الحرارة تلهب المصريين لكنها تفتح أبوابا للرزق

ساهمت الرغبة في التخلص من الحرارة في إنعاش العديد من المنتجات بينها مراوح تبريد الهواء (الجزيرة)

القاهرة- مصائب قوم عند قوم فوائد، في الوقت الذي أزعج فيه ارتفاع درجات حرارة الصيف غالبية المصريين بمن فيهم عشاق هذا الفصل الحار، استقبله آخرون بكثير من السرور والترحاب لأنه سيكون أحد أهم أسباب رواج بضاعتهم ومنتجاتهم.

وساعدت أشعة الشمس الحارة منذ الصباح الباكر حتى وقت متأخر من المساء في تشجيع الكثير من المصريين على الفرار من المنازل المختنقة بالحرارة والرطوبة إلى الشواطئ على البحرين الأبيض والأحمر، أو على ضفاف النيل الممتد بطول البلاد.

وساهمت رغبة التخلص من الحرارة في انتعاش قطاع السياحة الداخلي (السياحة الصيفية) الذي أصيب بالركود منذ بدء تفشي جائحة كورونا، من جهة، وفي رواج بضائع ومنتجات مصانع وشركات ومحلات العصائر والمرطبات والمثلجات وغيرها من شركات أجهزة التبريد.

وكشفت هيئة الأرصاد الجوية أن هذا الصيف هو الأسخن منذ 5 سنوات، إذ ارتفعت درجات الحرارة ما بين 3 و4 درجات مئوية، أعلى من المعدلات الطبيعية، وفق التقارير الصادرة عن الهيئة والمنظمة العالمية للأرصاد.

وأوضحت الهيئة في بيان لها، الأسبوع الماضي، أنها حصلت على هذه الأرقام بعد الدراسة المناخية الناتجة عن قاعدة البيانات المسجلة من المحطات التابعة للهيئة العامة للأرصاد الجوية في مختلف محافظات الجمهورية، خلال النصف الأول من فصل الصيف.

ويبدو أن هذا الارتفاع ليس مؤقتا بل سيكون دائما، إذ أشارت تقديرات للأمم المتحدة أن منطقة المتوسط ستشهد في العقود المقبلة ارتفاع درجات الحرارة 20% أعلى من المتوسط العالمي بسبب التغيرات المناخية المتوقعة.

جوانب منعشة

الجانب الإيجابي في هذه الطقس السيئ أن حر فصل الصيف أنعش إشغالات الفنادق، بحسب موقع "إيكونومي بلس" المهتم بالشؤون الاقتصادية في مصر، مشيرا إلى أن نسبة الإشغالات في بعض المناطق وصلت إلى الحد الأقصى الذي حددته الحكومة في ظل إجراءات مواجهة تداعيات تفشي فيروس كورونا.

وتوقعَ تقرير لشركة كوليرز إنترناشيونال (كندا) أن تعكس الأرقام الخاصة بالمنتجعات الساحلية في مصر نظرة متفائلة نحو بداية التعافي من الوباء، إذ يتوقع أن تزيد نسبة الإشغال في الغردقة مثلا لتصل إلى 51%، حيث تعد الوجهة الوحيدة التي شهدت نموا مضاعفا بنسبة 112%.

كما سترتفع نسبة إشغالات الفنادق بالقاهرة إلى 49% بمعدل نمو 79% والإسكندرية إلى 57% بمعدل نمو 26%، وأخيرا شرم الشيخ 43% بمعدل نمو 88%، وهي نسب تعكس حالة التعافي بحسب التقرير.

نسبة الإشغالات في بعض المناطق بمصر وصلت إلى الحد الأقصى (الجزيرة)

واعتبر عضو مجلس الاتحاد للغرف السياحية علي غنيم أن ارتفاع درجات الحرارة زاد من نسب إشغالات الفنادق، مشيرا إلى أن الأسعار المبالغ فيها للإقامة في الساحل الشمالي دفع الكثير من المصريين للتوجه إلى الغردقة وشرم الشيخ على البحر الأحمر.

