أردوغان دشّنها.. 7 أسئلة تشرح قصة قناة إسطنبول وأهميتها الاقتصادية

المشروع بدأ عمليا أمس السبت حينما وضع أردوغان حجر الأساس لأول جسور "قناة إسطنبول"، وصبّ عمال البناء الإسمنت على أساسات الجسر الذي يبلغ طوله 1.6 كيلومتر.

دشّن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "مشروعه المجنون" قناة إسطنبول (الأناضول)

أنقرة- بعد تأجيله مرات عدة، وفي تحدٍّ واضح لانتقادات خارجية واعتراضات داخلية من أحزاب سياسية وأكاديميين وجنرالات عسكرية، دشّن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "مشروعه المجنون" قناة إسطنبول، الذي سيربط بحر مرمرة بالبحر الأسود، في خطوة ستغير وجه النقل البري والبحري في تركيا والعالم.

وتصدّر النقاش بشأن موضوع القناة مواقع التواصل الاجتماعي والعناوين الرئيسة بالبرامج السياسية في كل القنوات التركية.

"الجزيرة نت" تقدم بالأرقام معلومات تفصيلية عبر إجابتها عن الأسئلة المثارة عن المشروع الأضخم في تركيا:

1- ما طبيعة قناة إسطنبول المائية وحدودها؟

هي مجرى مائي مواز لمضيق البوسفور، على بُعد 30 كيلومترا منه، وتمتد من بحيرة كوجوك جكمجه، وهي بحيرة طبيعية في بحر مرمرة، إلى الغرب من إسطنبول، وتمتد شمالا إلى سد سازليديري، ثم قرية شاملار، وصولا إلى البحر الأسود، وذلك بطول يبلغ 45 كيلومترا، وعرض قاعدتها 275 مترا على الأقل، في حين سيكون عمقها نحو 21 مترا، وأظهرت الدراسات أن قناة إسطنبول ستكون أكثر أمانا 13 مرة من مضيق البوسفور من حيث السلامة الملاحية.

ومشروع القناة يتضمن بناء 6 جسور، ستكون متصلة بشبكات النقل البري الرئيسة الموجودة حاليا.

2- متى ينطلق المشروع ومتى ينتهي؟

المشروع بدأ عمليا أمس السبت حينما وضع أردوغان حجر الأساس لأول جسور "قناة إسطنبول"، وصبّ عمال البناء الإسمنت على أساسات الجسر الذي يبلغ طوله 1.6 كيلومتر، وسينتهي المشروع خلال العام 2027 بناء على تصريح أردوغان أمس، إذ قال فيه إن تنفيذ مشروع القناة سيستغرق 6 سنوات.

وكانت تعتزم أنقرة وضع حجر الأساس للمشروع مطلع عام 2020، ولكنه أُجّل بسبب حالة الإغلاق التي عمّت البلاد نتيجة انتشار وباء كورونا.

3- ما أهميتها الاقتصادية ودورها في دعم التجارة التركية مع الخارج؟

ستحوّل قناة إسطنبول مضيق البوسفور التاريخي إلى خط ثانوي للتجارة البحرية مقارنة بالقناة الجديدة التي ستجتذب السفن والناقلات العملاقة.

ووفقا للمعلومات فإن القناة ستمنح تركيا أفضلية تنافسية كبيرة في تجارة النقل الدولي التي يمر أكثر من 75% منها عبر البحار.

وسيخفف المشروع الضغط على قناة البوسفور في الشرق، التي تعدّ من أكثر الممرات المائية ازدحاما وتشهد كثافة ملاحية هي الأعلى على الصعيد العالمي.

وتبلغ قيمة المشروع 25 مليار دولار بواقع 15 مليارا لشق القناة و10 مليارات دولار للإنشاءات المجاورة له.

وأثرت خطط المشروع في أسعار الأراضي المحيطة بالقناة، إذ ارتفع سعر المتر المربع من الأرض في قرية شاملار من 6.5 دولارات إلى 184 دولارا، وفي مناطق أخرى بلغ سعر المتر المربع 800 دولار بعد أن كان 25 دولارا.

4- ما الإيرادات المنتظرة منها؟

تظهر تقديرات اقتصادية تركية أن مشروع قناة إسطنبول المائية سيدرّ أرباحا مالية كبيرة على تركيا تعوّضها عن الأموال التي حرمتها اتفاقية مونترو من تحصيلها.

وتقول التقارير الرسمية التركية إن القناة الموازية ستدرّ على تركيا نحو 8 مليارات دولار سنويا، تسهم في تعويضها عن 10 مليارات دولار حُرمت منها بفعل تسعيرة المرور المخفضة عن السفن التي تعبر مضيق البوسفور.

وتشير البيانات إلى أن عائدات القناة الجديدة ستغطي خلال عامين فقط تكاليف المشروع، وتنبع القيمة الأهم للقناة من عدم خضوعها لاتفاقية مونترو، وذلك يسمح لتركيا بتحصيل 5.5 دولارات عن كل طن من البضائع وحمولات السفن التي تعبرها يوميا.

