شهرا، لكن لم يتم طرح سوى 4.5% من أسهم الشركة الشرقية للدخان في 2019.

جذب الاستثمارات

أشاد الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب السفير جمال بيومي بقرار الطرح، واعتبر أن الهدف منه هو "جذب استثمارات مالية محلية ودولية من أجل تمويل مشروعات جديدة في العاصمة الإدارية".

وأكد في حديثه إلى الجزيرة نت أن موازنة الدولة -كما أشار السيسي- لم تتحمل أي أعباء مالية لأن شركة العاصمة الإدارية تمول نفسها بنفسها من خلال بيع الأراضي، وتستخدم إيرادات البيع في عملية الإنشاءات.

وأعرب عن اعتقاده بأن العقبة المتعلقة بالإجراءات القانونية والمالية للشركة سيتم التغلب عليها بسهولة ما دامت توجد رغبة وإرادة سياسية لطرحها في سوق المال.

وتأمل الحكومة المصرية في بدء نقل ما بين 40 و50 ألف موظف إلى العاصمة نهاية العام الجاري، وتضم المرحلة الأولى حيا حكوميا وحيا دبلوماسيا وسكنيا وآخر للأعمال، ومن المخطط أن تستوعب 6.5 ملايين نسمة عند اكتمال بناء جميع مراحلها.

تنشيط الاقتصاد المصري

من جهته اعتبر المهندس محمد عبد الرؤوف عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، أن "بناء المدن الجديدة ساهم بشكل كبير في الحفاظ على قوة الاقتصاد المصري، وتنشيط عشرات الصناعات المرتبطة بعمليات البناء، وبالتالي تشغيل الكثير من المصانع والعمالة".

وتوقع أن ينعكس طرح أسهم من شركة العاصمة الإدارية في البورصة على تنشيط الاقتصاد وعمليات البناء من خلال استغلال العوائد المالية في مشروعات أخرى داخل العاصمة الإدارية الجديدة، لافتا إلى أنه من الأفضل طرح مشاريع الدولة في البورصة وفتح الباب أمام الشركات والأفراد للاستثمار.

من شأن الطرح أن يكون له كبير الأثر على البورصة المصرية، بحسب ما أكده رئيس البورصة المصرية الدكتور محمد فريد، إذ إن طرح شركات مملوكة للدولة يساهم في تنمية أسواقها المالية، وسيكون له مردود كبير.

وأضاف خلال مداخلة هاتفية بأحد برامج قناة صدى البلد الفضائية، أن طرح الشركات في البورصة نقلة نوعية في حجم الأصول المتاحة للمواطنين، ويسهم في جذب فئات جديدة من المستثمرين.

المصدر : الجزيرة