بلغت تكلفتها 100 مليار دولار.. هل حسنت مشروعات البنية التحتية حياة المصريين؟

صورة1 لم يشعر الفقراء بمشروعات البنية التحتية وفق خبراء - تصوير زميل مصور صحفي ومسموح باستخدام الصورة
لم يشعر الفقراء بمشروعات البنية التحتية وفق خبراء (الجزيرة)

القاهرة– بدايات الشهر الجاري، أتمَّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي 7 سنوات في منصبه حاكما للبلاد، وعلى مدى الأيام الماضية توالت التصريحات الحكومية المعددة لإنجازات المرحلة، آخرها ما قالته وزيرة التخطيط هالة السعيد بشأن المبالغ المخصصة لمشروعات البنية التحتية.

وخلال حكم السيسي، ضخت الحكومة المصرية مبالغ ضخمة على البنية التحتية للبلاد تجاوزت 1.7 تريليون جنيه (أي ما يزيد على 100 مليار دولار)، وفق تأكيد وزير التخطيط.

وأشارت السعيد- خلال حوارها في برنامج "الحقيقة" على شاشة إكسترا نيوز (Extra news)- إلى تنفيذ مشروعات ضخمة في قطاعي النقل والكهرباء، أدت إلى تحسين جودة حياة المصريين، بحسب قولها.

ورغم أن حديث الوزيرة يشير إلى مبالغ طائلة أنفقت لأجل البنية التحتية، فإن الأرقام الحكومية المعلنة تبدو متواضعة أمام ما أعلن عنه السيسي قبل نحو عامين.

وخلال مؤتمر "استثمر في أفريقيا 2019″، قال الرئيس المصري إن بلاده أنفقت نحو 4 تريليونات جنيه (ما يزيد على 250 مليار دولار) خلال السنوات الماضية على البنية التحتية، ولم يحدد عدد السنوات التي أنفقت فيها هذه المبالغ الطائلة.

ويشير مصطلح البنية التحتية إلى الخدمات والتجهيزات الأساسية الملموسة التي يحتاجها المجتمع، مثل شبكات الطرق والصرف الصحي وتمديدات المياه وخطوط الهاتف والكهرباء.

حاجة التجديد

ظلت البنية التحتية على مدى عشرات السنين دون تجديد، مما أدى إلى تهالكها، هذا السبب -وفق وزيرة التخطيط المصرية- هو ما اضطر الحكومة للتحرك وضخ مليارات الدولار في هذا القطاع.

واستطردت "تقدمت مصر أكثر من 50 مركزا في البنية التحتية، بقينا (أصبحنا) رقم 55 عالميًا، الكهرباء كانت بتتقطع بالنص يوم واليوم، والحمد لله بقى عندنا فائض من الكهرباء وبقت مصر الأولى عربيا في الطاقة الجديدة والمتجددة"، على حد قولها.

ووفق المادة 78 من الدستور المصري، تكفل الدولة للمواطنين الحق فى المسكن الملائم والآمن والصحي، بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية.

وتلتزم الدولة بوضع خطة وطنية للإسكان، تراعي الخصوصية البيئية، وتنظيم استخدام أراضي الدولة ومدها بالمرافق الأساسية، فى إطار تخطيط عمرانى شامل للمدن والقرى وإستراتجية لتوزيع السكان، بما يحقق الصالح العام وتحسين نوعية الحياة للمواطنين.

صورة2 إنشاء الطرق من أهم مشروعات البنية التحتية التي لاقت اهتمام الحكومة المصرية- تصوير زميل مصور صحفي ومسموح باستخدام الصورة
إنشاء الطرق من أهم مشروعات البنية التحتية التي لاقت اهتمام الحكومة المصرية (الجزيرة)

تطوير

وبحسب دراسة أعدها المركز المصري لدراسات السياسات العامة (غير حكومي) عام 2019 تحت عنوان "الإنفاق علي البنية التحتية بين الوضع الراهن والمأمول"، فإن عام 2014 هو بداية مشروع تطوير البنية التحتية الذي انطلق بالمشروع القومي للكهرباء، من خلال إنشاء عدة محطات جديدة لتوليد الطاقة.

وأشارت الدراسة إلى المشروع القومي للطرق الذي وصل حجم العمل فيه إلى 1110 كيلومترات، بتكلفة 22 مليار جنيه (نحو 1.5 مليار دولار)، إلى جانب إنشاء الكباري العلوية والمحاور بما يعادل 62% من إجمالي شبكة الطرق في مصر.

ووفق أحدث بيانات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة (رسمية)، تم الانتهاء من تنفيذ 4500 كلم بالمرحلتين الأولى والثانية ضمن المشروع القومي للطرق، وجار تنفيذ 1300 كلم بالمرحلة الثالثة، إلى جانب الانتهاء من تنفيذ 7 محاور، وصيانة ورفع كفاءة 5 آلاف كيلومتر من الطرق الحالية.

وأشارت هيئة الاستثمار إلى تطوير قطاع السكة الحديد من خلال تنفيذ 12 مشروعا، من ضمنها بناء سكة حديد بطول 6 آلاف كيلومتر، لربط صعيد مصر بالسودان وتسهيل حركة الصادرات المصرية بين البلدين.

