التجارة الإلكترونية في مصر.. شكاوى متعددة بسبب الإعلانات المخادعة

التجارة الإلكترونية في الوطن العربي بلغت أخيرا 12 مليار دولار سنويا وتحتل مصر المرتبة الثالثة فيها.

طرق لتوفير المال عند التسوق عبر الإنترنتOnline shopping.
منصات البيع الإلكترونية تمثل فرصة للشباب الذين لا يملكون أموالا لفتح مجال لبيع السلع (غيتي)

القاهرة – صورة براقة وباهرة للمنتج وسعر خيالي، كتب تحتها "بادر بالحجز قبل نفاد الكمية والسعر بعد مدة محدودة"، هكذا تأتي مضامين معظم الإعلانات على منصات البيع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي ممثلة إغراءات للزبائن، فيسارعون بالحجز خوفا من عدم اللحاق بالفرصة، حسب قول الفتاة المصرية ميادة التي وقعت فريسة لإحدى هذه الإعلانات.

وتزداد شكاوى المصريين يوما بعد يوم من الشراء عبر الإنترنت، وكثرت النصائح بين الأصدقاء والأقارب بالابتعاد عن الشراء عبر منصات البيع الإلكترونية لسببين رئيسين، الأول هو تباين الأسعار مع كل عميل عن غيره، والثاني هو أن مواصفات المنتج لا تكون مطابقة لما رآه في الصورة أو الفيديو الذي يسوّق للمنتج.

فما أهم هذه الشكاوى، وما أهم النصائح لتجنب الوقوع في فخ هذه الإعلانات، وما رأي المعلنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟

وما مستقبل هذه التجارة في مصر وهل تؤثر الشكاوى في توسعها؟ وما دور الحكومة في هذه السوق المتنامية بسرعة حسب الإحصائيات الرسمية؟

إعلانات مخادعة

تقول ميادة (23 عاما): لقد أغراني إعلان على صفحة فيسبوك يعرض أحذية رياضية من خلال صور وفيديو، فتواصلت مع الصفحة المعلنة، وجاءني الرد فورا محددا السعر الذي وجدته فعلا رخيصا جدا مقارنة بالأسعار التي نراها بالمحال المتخصصة.

إعلان

وعندما أبلغتهم أني سأشتري نهاية الشهر أخبرني من يحادثني أن العرض سينتهى خلال أيام وربما الكمية ستنفد أيضا، فدبرت المبلغ سريعا وجاءني المنتج عبر شركة شحن فدفعت ثمنه وقيمة الشحن وغادر المندوب، هكذا قالت ميادة للجزيرة نت.

الحقيقة أن شكل الحذاء -تكمل ميادة- أنيق ويقارب ما عرض في الصور والفيديو لكنه لم يكمل أياما حتى وجدته قد تفسخ من جانبيه وانقلب شكله وتغير لونه إلى داكن، فتواصلت مع الصفحة فأخبروني أنهم سيرسلون بديلا له، ولكنهم لم يرسلوا وما عادوا يردون علي من الأساس.

وهو ما حدث مع نجلاء (42 عاما) التي اشترت زيتا للشعر المجعد لها ولابنتها لتكتشف أنه وهم، وأن كل ما قيل وجاء بالفيديو الذي عرضته الصفحة البائعة للمنتج من أن الزيت سيسهم في فك التجعايد بسهولة ويجعله سهل التمشيط محض خيال.

هل تكون التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا والخدمات الخاصة الرابح الأكبر جراء كوفيد-19؟ من بيكسابي
شكاوى المصريين تزداد يوما بعد يوم من الشراء عبر الإنترنت (مواقع التواصل الاجتماعي)

أسعار متباينة

مشكلة أخرى واجهها صلاح توفيق الذي اشترى مجموعة "قمصان" من إحدى الصفحات ليكتشف أن صديقا له اشتراها من الصفحة نفسها بسعر أقل، وهنا فهم لماذا تشترط هذه الشركات أن السعر يرسل في الرسائل الخاصة، حيث يمكن بالتفاوض الحصول على سعر أقل دون أن يعلم بقية المشترين.

ويذكر أن قانون حماية المستهلك رقم 181 لعام 2018 شدد على ضرورة توفر سعر المنتج خلال العرض، ومن يخالف ذلك تقع عليه غرامة، تبدأ من 10 آلاف جنيه، حتى مليون جنيه.

وشكاوى أخرى كثيرة لمواطنين استطلعت الجزيرة نت آراءهم وتكرر معهم ما قيل من نجلاء وميادة وتوفيق، مع اختلاف السلع، وجميعهم لم يتمكنوا من استرداد ما دفعوه أو حتى استبداله بآخر جيد، ونصحوا كل المصريين بتجنب الشراء "أونلاين" حتى لو كان السعر مغريا.

