السودان يتهيأ لمؤتمر للاستثمار في باريس بمشروعات حيوية.. هل من آفاق واعدة؟
تضع الحكومة الانتقالية في السودان آمالا عريضة على مؤتمر باريس المخصص لمناقشة الاستثمار في هذا البلد الذي يكابد للخروج من أزمته الاقتصادية المتفاقمة، غير أن هناك بوادر خلافات تهدد فرص نجاح المؤتمر الذي تسعى فيه الخرطوم لضمان دخول مستثمرين أوروبيين وشركات كبرى لتحريك ركود المشروعات الحيوية والبنى التحتية.
ولتأكيد مزيد من الاهتمام الأوروبي والفرنسي تحديدا، بمساعدة الحكومة في فترة الانتقال الحالية، حلّ بالخرطوم الأسبوع الماضي المبعوث الفرنسي الخاص جان ميشيل ديموند للوقوف على استعدادات الحكومة ورجال الأعمال للمشاركة في المؤتمر الذي سيعقد بباريس يوم 17 مايو/أيار المقبل بمشاركة نحو 40 دولة إلى جانب فرنسا.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsتوحيد سعر الصرف في السودان.. تطمينات حكومية ومخاوف شعبية
برنامج “ثمرات” لدعم فقراء السودان.. هل سيعيق غياب الإحصائيات المطلوبة استمراره؟
السودان.. موجة غلاء تفاقم الأوضاع الاقتصادية في رمضان
وجرى نقاش مكثف بين المسؤول الفرنسي والجهات ذات الصلة في الحكومة بشأن المؤتمر الذي يقول عنه مستشار رئيس الوزراء للشراكات الدولية عمر قمر الدين إن هدفه الأسمى يتركز في إعادة إدماج السودان في المنظومة الدولية والتعريف به عقب مغادرته قائمة الدول الراعية للإرهاب.
تعديلات استباقية
ولتهيئة الوضع الداخلي قبل وصول الشركات العالمية، أجاز البرلمان المؤقت الأسبوع الماضي تعديلات جوهرية على قانون الاستثمار لتيسير الإجراءات وتحفيز المستثمرين على الدخول في شراكات مع نظرائهم السودانيين أو تبني مشروعات منفصلة تضمن توفير عوائد مقدرة للحكومة.
واهتم قانون الاستثمار المعدل بتفعيل نظام "النافذة الواحدة" لتقديم خدمة للمستثمر في مكان واحد وفق إجراءات بتوقيت زمني محدد، كما عالج العديد من النزاعات الخاصة بالأراضي والتي كانت تنشأ في السابق بين المستثمرين والأهالي الذين يدعون ملكية الأرض ويمنعون أي جهة أخرى من إقامة مشروعات عليها.
وحدد القانون الجديد تبعا لذلك أولويات الاستثمار والمسؤولية المجتمعية، كما عالج العلاقة بين الإدارة المركزية والأجسام الموازية في الولايات والمشروعات ذات البعد القومي.
وبحسب مسؤول رفيع في وزارة المالية تحدث للجزيرة نت، فإن الحكومة تذهب إلى مؤتمر باريس وفي ذهنها أولويات الاستثمار في مجالات الزراعة والطاقة والتعدين دون إغفال موضوع الكهرباء الذي تتفاقم أزمته منذ أسابيع باعتباره واحدا من الموارد المؤثرة في كل مجالات الاستثمار.
ويؤكد وزير الاستثمار السوداني الهادي محمد إبراهيم، في تصريح له، أنه تم تحديد عدد من المشروعات لتقديمها في مؤتمر باريس، الذي قال إنه سيدمج السودان في المجتمع الدولي وسيجذب المستثمرين للبلاد، وبدا واثقا من أن نتائج المؤتمر ستنعكس على الاقتصاد.
وأضاف "هناك إقبال على الاستثمار في السودان، وسبق أن تلقينا طلبات من 80 مستثمرا وهي مشروعات تخضع للدراسة".
ووضعت وزارة الاستثمار ضوابط قالت إنها ترمي لتحسين المناخ الاستثماري، وتسهيل خدمات المستثمرين بالبلاد بتجهيز دليلي المستثمر والإجراءات، ومشروع السودان الواعد الذي يحوي تفاصيل عن الفرص والمجالات المتاحة للاستثمار في السودان.
