ضائقة لأصحاب العقارات وعجز للمستأجرين عن الدفع.. هل هي فرصة لتوسيع الإسكان الاجتماعي بأميركا؟

مقترحات شعبية للإسكان الاجتماعي لحل الضائقة المالية التي سببتها الجائحة في قطاع العقارات

Business man hand hold the house model saving small house
هيئة تنمية الإسكان الاجتماعي هي وكالة فدرالية تشتري العقارات المتعثرة وتمول تحويلها إلى قطاع الإسكان الاجتماعي (غيتي)

إن الظروف المزرية التي يمر بها المستأجرون تعني حدوث ضائقة مالية لأصحاب العقارات، وفي مسح أجري في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي في الولايات المتحدة لأصحاب العقارات الصغرى، أفاد 30% منهم بأنهم تعرضوا لضغوط متزايدة لبيع ممتلكاتهم بسبب تداعيات الوباء.

وفي هذا التقرير الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) الأميركية، قال الكاتبان جيانباولو بايوتشي وجاكوب كارلسون إن المستثمرين الذين يتطلعون إلى الاستفادة من تداعيات الوباء أشاروا إلى هذا الوضع باعتباره "أعظم فرصة شراء في القرن"، وهم يستعدون بالفعل لشراء هذه العقارات المنكوبة.

وأظهرت الأزمة المالية لعام 2008 التأثير الهائل لانتقال الثروة والممتلكات من أيدي العائلات والمجتمعات إلى مَحافظ بورصة "وول ستريت" (Wall Street).

تقول الصحيفة الأميركية إنه من أجل منع حدوث نتيجة كارثية مماثلة، نحتاج إلى التحرك الآن وتعزيز التوسع على نطاق واسع في الإسكان الاجتماعي.

تنمية الإسكان الاجتماعي

ذكر الكاتبان أنه ينبغي إنشاء هيئة تنمية الإسكان الاجتماعي، وهي وكالة فدرالية تشتري العقارات المتعثرة وتتأكد من أنها صالحة للعيش وتمول تحويلها إلى ما يسمى بقطاع الإسكان الاجتماعي، بما في ذلك تعاونيات المستأجرين، ووصايا أراضي المجتمع المحلي، والمساكن العمومية أو غير الربحية.

وعندما يواجه أصحاب العقارات مشاكل من قبيل التأخر في دفع الإيجار، فإن هيئة تنمية الإسكان الاجتماعي ستتيح الفرصة لشراء العقار بسعر السوق، وبعد الحصول على العقار المتعثر، ستعمل الهيئة مع المقاولين لضمان تمتع السكان الحاليين والمستقبليين بظروف معيشية كريمة، حيث إنه غالبا ما يتوانى أصحاب العقارات المتعثرون عن إجراء التحسينات.

علاوة على ذلك، يمكن للوكالة تعديل المساكن لتلبية المعايير البيئية، فحوالي 20% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الولايات المتحدة تأتي من المنازل، لذلك ستكون هذه مساهمة كبيرة.

ويقول التقرير إنه بمجرد استكمال جميع الإجراءات، تقوم هيئة تنمية الإسكان الاجتماعي بنقله إلى الجهات المؤهلة بهدف إنشاء مساكن ميسورة التكلفة بشكل دائم للمستأجرين المحليين.

ويضيف أن الموظفين المرتبطين بالمجتمع المحلي يعملون مع هذه الجهات من أجل السعي بشكل استباقي وفعال لمتابعة هذه الممتلكات المتعثرة المرشحة لنقلها إلى الإسكان الاجتماعي.

غلاء العقارات …
هيئة تنمية الإسكان الاجتماعي ستتيح الفرصة لشراء العقار بسعر السوق عندما يواجه أصحاب العقارات التأخر في دفع الإيجار (غيتي)

تلبية احتياجات المجتمع

يمكن لهيئة تنمية الإسكان الاجتماعي أن تتدخل وتُلبي احتياجات المجتمعات المحلية، وتوفر الأموال والمساعدة التقنية لبدء المشروع.

وباستثناء المضاربين من الشركات، فإن هيئة تنمية الإسكان الاجتماعي ستكون مكسبا للجميع، من شأن ذلك أن يجنب أصحاب العقارات الإجراءات القانونية التعسفية، كما يجنب المستأجرين فترات عدم اليقين، ويجعل المجتمعات تستفيد من الإسكان الجيد وميسور التكلفة بشكل دائم.

وعلى الرغم من أن تركيزها الأساسي من المفترض أن يكون على العقارات السكنية المتعثرة، فإنه يمكن للهيئة أيضًا الحصول على مباني المكاتب الخالية وتحويلها إلى مساكن، وفق الصحيفة الأميركية.

لكن الكاتبين يشيران إلى أن البرامج الجديدة تستغرق وقتا وموارد، في وقت يفضل صانعو السياسات تقديم الحوافز للقطاع الخاص بدلا من محاولة إنشاء مؤسسات عامة جديدة، ولكن تداعيات سنة من الاضطرابات لا يمكن أن تتلاشى بين ليلة وضحاها.

ويقول الكاتبان إن التدخل الفدرالي في هذه الأزمة ليس فكرة بعيدة المنال، فلدى حكومة الولايات المتحدة تاريخ في دخول السوق في أوقات الحاجة -وإن كان ذلك بشكل غير مثالي- مع تحقيق نجاحات مهمة، بما في ذلك ما بعد أزمة عام 2008.

تغطية الاحتياجات

إن جهود هيئة تنمية الإسكان الاجتماعي من شأنها أن تغطي احتياجات تعود لفترة ما قبل الجائحة، وستزيد في السنوات المقبلة.

وتعتبر مدفوعات الإيجار المباشرة ضرورية وسريعة، لكنها لا تمثل سوى تدبير جزئي، وحتى لو قامت بتغطية كل ديون المستأجرين، فلن يعيدنا ذلك إلا إلى أيام ما قبل الوباء، عندما كان واحد من كل 4 مستأجرين يدفع بالفعل نصف دخله للإيجار، وكانت معظم الأسر ذات الدخل المنخفض تتحمل تكاليف سكن باهظة.

ويقول الكاتبان إن الأزمات تسبب فترات اضطراب، لكنها تمنحنا أيضا فرصة لإعادة النظر في طريقة تعاملنا مع الأمور والتساؤل بشأن ما إذا كان بإمكاننا القيام بها بشكل مختلف في المستقبل.

ويضيفان أن الوقت حان لإحداث تغيير جذري في نظام الإسكان الذي كان قبل الوباء فاشلا بالكامل، وأمام الكونغرس والبيت الأبيض فرصة لوضع سياسات من شأنها أن تساعدنا في التعافي من هذه الأزمة ومنع أزمة جديدة في المستقبل.

المصدر : نيويورك تايمز

إعلان