وأرجع سبب انتعاش السياحة -في تصريحات للجزيرة نت- إلى أن تكاليف الإقامة في الفنادق والشاليهات رخيصة مقارنة بالأسعار المرتفعة في الخارج أو في الساحل الشمالي بسبب التنافس بين الشركات، مما أعطى المنشآت السياحية هناك فرصة للانتعاش.

مصائب قوم

كان للمصانع وشركات ومحلات العصائر والمرطبات والمثلجات والمقاهي نصيب الأسد في انتعاش ورواج بضائعهم ومنتجاتهم، بعد تراجع نسب المبيعات عقب جائحة كورونا، والإجراءات الاحترازية التي فرضتها الحكومة.

وزاد البحث في الأسواق عن مبردات المياه وأجهزة التبريد والمراوح، بحسب أحد مندوبي تلك الشركات في أسواق المرشدي بالشيخ زايد في محافظة الجيزة، لمواجهة الطقس الحار والرطوبة الزائدة شهور الصيف.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن هذا أصبح أحد أكثر الأقسام عملا مع زيادة ضغوط المشترين الباحثين عن أفضل الأنواع وأوفرها ثمنا وتوفيرا لاستهلاك الكهرباء خاصة مع زيادة فواتير الكهرباء لأرقام كبيرة.

ويقول صاحب محل عصائر "جنة الفواكه" إن إقبال المارة على العصائر كبير لترطيب أجسادهم، ومواجهة موجات الحر الشديد، وتعويض نقص السوائل، وهذه فترة الذروة في العام وتستمر حتى منتصف سبتمبر/أيلول.

وبشأن أكثر العصائر إقبالا، يوضح -في حديثه للجزيرة نت- أن الإقبال أكثر ما يكون على عصير القصب الذي يتراوح سعره بين 3 و5 جنيهات، وعصير البرتقال ويتراوح سعره من 5 إلى 10 جنيهات، إلى جانب التمر الهندي والرمان والدوم ولكن بأسعار أعلى. (الدولار يعادل 15.72جنيها)

لكنه أشار إلى غياب أهم عصير في موسم الصيف، وهو المانغو، بسبب عدم توافره في الأسواق نتيجة تعرض زراعته إلى تقلبات جوية شديدة في مارس/آذار الماضي، ويقول "ارتفاع ثمن أقل كيلو مانغو إلى 25 جنيها جعل من الصعب اعتباره مشروبا عاديا".

كان للمصانع وشركات ومحلات العصائر والمرطبات والمقاهي نصيب الأسد في انتعاش بضائعهم (الجزيرة)

أي العصائر أفضل للحر؟

واعتبر أستاذ التغذية والمدير التنفيذي لمركز معلومات الأمن الغذائي، الدكتور محمد سيد مسعود، أن مصائب قوم عند قوم فوائد، ودعا إلى "الإكثار من شرب السوائل والحرص على أن تكون طبيعية وخاصة المياه".

وأكد -في تصريحات للجزيرة نت- أن التغيرات المناخية الجديدة سوف تتسم بالاستمرارية وستؤدي إلى زيادة درجات الحرارة وعليه "ننصح بتناول العصائر الطبيعية والتي يعد من أفضلها عصير الليمون مع النعناع، وكلاهما يحتويان على مضادات للأكسدة وفيتامين سي ويساعدان على زيادة رطوبة الجسم وتحمل درجات الحرارة".

وحذر مسعود من أنه يجب عدم الانتظار للوصول إلى مرحلة العطش، والإكثار من شرب المياه، والتقليل من شرب المنبهات مثل القهوة والنسكافيه والشاي والمياه الغازية لأنها تحتوي على مادة الكافيين وبالتالي فهي مشروبات مدرة للبول وتساعد على الشعور بالعطش.

وختم الخبير التغذية حديثه بالقول إن نقص المياه يؤدي إلى تركيز الأملاح في الدم والتسبب في أمراض الضغط، وفي حال وجود دهون مرتفعة قد يؤدي الأمر إلى حدوث جلطات، كما يجب التركيز على تناول الفواكه مثل البطيخ والكنتالوب والشمام والخضراوات التي تحتوي على كميات مياه كبيرة.

المصدر : الجزيرة