وستضع الحكومة أمام المستثمرين في مؤتمر باريس مشروعات تم تقسيمها على قطاعات عديدة تشمل الطاقة والتعدين، والبنى التحتية، والزراعة والنقل، إلى جانب تقنية المعلومات ومشروعات التأهيل الأساسية في الموانئ والخطوط الجوية السودانية والخطوط البحرية والسكك الحديدية.
ويقول الخبير الاقتصادي هيثم فتحي للجزيرة نت إن باريس وعدت من قبل باستضافة أكبر تجمع دولي لدعم السودان اقتصاديا، حيث يركز أهم أهداف المؤتمر المرتقب على إعفاء ديون السودان البالغة 60 مليار دولار، وإعادة إدماجه في المنظومة الدولية، وتشجيع الاستثمار والتدفقات المالية عبر البنوك ورجال الأعمال للاستثمار في السودان.
ويشدد فتحي على ضرورة أن يعرض السودان بشكل جيد الفرص المتاحة لخلق شراكات استثمارية حقيقية ذات فوائد مع طرح مشروعات تعبّر عن حقيقة فرص الاستثمار على أن تكون محددة ومدروسة بعناية.
خلافات على السطح
لكن مع اقتراب موعد المؤتمر، برزت على السطح خلافات حادة بين اتحاد أصحاب العمل -يضم شركات القطاع الخاص- والسكرتارية المنظمة للمؤتمر، وحاول المبعوث الفرنسي التدخل لتسويتها، حسبما قالت مصادر للجزيرة نت.
وتبدت ملامح الأزمة بعد أنباء عن تغييب القطاع الخاص عن تحضيرات المؤتمر، وتوكيل غرفة التجارة الأوروبية بذلك حيث اختزلته في 6 شركات هي المؤسسة للغرفة الأوروبية.
ويقول مسؤول باتحاد أصحاب العمل للجزيرة نت إن المركز الأوروبي عبر أذرعه في الخرطوم يحاول عزل رجال الأعمال وأصحاب الشركات المعروفة وانتقاء مجموعة محددة للمشاركة في مؤتمر خاص يعقد على هامش ملتقى الاستثمار بباريس.
لكن مستشار المركز الأوروبي في الخرطوم خالد ابراهيم أوضح أن مركزهم يتخذ من باريس مقرا، وأنه يعمل على قضايا السلام والنازحين وقضايا جلب الاستثمار والاقتصاد منذ تفجرت الثورة.
ويضيف أن المركز أقام من قبل مؤتمرا للاستثمار في السودان بالدوحة وأيضا مؤتمرا في الخرطوم برعاية وزير الاستثمار قدمت فيه اللجان الفنية من مختلف الوزارات أوراق عمل استعدادا وتمهيدا لمؤتمر باريس.
كما يؤكد أن مركزهم يعكف حاليا مع حكومة السودان ممثلة في رئيس الوزراء ورئيس اللجنة التحضيرية لإنجاح مؤتمر باريس، إلى جانب العمل مع أصحاب الشركات وأصحاب العمل ليكونوا موحدين.
وأوضح مستشار المركز أن الخلافات الحالية نشأت من الذين تولوا اللجان التسييرية، ومنهم من غير المحسوب على رجال الأعمال وليس لهم أعمال وحاولوا اختطاف العمل لصالحهم.
كما أفاد بأن اجتماعهم الأخير مع رئيس اللجنة التحضيرية عمد إلى وضع خطة تتم بموجبها دعوة رجال الأعمال خارج مظلة أصحاب العمل، وهم أصحاب الأعمال والمشاريع الحقيقية، وجرى حوار معهم ليتسلموا دعوة من رئيس الوزراء للمشاركة حيث يعول عليهم لعمل شراكات وجلب استثمارات.
غير أن وزير الاستثمار قال في تصريح له ليل السبت إن اتحاد أصحاب العمل سيشارك في مؤتمر باريس ممثلا للقطاع الخاص، وإن ما أثير عن تغييبه غير صحيح، حاسما بذلك الجدل حول الأمر.