خلال كلمته بالجلسة الافتتاحية.. الشيخ تميم يؤكد أن منتدى قطر الاقتصادي يمثل بداية مرحلة ما بعد كورونا

أكد أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن منتدى قطر الاقتصادي يمثل انطلاقة لسلسلة من المنتديات الرامية إلى إثراء الحوار حول الاقتصاد العالمي والانتقال إلى مرحلة مع بعد "كوفيد 19" معبرا عن ثقته بأن النسخة الأولى من المنتدى ستشكل إضافة نوعية للجهود المشتركة بين الدول والمجتمعات، والتعاون بينها وبين قطاع الأعمال في مواجهة كافة التحديات وبناء مستقبل أفضل للشعوب.

وقال الشيخ تميم -في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمنتدى الذي أنطلق اليوم الاثنين عبر الاتصال المرئي بالتعاون مع بلومبيرغ ويستمر لمدة 3 أيام- إن الاجتماع اليوم يعقد في خضم المواجهة مع جائحة "كوفيد-19" والتي شكلت تحديا خطيرا وغير مسبوق للإنسانية جمعاء على كافة الأصعدة "بما في ذلك المجال الاقتصادي حيث دارت نقاشات لا حد لها حول المفاضلة الوهمية بين صحة الناس وصحة الاقتصاد، وطغت الضبابية على توقعات المؤسسات الدولية بشأن الآفاق المستقبلية للاقتصاد العالمي".

وأشار الأمير إلى أنه على الرغم من ذلك، فإن صندوق النقد الدولي قد أوضح في تقريره الصادر في أبريل/نيسان 2021 إلى أن الاقتصاد العالمي سيحقق نمواً قدره 6% العام الحالي و4.4% عام 2022، لافتا إلى أن هذا التفاؤل يعزى إلى التعافي النسبي لعدد من القطاعات الاقتصادية الحيوية خلال العام الجاري نتيجة خطط التحفيز المالي التي اعتمدتها العديد من الدول لدعم اقتصاداتها، مدفوعة بتطور حملات التطعيم حول العالم، مع الإشارة إلى عدم المساواة في توزيع اللقاح.

وأوضح الشيخ تميم أن تكيف المجتمعات مع ظروف الجائحة أدى إلى تطور كبير في التكنولوجيا الرقمية بما في ذلك إتاحة فرص العمل والتعليم عن بعد على نحو غير مسبوق، لافتا إلى أن ذلك سيكون له شأن في اقتصاديات ما بعد الجائحة أيضا.

افتتاح منتدى قطر الاقتصادي وسط مشاركة كبيرة (الجزيرة)

أسئلة كبرى

وتابع أمير دولة قطر أن الجائحة أعادت طرح أسئلة كبرى متعلقة بعلاقة المجتمعات الحديثة بالطبيعة، وتوقعات المجتمع من الدولة في شأن سياسات الصحة العامة، وعلاقة الدولة بالاقتصاد، والتعاون العالمي في مواجهة التحديات العابرة لحدود الدول والقوميات والثقافات، مثل الأوبئة والتغير المناخي والفقر وقضايا اللاجئين.

وأوضح الشيخ تميم آل ثاني أن هذه الأسئلة أثبتت مرة أخرى أنه لا غنى عن دور الدولة بعد أن نعاه العديد من الخبراء في عهد العولمة، فكما في حالة الأزمة المالية الأخيرة في العامين 2008 و2009 تبين أن توقعات المجتمعات في حالة الجائحة موجهة نحو الدولة، "وأن دور الدولة لا غنى عنه".

وأضاف أنه ثبت أنه لا يمكن التغلب على تحديات كهذه بالاعتماد على جهود الدولة الوطنية فحسب، فجهود المواجهة لا بد أن تشمل المجتمع المدني وقطاع الأعمال، ويجب أن تكون منسقة عالميا، وكذلك الاستثمار في الأبحاث وتوقع الأوبئة القادمة وإنتاج اللقاحات وتوزيعها.

وأكد الأمير أن دولة قطر لم تأل جهدا في الاستجابة السريعة لمواجهة التداعيات الخطيرة للجائحة، حيث تم اعتماد إستراتيجية تقوم على 3 محاور أساسية تتمثل في حماية كافة أفراد المجتمع عبر تعزيز القطاع الطبي، ولا سيما قطاع الصحة العامة، وتقديم الدعم اللازم للاقتصاد للحد من التأثيرات السلبية للجائحة، والمساهمة في الجهود الدولية للتصدي للفيروس من خلال تقديم المساعدات للدول والمنظمات الدولية المعنية.

سياسة مرنة

وتابع الشيخ تميم بن حمد أنه وبناء على هذه الإستراتيجية "اعتمدنا برنامجا وطنيا للتطعيم ضد الفيروس، وتخطى البرنامج مؤخرا عدد المليونين و800 ألف جرعة، حيث حصل على اللقاح، إلى اليوم، ما نسبته تقريبا 65% من السكان، كما تم التوجيه باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للحد من التبعات الاقتصادية للجائحة وتقديم دعم للقطاع الخاص المتضرر مقداره 75 مليار ريال قطري.

