ما الذي ستستفيده إيران من اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي؟
من الواضح أن الاقتصاد الإيراني استفاد من المراحل الأولى للاتفاقية بشكل أكبر بكثير من الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي
من المقرر إجراء مفاوضات حول اتفاقية تجارة حرة شاملة بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي (الأوروبي- الآسيوي) في النصف الثاني من عام 2021. فمن سيكون المستفيد؟
ويشير نجاح الاتفاقية المؤقتة الحالية مع إيران إلى أن إبرام اتفاقية تجارة حرة مناسبة وشاملة يمكن أن يكون واعدا، ويجري هذا وسط حديث عن إمكانية انضمام طهران إلى الاتحاد الاقتصادي الأوراسي.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالإندبندنت: إستراتيجية بوتين الاقتصادية تظهر أن روسيا لم تتغير كثيرا خلال 100 عام
سؤال وجواب.. هذا ما حل بالاقتصاد الإيراني مع ترامب فماذا عن حقبة بايدن؟
حينما وصل السكين إلى العظم.. عقوبات أميركية جديدة على إيران
وفي هذا التقرير -الذي نشره موقع "موديرن ديبلوماسي" (Modern Diplomacy) الأميركي- قال الكاتب نيكيتا سماجي إن إيران وروسيا أكثر طرفين مهتمين بإبرام مثل هذا الاتفاق وهما الدافع الرئيسي لتقارب إيران مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي (الأوروبي- الآسيوي).
يشار إلى أن الاتحاد الاقتصادي الأوراسي هو اتحاد اقتصادي للدول التي تقع في وسط آسيا وشمالها وفي أوروبا الشرقية، وتأسس عام 2015، ويشمل كلا من روسيا وبيلاروسيا وأرمينيا وكازاخستان وقرغيزيا.
مسار غير مفاجئ
يقول الكاتب إن توقيع اتفاقية تجارة حرة شاملة مع إيران لم يكن مفاجئا، بالنظر إلى الاتفاقيات السابقة المُبرمة بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي وطهران.
ففي 17 مايو/أيار 2018، وقّعت إيران اتفاقية مؤقتة مدتها 3 أعوام لإنشاء منطقة تجارة حرة دخلت حيز التنفيذ في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2019. ومن بين أمور أخرى، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن جعل الاتفاقية المؤقتة دائمة في أجلٍ أقصاه 18 شهرا بعد دخولها حيّز التنفيذ، والتوصل إلى تسوية في غضون 3 أعوام من نفس التاريخ.
وذكر الكاتب أن كل ما قاله وفعله الطرفان في هذا الصدد يندرج ضمن الاتفاقيات السابقة؛ فقد تم اتخاذ قرار بدء المفاوضات مع إيران في 11 ديسمبر/كانون الأول 2020، وجرت المشاورات الأولى في 17 فبراير/شباط 2021، أي بعد أقل من 16 شهرا تقريبا من دخول اتفاقية التجارة الحرة حيز التنفيذ.
وقال الكاتب "لو افترضنا أن كل شيء يسير كما هو مخطط له، فلا بد من تسوية مسألة الاتفاق الشامل قبل تاريخ 27 أكتوبر/تشرين الأول 2021. ومن أجل تحقيق هذه الغاية، تم إجراء مفاوضات أكثر شمولا في النصف الثاني من هذا العام".
وعلى أي حال -يضيف الكاتب- لا يزال أمام الجانبين أكثر من عام لحل أية قضايا قد تطرأ.
وأضاف الكاتب أن جميع الأطراف مهتمة باستبدال الاتفاقية المؤقتة بأخرى دائمة. ومع ذلك، ستركز جولة جديدة من المحادثات على توسيع نطاق السلع والمزيد من خفض قيمة الرسوم، كما سيحاول الطرفان حماية مصالح المنتجين المحليين قدر الإمكان، ولن يكون مستغربا إذا فشلوا في التوصل إلى توافق في الآراء.
مواجهة العقوبات وتعزيز مكانة إيران
يقول الكاتب في تقريره إن فكرة التقارب بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي في حد ذاتها تتناسب بشكل مريح مع إستراتيجية طهران التي تتمحور حول آسيا وأسواقها. وقد بدأت هذه الخطوة في التبلور بالعقد الأول من الألفية الجديدة وكانت مدفوعة بشكل أساسي بالاتجاهات الاقتصادية، أي حاجة الاقتصادات الآسيوية سريعة النمو -مثل الصين والهند- المتزايدة إلى الموارد الطاقية.