وفي مجال الطاقة، نقلت هيئة الاستثمار عن تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الصادر عن البنك الدولي، تحسن ترتيب مصر في مؤشر الحصول على الكهرباء من المركز 145 عام 2015 إلى المركز 96 عام 2019، ثم إلى المركز 77 عام 2020.

ونقلت صحيفة الأهرام المصرية عن وزيرة التخطيط تحقيق مصر تحسنا في نتائج مؤشر التنافسية العالمي لعام 2019 مقارنة بمؤشر عام 2018، حيث احتلت المركز 93 من ضمن 141 دولة عام 2019.

وفيما يتعلق بمحور البنية التحتية، أشارت الوزيرة إلى تقدم مصر 4 مراكز لتحتل المرتبة 52 عام 2019 مقارنة بالمرتبة 56 عام 2018، موضحة أن المحور يتضمن عدة مؤشرات فرعية هي: مؤشر مدى الحصول على مياه شرب آمنة، وجودة الطرق، وجودة خدمة القطارات.

أرقام مقبولة

من جهته، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب إن من الصعب تأكيد أو نفي التصريحات الحكومية الخاصة بالمبالغ المنفقة على البنية التحتية.

غير أنه -في حديثه للجزيرة نت- أوضح أن بيانات الموازنة العامة تشير إلى تنفيذ الحكومة استثمارات بمتوسط 13 مليار دولار في العام الواحد، "مما يعني أن الحديث عن أن ما تم ضخه من استثمارات حكومية خلال 7 سنوات يصل إلى 100 مليار دولار، يكاد يكون مقبولا، إذا أضفنا الإنفاق المتوقع لهذا العام".

وأشار عبد المطلب إلى أن الاستثمارات في قطاعات البنية التحتية ساهمت بشكل كبير فى تحسين حياة عدد كبير من المصريين "لكن ليس غالبية المصريين"، بحسب قوله.

وأردف "هناك من يشعر براحة كبيرة عند سفره من القاهرة إلى المدن الساحلية الجديدة، حيث تم تطوير الطرق وشق طرق جديدة ساهمت فى اختصار المسافة والزمن، وهناك من يشعر بالسعادة لإمكانية تسوية مدفوعاته فى أي وقت إلكترونيا".

لكن هذه الراحة الناتجة عن تطوير البنية التحتية تقابلها زيادة أسعار الخدمات والسلع التى تقدمها الدولة، مثل أسعار الوقود والكهرباء، وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أعباء غالبية المواطنين، وارتفع أعداد الفقراء، بحسب رؤية الخبير الاقتصادي.

وطبقا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (جهة رسمية)، فقد سجل معدل الفقر في مصر 29.7% في العام المالي الماضي 2020/2019.

صورة3تعمل الحكومة على رفع كفاءة 5 ألاف كم من الطرق الحالية -تصوير المراسل
تعمل الحكومة على رفع كفاءة 5 آلاف كيلومتر من الطرق الحالية (الجزيرة)

​الدفع مقابل الخدمة

وفي هذا الإطار، يبدو التساؤل بشأن الموارد التي تنفق من خلالها الحكومة على البنية التحتية، خاصة أن ضخامة المبالغ المخصصة تأتي في ظل اقتصاد يعاني من الاستدانة.

من جهته، تحدث مصطفى شاهين أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأميركية عن حصول الحكومة على ثمن الخدمات التي تقدمها مرتين.

وأوضح -في حديثه للجزيرة نت- أن المواطن يدفع ضرائب باهظة للحصول على الخدمات، لكنه يجد نفسه مجبرا على دفع قيمة الخدمة على شكل فواتير مرتفعة.

واستطرد بأن "المواطن يدفع فواتير باهظة مقابل الكهرباء، ويدفع رسوما مرتفعة لاستخراج رخصة القيادة ووثائق الشهر العقاري وغيرها من المستندات الرسمية، كما يدفع مقابل المرور عبر بوابات الطرق".

وأضاف شاهين أن الأصل هو أن تستخدم الحكومة عائد الضرائب للإنفاق على البنية التحتية، "لكن للأسف عائدات الضرائب تذهب لسداد المديونيات".

وكانت مصر حصلت من صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 12 مليار دولار مقسم على 6 شرائح (دفعات)، وتسلمت آخر شريحة في يوليو/تموز 2019.

وفي يونيو/حزيران 2020، أعلن صندوق النقد الدولي موافقته على صرف قرض جديد لمصر بقيمة 5.2 مليارات دولار، وقبل ذلك بشهر واحد كانت القاهرة حصلت على تمويل طارئ من قبل الصندوق بقيمة 2.8 مليار دولار، لمواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد.

وعن فائدة مشروعات البنية التحتية، أشار أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأميركية إلى تحسن المعيشة بفعل الإنفاق على المشروعات، خاصة المعنية بتحسين خدمات الطرق.

وأضاف أن هذه المشروعات عادت بالنفع على أصحاب الثروات في البلاد، أما الفقراء في الريف والصعيد فما زالت معاناتهم المعيشية مستمرة.

وأوضح أن القطاعين الأساسيين لأي اقتصاد هما الزراعة والصناعة، لافتا إلى تقدم قطاع الخدمات عليهما بالاهتمام الحكومي في مصر.

المصدر : الجزيرة