وحسب المخططات الهيكلية، فإن خط الضواحي الريفية الواصل بين شمالي ووسط غربي إسطنبول سينتقل نقلة عمرانية كبرى، حيث ستصبح بعد انتهاء المشروع جزءا من مدينة جديدة مساحتها 7.5 ملايين متر مربع بجوار 450 مليون متر مربع من الشواطئ والكورنيش، و147 مليونا من الحدائق والمتنزهات المترامية على شاطئي القناة.

5- ما علاقتها باتفاقية مونترو؟

رئيس أركان القوات البحرية التركية السابق، الأميرال جهاد يايجي، قال للجزيرة نت إن قناة إسطنبول لن تؤثر في اتفاقية مونترو، وستخضع السفن التي ستمر عبر القناة لقيود الاتفاقية المتعلقة بالنوع والحمولة وما إلى ذلك، ولكن قد تخضع السفن لتسعيرة خاصة، وهذا حق سيادي لتركيا.

وفضلا عن ذلك، هناك مسألة أخرى مهمة هي أن القنوات والجزر الاصطناعية تعامل معاملة الإقليم البري في القانون البحري، وهذا يعني أن إنشاء تركيا مشروع قناة إسطنبول في بحر مرمرة -وهو بحر داخلي- لا يمثّل خطرا على اتفاقية مونترو، وهو في الوقت نفسه حق سيادي لتركيا.

مراسم وضع حجر الأساس لأول جسر على "قناة إسطنبول"
سينتهي المشروع خلال عام 2027 بناء على تصريح أردوغان أمس السبت (الأناضول)

وترجع اتفاقية مونترو إلى عام 1936، وتسمح للسفن التابعة للدول المطلة على البحر الأسود بحرية المرور والوجود في حوض البحر الأسود، أما السفن التابعة لدول خارج حوض البحر الأسود فيُسمح لها بالوجود مدة 3 أسابيع.

وحسب ما نقلت وكالة رويترز عن الدبلوماسي التركي السابق سنان أولغين، فإن قناة إسطنبول تثير مخاوف موسكو بشأن استخدامها لأغراض عسكرية، وقد تفتح الباب لوجود السفن الحربية الأميركية في البحر الأسود.

6- لماذا يصرّ الرئيس رجب طيب أردوغان على القناة وما علاقتها بخطة العدالة والتنمية الاقتصادية؟

تعدّ القناة أحد المشروعات العملاقة التي واكبت ظهور "رؤية 2023" التي اعتمدها حزب العدالة والتنمية كخطة متوسطة المدى، ترمي تركيا بها إلى احتلال مركز بين أقوى 10 دول في العالم بحلول الذكرى السنوية الـ100 لتأسيس الجمهورية الحديثة.

وكان أردوغان قال "يلجؤون إلى كل الوسائل لمنع تحقيق هذا المشروع الذي يحظى بأهمية إستراتيجية وسيترك بصمته في القرن المقبل في إسطنبول وبلادنا"، مضيفا "لم ولن نسمح لأي قوة بالحيلولة دون تنفيذ مشروع القناة".

ويؤكد خبراء أن إصرار الرئيس أردوغان على القناة ينبع من اعتقاده بضرورة التخلص التام من الهيمنة على بلاده وخططه لذلك، وخير دليل العمل بجدٍّ على تحقيق الاكتفاء الذاتي في الصناعات الدفاعية، فقناة إسطنبول ستتحكم تركيا بها تحكمًا كاملا اقتصاديا وسياسيا على عكس مضيق البوسفور.

7- ماذا عن التحذيرات منها والخلافات بشأنها؟

رغم أن الحكومة التركية تقول إن القناة الجديدة ستخفف العبء الملاحي عن مضيق البوسفور، وتقلل من الانبعاثات والمخلفات التي قد تضرّ بالمناطق الأثرية والتراثية المحيطة، فإن المعارضة ترى أن القناة ستعزل المنطقة الأثرية في إسطنبول وتحولها إلى جزيرة.

ويعارض رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو خطط حفر القناة، ووصفها بأنها "مشروع كارثي سيتسبب في مجزرة بيئية".

وفي وقت سابق، طالب أكثر من 100 ضابط متقاعد بالتراجع عن تنفيذ مشروع قناة إسطنبول الذي طرحته الحكومة.

ويخشى المعارضون أن عمليات الحفر ستخلّ بتماسك التربة على جانبي القناة، فيلحق الضرر بمخزون المياه الجوفية، ويتسبب في انهيارات أرضية واحتمال حدوث زلازل.

ومن المتوقع أن تتسبب الاستثمارات حول القناة في زيادة تعداد سكان إسطنبول بنحو 1.2 مليون نسمة، وهو ما يتعارض مع الخطط الحكومية بإبقاء تعداد المدينة المكتظة عند 16 مليون نسمة.

المصدر : الجزيرة