محليا وخارجيا.. تمور فلسطين تسعى لتجاوز أزمة كورونا في رمضان

60% من تمور فلسطين تصدّر إلى أكثر من 25 دولة حول العالم قبل جائحة كورونا

ميرفت صادق فلسطين أريحا 2017 عامل فلسطين يعتني بمحصول التمر في إحدى مزارع النخيل بمنطقة أريحا جنوب الضفة الغربية
عامل فلسطيني يعتني بمحصول التمر في إحدى مزارع النخيل بمنطقة أريحا جنوب الضفة الغربية (الجزيرة-أرشيف)

وسط مدينة رام الله بالضفة الغربية، ينشغل التاجر محمد النبالي بترتيب صناديق التمور وعرضها كأكثر المواد الغذائية التي تلقى رواجا في شهر رمضان خاصة.

وهذا العام يعرض النبالي صنف "المجهول" الأعلى جودة فقط، ويقول إن أسعاره تساوت مع الأصناف الأخرى لتراجع التصدير بشكل حاد بسبب جائحة كورونا.

ويبيع النبالي التمور بعد شرائها من وكلاء ومورّدين من منطقة أريحا والأغوار الفلسطينية، ويقول إنه يعرض التمور التي تحمل العلامة التجارية لمزارع هذه المناطق فقط، ولا يبيع التمور الإسرائيلية التي تنافس المنتج الفلسطيني وتصل الأسواق عبر مهرّبين.

وتُعرف منطقة أريحا والأغوار كموطن إنتاج التمور في فلسطين، ويُقدر مجلس قطاع النخيل عدد أشجاره المزروعة هناك بأكثر من 350 ألف شجرة، وصل إنتاجها نهاية العام الماضي إلى 13.5 ألف طن من التمور، وكان 60% منها تصدّر إلى أكثر من 25 دولة حول العالم، قبل أن تضرب جائحة كورونا هذا القطاع وتتدنى طلبات تصديره إلى 5% فقط.

ويسعى تجار التمر الفلسطينيون إلى استثمار شهر رمضان والعودة التدريجية لفتح الأسواق العالمية واستئناف تصديره وفتح أسواق جديدة له، وخاصة في دول العالم الإسلامي.

ميرفت صادق رام الله فلسطين 2021 تحسّن الإقبال على شراء التمور الفلسطينية بداية شهر رمضان
التمر "المجهول" هو أكثر الأصناف المطلوبة عالميا نظرا لجودته ولذته (الجزيرة)

أزمة كورونا

يقول جمال نجّوم أحد مزارعي النخيل في منطقة العوجا بالأغوار الفلسطينية، إن تسويق التمور شهد ضعفا بالغا خلال العام المنصرم بسبب جائحة كورونا، وانعكس ذلك على تدني أسعاره، حيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى 8 شواكل (2.5 دولار)، في حين كان يصل إلى أكثر من 30 شيكلا (نحو 10 دولارات) للأصناف الجيدة في مثل هذه الأوقات من العام.

وبحسب نجّوم، فإن انخفاض الأسعار يعني وجود كميات كبيرة من التمور المخزنة بسبب ضعف التصدير خارجيا، وكذلك الخسارة التي خلّفتها جائحة كورونا محليا.

ويبدأ موسم جني التمور في فلسطين خلال شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، ويتم حفظ المحصول في برادات خاصة ثم تعبئته وتغليفه للبيع طوال العام.

يقول نجّوم إن أزمة التصدير انعكست على تسديد دفعات الموردين للمزارعين التي تأخرت طوال العام الماضي، وألحقت بهم خسائر كبيرة.

ولدى جمال نجّوم وعائلته أكثر من 3 آلاف نخلة تنتح نحو 100 طن من التمور سنويا، يبيع الجزء الأكبر منها لشركات توريد التمور، لكن نسبة من محصوله كانت تباع للمستهلك مباشرة، غير أن توقف موسم الحج والعمرة طوال العام المنصرم، إلى جانب منع التجمعات وبيوت العزاء خاصة، أوقف استهلاك التمور بصورة حادة، وأدى إلى كساد كميات كبيرة وانخفاض أسعارها.