وأوضح الكاتب أن التعاون مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي يتيح لإيران فرصة التخفيف من آثار سياسة العقوبات الأميركية.
ففي 7 فبراير/شباط 2021 -يضيف الكاتب- جادل رئيس وزراء بيلاروسيا رومان غولوفتشينكو بأن الاتحاد الاقتصادي الأوراسي يتطلع إلى تطوير آلية لمواجهة العقوبات من أجل بعث التفاؤل.
هنا يشير الكاتب أيضا إلى أن إيران سعت إلى التخلي عن اعتمادها على الدولار الأميركي في التسويات والتحول إلى العملات الوطنية. وقد أصبحت هذه الرغبة ملحة بشكل أكبر عندما وقع عزل إيران عن نظام التحويلات العالمي "سويفت" نتيجة للضغط الأميركي.
وقد أكد الاتحاد الاقتصادي الأوراسي مرارا وتكرارا أنه يمضي قُدما نحو تحقيق هذا الهدف. وفقا للكاتب.
ويقول الكاتب إن طهران تحاول الخروج من عزلتها السياسية، وإن من شأن التقارب مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي أن يساعد في تعزيز مكانتها على الصعيد الدولي. ويضيف أنه ينبغي النظر إلى جهود تحويل اتفاقية التجارة الحرة المؤقتة إلى اتفاقية شاملة في السياق الأوسع لسعي إيران إلى تعزيز التوجه الإقليمي ودعم التعاون الأوراسي.
ماذا عن مصالح الاتحاد الأوراسي؟
فيما يتعلق بمصالح الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، يؤكد الكاتب أن إيران تتمتع بإمكانات واعدة لتوسيع الاتحاد؛ فمن بين اقتصاديات الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي والمراقبين والشركاء يحتل الاقتصاد الإيراني المرتبة الثانية بعد روسيا.
ويشير الكاتب إلى أنه من حيث التعاون الاقتصادي ستكون كل من روسيا وكازاخستان أكثر المستفيدين.
لكن الكاتب استدرك بالقول إن التعاون التجاري بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي لن يؤثر على الوضع الاقتصادي للدول الأعضاء بشكل كبير.
أما بالنسبة لطهران -التي تعاني من عزلة اقتصادية جزئية- فيمكن للاتحاد أن يلعب دورا مهما كشريك موثوق به يتمتع بعلاقات تجارية مستقرة، وفق الكاتب.
نتائج اتفاقية التجارة الحرة
نصّت اتفاقية التجارة الحرة المؤقتة بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي وإيران -والتي دخلت حيز التنفيذ في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2019- على تخفيض الرسوم الجمركية على 862 فئة من السلع (502 للصادرات الإيرانية و360 لصادرات الاتحاد الاقتصادي الأوراسي). وتغطي قائمة السلع حوالي 50% من حجم المبادلات التجارية بين الشركاء.
وقد دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في وقت تواجه فيه إيران أزمة بسبب نظام العقوبات الأميركية والإغلاق بسبب الجائحة، لكنها تمكنت من تعزيز التجارة مع شركائها إلى 2.9 مليار دولار في عام 2020، مسجلة زيادة نسبتها 18% عن العام السابق.
وتشهد صادرات الاتحاد الاقتصادي الأوراسي انتعاشا يصل إلى المستوى الذي كان عليه قبل إعادة فرض العقوبات الأميركية؛ فقد زادت صادرات الاتحاد لعام 2020 بنسبة 2% مقارنة بعام 2019، إلا أنها لم تتجاوز 1.6 مليار دولار.
وأشار الكاتب إلى أن واردات الاتحاد الاقتصادي الأوراسي من إيران في عام 2020 تدل على وضع مختلف، إذ زادت 51.5% مقارنة بعام 2019، لتتجاوز 1.2 مليار دولار.
وقال الكاتب من الواضح أن الاقتصاد الإيراني استفاد من المراحل الأولى للاتفاقية بشكل أكبر بكثير من الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، كما أن التحسن لم يعتمد على النفط، لأن معظم واردات الاتحاد من المنتجات الزراعية.
وأشار الكاتب إلى أن إيران تحتل مكانة ضئيلة نسبيا في الميزان التجاري لدول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، حيث تستأثر بنسبة 0.5% فقط من جميع العمليات التجارية في الاتحاد، بينما تستأثر دول الاتحاد بما يقرب من 3% من الميزان التجاري الإيراني.