وأضاف أن قطر اعتمدت سياسة مرنة وغير متطرفة في إجراءات الفتح والإغلاق، لتكون نهجا رئيسيا في التعامل مع الوضع الراهن "بناء على تجاربنا السابقة" في مواجهة الأزمات حيث شكل التفكير الاستباقي وسرعة التأقلم مع مختلف المتغيرات ركيزة أساسية لتحقيق التقدم في خطط وبرامج التنمية، ولا سيما بتعزيز الاعتماد على الذات قدر الإمكان في المجالات الحيوية، واعتماد التنويع الاقتصادي ودعم القطاع الخاص وتحفيز الاستثمار لتحقيق الرؤية الوطنية.

وأشار الأمير إلى أن بلاده استعدت للمرحلة القادمة بالحرص على انتهاج سياسة اقتصادية متوازنة عبر مواصلة توسعة مشروع الغاز في حقل الشمال بهدف زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال بنسبة 40% بحلول عام 2026، الذي ستستخدم عائداته في تعزيز الاستثمارات لصالح الأجيال القادمة، مما سيسهم في تنويع مصادر الدخل، لافتا إلى دعم القطاعات غير النفطية والتي تجاوزت مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي 61% بالأسعار الثابتة عام 2020.

كلمة الأمير تميم في منتدى قطر الاقتصادي تحت شعار "آفاق جديدة للغد"
الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يلقي كلمته أمام الجلسة الافتتاحية لمنتدى قطر الاقتصادي (الجزيرة)

تشريعات داعمة

وأوضح الشيخ تميم أن قطر تدعم تنمية الصناعات الصديقة للبيئة، وإرساء الأطر التشريعية الداعمة لجاذبية بيئة الأعمال مثل إصدار قانون تنظيم استثمار رأس المال غير القطري في النشاط الاقتصادي، وقانون تنظيم الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، علاوة على الاستثمار في قطاعات حيوية وهامة ومن بينها الصحة والتكنولوجيا، وتطوير المناطق الحرة، ومواصلة توسعة مطار حمد الدولي وميناء حمد بما يرسخ الانفتاح الاقتصادي للبلاد.

وأضاف أنه رغم كون الدولة مصدرة للغاز الطبيعي، وهو الطاقة المنخفضة الكربون والأقل خطورة على البيئة، إلا أنها تستثمر في الأبحاث المتعلقة بالطاقة الخضراء والطاقة البديلة والمستدامة، وتخطط لتنتقل قطر إليها، كما تسهم في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي.

وطالب أمير قطر بالتعاون بين كافة الدول لتضييق الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية، خاصة في الحصول على اللقاح ومواجهة تداعيات الوباء، مشيرا إلى أن بلاده اتخذت خطوات كبيرة في هذا المسار من خلال تقديم المساعدات اللازمة لأكثر من 80 دولة ومنظمة دولية.

ودعا الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قادة دول العالم، خصوصا الدول الصناعية الكبرى، إلى مزيد من التعاون في إطار النظام الدولي، وتقاسم المسؤوليات والعمل معاً من أجل التوزيع العادل والشامل للقاح بما يؤسس لبناء نظام اجتماعي واقتصادي عالمي متكامل، لافتا إلى أن التوصل إلى لقاحات لمواجهة فيروس "كوفيد-19" يعد جهداً إنسانياً محموداً، إلا أن تسابُق وتنافُس بعض الدول في الحصول على كميات تفوق حاجتها منها سيسهم في تعثر الجهود الدولية الرامية للسيطرة على الوباء عالميا.

محاور المنتدى

ويتضمن جدول أعمال المنتدى 6 محاور رئيسة هي: "التكنولوجيا المتقدمة" الذي سيسلط الضوء على التغييرات الدائمة في العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا، و"عالم مستدام" الذي سيستكشف تقاطع الرأسمالية مع المناخ. أما "الأسواق والاستثمار" فسيناقش قدرة المستثمرين، في سعيهم الحثيث إلى فرص النمو، على تشكيل اقتصاد عالمي أكثر مرونة.

ويجمع محور "تدفقات الطاقة والتجارة" بين وسطاء الطاقة العالميين لمشاركة رؤيتهم المستقبلية، في حين يتناول محور "المستهلك المتغير" مستقبل التجارة، وعالما أكثر شمولا لتقديم أفكار بشأن تعافي المجتمعات ما بعد جائحة كورونا.

ويستهدف منتدى قطر الاقتصادي إعداد الخطط الداعمة لنمو الاقتصاد العالمي خلال مرحلة ما بعد الجائحة، وتسليط الضوء على جهود دولة قطر لقيادة النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية الشاملة، وترسيخ مكانتها كإحدى أهم الوجهات الاستثمارية إقليميا وعالميا.

ويشارك في النسخة الأولى للمنتدى العديد من قادة الدول ورؤساء الحكومات، من بينهم رئيس غانا نانا أكوفو، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والرئيس الرواندي بول كاجامي، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، والرئيس السنغالي ماكي سال، والرئيس الأرميني أرمين سركيسيان، فضلا عن أكثر من 100 متحدث من جميع أنحاء العالم.

ويستضيف المنتدى نخبة عالمية تضم أكثر من ألفي شخص من رؤساء تنفيذيين، وشخصيات ملهمة، وصناع قرار في مجالات التمويل والاقتصاد والاستثمار والتكنولوجيا والطاقة والتعليم والرياضة والمناخ.

المصدر : الجزيرة