ورغم أن شجرة النخيل معروفة تاريخيا في منطقة أريحا والأغوار، فإن تنميتها كقطاع اقتصادي يشغل أكثر من 5 آلاف يد عاملة، بدأ مع نهاية التسعينيات، وخلال ذلك تطور إنتاج أجود أصناف التمور المعروف "بالمجهول"، إلى جانب البرحي وأصناف بلدية أخرى.

و"المجهول" المنتج في الأغوار الممتدة بين فلسطين والأردن أيضا، هو أكثر الأصناف المطلوبة عالميا، نظرا لجودته ولذته، وقد نجحت زراعته بسبب الظروف المناخية الملائمة.

ويعلق مجلس قطاع النخيل الفلسطيني آمالا كبيرة على ارتفاع الوعي الفلسطيني بشراء المنتج الوطني في الضفة الغربية وقطاع غزة خاصة.

ويقول رئيسه إبراهيم دعيق للجزيرة نت إن نسبة إقبال جيدة سجلت مع بداية شهر رمضان، رغم الظروف الاقتصادية التي خلفتها الجائحة وضعف القوة الشرائية عند الناس.

ويستهلك السوق المحلي نحو 6 آلاف طن من التمور سنويا، قسم منها يتم تهريبه من السوق الإسرائيلية، لكن هذا العام -بحسب دعيق- هناك اهتمام بطلب التمر الفلسطيني فقط، لدرجة أن الكثير من العائلات ترفض شراء أي عبوة لم يحدد مصدر إنتاجها من المزارع الفلسطينية في الأغوار.

ويشجع هذا السلوك مزارعي التمور الفلسطينيين على رفع كميات الإنتاج لتصل إلى 20 ألف طن خلال السنوات الخمس القادمة، كما قال دعيق.

ميرفت صادق رام الله فلسطين نيسان 2021 يعتبر المجهول أجود أنواع التمر الفلسطيني - تستخدم داخلية فقط
السوق المحلي يستهلك نحو 6 آلاف طن من التمور سنويا (الجزيرة)

طلب متزايد خارجيا

وإلى جانب ذلك، يشير دعيق إلى طلب متزايد من الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية على التمور الفلسطينية العالية الجودة، والتي سيصل تصديرها هذا العام إلى 26 دولة في أنحاء العالم.

وبعد الخسائر خلال عام كورونا، شكّل استئناف التصدير إلى بعض الدول كتركيا مطلع أبريل/نيسان الجاري، نافذة مهمة لاقتصاد التمور.

ويقول دعيق إن تركيا استقبلت خلال يومين فقط نحو 70 طنا من التمور الفلسطينية، وفي حين كانت تسمح بإدخال ألف طن من التمور الفلسطينية دون ضرائب أو جمارك، رفعت تركيا الكمية هذا العام إلى 3 آلاف طن.

واستطاع الفلسطينيون الوصول إلى أسواق جديدة مؤخرا مثل إندونيسيا والهند والولايات المتحدة، التي من المتوقع أن تستقبل كميات كبيرة من التمور الفلسطينية، بحسب مجلس قطاع النخيل.

وبينما سجل مجلس قطاع النخيل انخفاضا حادا على طلبات تصدير التمور خارجيا وصل نهاية العام الماضي إلى 5% فقط من حجم الطلبات السنوية، يقول دعيق إن الحجوز قبيل شهر رمضان ارتفعت إلى أكثر من 40%.

ينافس الزيتون

ومع التطور الذي يشهده هذا القطاع، أصبحت زراعة النخيل وإنتاج التمور من القطاعات المنافسة لزيت الزيتون، القطاع الزراعي الأهم في فلسطين.

ويتوقع دعيق أن ترتفع حصة قطاع النخيل في الدخل الزراعي الكلي لفلسطين إلى ما لا يقل عن 120 مليون شيكل سنويا (الدولار يعادل 3.3 شواكل)، بعد أن قاربت 80 مليون شيكل العام المنصرم.

المصدر : الجزيرة