لبنان.. انهيار القطاع المصرفي واستمرار تدهور الوضع المعيشي

القطاع المصرفي في لبنان يشهد بأكمله حالة إفلاس رغم رفض البنك المركزي الاعتراف بذلك

A woman walks outside of Lebanon's Central Bank building in Beirut, Lebanon March 16, 2018. REUTERS/Mohamed Azakir
الحكومة اللبنانية لم تنجح في تحريك المياه الراكدة والدفع باتجاه الخروج من الأزمة (رويترز)

تستمر حالة الجمود السياسي في لبنان في ظل أزمة اقتصادية خانقة وانهيار للعملة المحلية وقطاع مصرفي مفلس، وهو ما يزيد من تدهور الوضع المعيشي للبنانيين، وقد بدأت دول غربية تعبر عن امتعاضها من هذا الجمود بلهجة صارمة تزداد وضوحا يوما بعد يوم.

في تقرير نشرته صحيفة "لوفيغارو" (lefigaro) الفرنسية، تقول سيبيل رزق إنه مع اندلاع الاحتجاجات المناهضة للنخبة السياسية اللبنانية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، أغلقت المصارف أبوابها، وقد تم تبرير تلك الخطوة بالمتطلبات الأمنية، غير أنها في الواقع مرتبطة بأزمة السيولة والائتمان.

وبحسب بيانات شركة "لازار" (Lazard) للاستشارات المالية وإدارة الأصول، شهد القطاع المصرفي بأكمله حالة إفلاس رغم رفض البنك المركزي الاعتراف بذلك، في ظل خسائر قُدّرت بـ40 مليار دولار.

بالنسبة لمعظم المودعين اللبنانيين، لم يعد بالإمكان الوصول إلى الحسابات بالدولار التي يمتلكونها في البنوك اللبنانية، وهو ما كشف عمق أزمة الاقتصاد اللبناني الذي بقيت عملته مرتبطة بالدولار لأكثر من 20 عاما، قبل أن تنهار الليرة اللبنانية.

ومع استئناف البنوك فتح أبوابها دون اعتماد السلطات العامة أي قوانين استثنائية لمراقبة رأس المال، وهو من أساسيات إدارة الأزمة المالية، نجح بعض أصحاب النفوذ المرتبطين بالنخبة الحاكمة في سحب كامل مدخراتهم أو جزء منها، رغم تعميم القيود بشكل عام منذ خريف عام 2019، بينما حُرم أغلب المواطنين اللبنانيين من الحصول على أموالهم المودعة في البنوك.

وقد سُمح للمودعين بسحب بعض ودائعهم بالدولار، بحد أقصى شهري يختلف باختلاف المصارف، بشرط تحويله إلى الليرة اللبنانية بسعر يحدده البنك المركزي.

الحكومة سمحت للمودعين بسحب بعض ودائعهم بالدولار بشرط تحويله إلى الليرة اللبنانية بسعر يحدده البنك المركزي (الفرنسية)

جمود سياسي يعطل خطط الإنقاذ

وحسب الكاتبة، فقد حاولت حكومة حسان دياب تنفيذ خطة إنقاذ تقوم على بدء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، بعد إعلان التخلف عن سداد ديون لبنان في مارس/آذار 2020، وبمساعدة شركة لازار، قدرت الحكومة حجم الخسائر بأكثر من 80 مليار دولار، أي ما يقارب ضعف حجم الاقتصاد اللبناني.

لكن الحكومة لم تنجح في تحريك المياه الراكدة والدفع باتجاه الخروج من الأزمة، حيث استمر الجمود السياسي في ظل الخلافات الحادة بين التيارات السياسية، كما رفض البنك المركزي والقطاع المصرفي بشكل عام تحمل مسؤولياته.

ومنذ فترة، تدور مشاورات حول تشكيل حكومة جديدة يقودها سعد الحريري، لكن الوضع الراهن ينبئ أن الحكومة المنتظرة قد لا ترى النور قريبا، ما قد يزيد من خطورة الوضع الاقتصادي، وهو ما أكده وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في تصريحاته الأخيرة.

وتقول الخبيرة الاقتصادية علياء مبيض تعليقا على تدهور قيمة الليرة اللبنانية إن التخفيض غير المنضبط لقيمة العملة والتخلف عن السداد يتوافقان مع السيناريو الأسوأ الذي توقعناه منذ أكثر من عام ونصف، وهو سيناريو عدم تدخل الدولة، بدلا من تبني خطة إنقاذ شاملة تضمن التوزيع العادل للخسائر والتعافي المستدام.

ويرى العديد من المراقبين، أن الدولة تسعى من خلال موقفها السلبي من الأزمة وعدم التدخل لوقف انهيار الليرة إلى ضمان مصالح كبار المودعين ودوائر معينة داخل السلطة، بدلا من تطهير القطاع وتعميم سعر موحد لليرة وإعادة رسملة البنوك عن طريق إعادة تدوير الأصول المجمدة لديها.

ويقول جان رياشي رئيس مجلس إدارة "إف إف إيه برايفت بنك" (FFA Private Bank) إنه لن يتم ضخ أموال جديدة طالما أن الاعتمادات المطلوبة غير كافية، والمبلغ الذي حدده البنك المركزي أقل بكثير من المستوى الحقيقي للخسائر.

وقد أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عن نيتها إرسال أحد كبار مسؤوليها ليوضح للسلطات اللبنانية قلق واشنطن إزاء الوضع الاجتماعي والسياسي المتدهور في البلاد، مشيرة في بيان لها أن وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل سيزور بيروت بين 13 و15 أبريل/ نيسان الجاري.

المصدر : لوفيغارو