نصائح عند الشراء

صبري حميد صاحب إحدى الصفحات التي تبيع منتجاتها على الإنترنت، يؤكد أنه تجب التفرقة بين أصحاب الشركات القائمة بالفعل وتستخدم فيسبوك أو غيره من مواقع التواصل كإحدى أدواتها للتسويق، والذين لا يملكون سوى صفحة على الموقع، فالأولى هي شركة لها مقرّ وعنوان معروف وأرقام هواتف وتقدم خدمات ما بعد البيع، بعكس البائعين العشوائيين الذين يملكون صفحات من السهل تغييرها وتغيير أرقام هواتفهم.

إعلان

ونصح حميد، في حواره مع الجزيرة نت، المواطنين الراغبين بشراء منتجات "أونلاين" بالتحقق من وجود عنوان للشركة العارضة وهواتف ثابتة وغالبا ما يكون للشركة موقع إلكتروني، وغير ذلك فليس هناك أي ضمانة للسلع المشتراة.

ويؤكد خبير التسويق الإلكتروني بهاء الشاهد أن التسويق عبر صفحات ومجموعات الفيسبوك له مزاياه مثل ما له من عيوب، أبرزها التسويق لمنتج مختلف عن المنتج الذي يباع من حيث المواصفات والجودة، فضلا عن أن بعض السلع تكون مجهولة المصدر.

ولكن ذلك لا ينفي أن بعض الصفحات تقدم منتجات جيدة بالفعل، بخاصة تلك التابعة لشركات متخصصة في المجال الذي تعمل به، بل هناك كثير من ربّات المنازل أصبحن يعملن من خلال مثل هذه الصفحات، ويكنّ وسيطات لشركات ذات مصداقية وتبيع سلعا جيدة، لكسب دخل إضافي يساعدن به في مصروفات المنزل، على حدّ قول الشاهد للجزيرة نت.

قانون حماية المستهلك في مصر شدد على ضرورة توفر سعر المنتج خلال العرض (بيكسلز)

12 مليار دولار في العالم العربي

من ناحية أخرى استبعد الخبير الاقتصادي الدكتور وائل النحاس أن يكون لعمليات الغش أو الاحتيال من بعض التجار الإلكترونيين تأثير كبير في انطلاق وتوسع التجارة الإلكترونية في مصر، بخاصة أن هذه المشكلات تواجه تلك التجارة في العالم كله ولكنها تمر، ناصحا المواطن بتوخي الحذر عند التعامل سواء بالبيع أو الشراء عبر منصات التسويق الإلكتروني.

وحمل النحاس، في حواره مع الجزيرة نت، الدولة أيضا مسؤولية التدخل لترخيص هذه المنصات، بخاصة أنها بصدد فرض ضرائب القيمة المضافة على تلك العمليات فتكون مسؤوليتها في التعرف على ممارسي هذا النشاط، ويمكن مراقبته من خلال شركات وشبكات الاتصالات التي توفر بيانات الإنترنت.

وأشار إلى أن التجارة الإلكترونية في الوطن العربي بلغت أخيرا 12 مليار دولار سنويا تحتل مصر فيها المرتبة الثالثة بعد الإمارات والسعودية، مؤكدا أن منصات البيع الإلكترونية تمثل فرصة للشباب الذين لا يملكون أموالا لفتح مجال لبيع السلع وهي بذلك تبتلع جزءا لا بأس به من البطالة، وعلى الدولة تشجيع ذلك وتنظيمه.

إعلان

مكاسب للدولة

في حين يرى المحلل والخبير القانوني عمر الأصمعي أن التجارة الإلكترونية تتيح للمستهلك اختيار ما يناسبه من حيث الجودة والسعر، فضلا عن أنها تتيح للعملاء عرض سلعهم المستخدمة للبيع بسعر أقل من الأصلي كنوع من تسهيل تبادل الخدمات والسلع بين الجمهور.

وأكد خلال تصريحات صحفية ضرورة وضع آليات محددة للتجارة الإلكترونية لأنه لو وضعت الأسس لتنظيم ذلك النشاط ستتحصل الدولة على أكثر من 8 إلى 10 مليارات جنيه لأن تلك التجارة تعدّ اقتصادا غير معلوم لا تعرف الدولة عنه شيئا ويتم في الخفاء.

حجم التجارة الرسمي

وأعلن رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية الدكتور إبراهيم عشماوي أن حجم سوق التجارة الإلكترونية الرسمية طبقا لآخر إحصائية أنجزت عام 2018 بلغ 3.6 ملايين دولار، وبعد جائحة كورونا 4.8 ملايين دولار، أي ما يقارب 80 مليار جنيه مصري.

وأضاف -خلال افتتاحه الدورة الثانية من قمة لتجارة التجزئة- أنه مع مراعاة الصفحات غير الرسمية للبيع والشراء على منصات التواصل الاجتماعي ربما يقفز الرقم إلى 5 أضعاف، أي نحو 400 مليون جنيه (الدولار أقل قليلا من 16 جنيها).

المصدر : الجزيرة

إعلان