استثمار بعض المصريين في العملات الرقمية.. هجرة للمستقبل أم مقامرة غير محسوبة؟

على الجانب القانوني أقر الرئيس المصري قانون البنك المركزي الجديد الذي يحظر إنشاء أو تشغيل منصات لإصدار أو تداول العملات المشفرة أو النقود الرقمية أو الترويج لها دون الحصول على ترخيص

أهم العملات البديلة القابلة للإستثمار في عام 2022
يمتلك 4% من مستخدمي الإنترنت بمصر نوعا من العملات الرقمية العالمية طبقا لتقرير صادر عن وكالة "We Are Social". (شترستوك)

"العملات الرقمية تسير بوتيرة تصاعدية كبيرة مما أدى إلى تحويل مسار المستثمرين المصريين من البورصة إلى العملات الإلكترونية"، هكذا قال أحمد صالح أحد المستثمرين في العملات الرقمية العالمية المشفرة.

ومنذ القفزات الخاطفة لأسعار عملة البتكوين الشهيرة خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأت عمليات هجرة جماعية ملحوظة من قبل هواة المضاربة بأموالهم من البورصة إلى سوق العملات الجديدة؛ حسبما صرح صالح للجزيرة نت.

ومما زاد ثقة هؤلاء بسوق العملات الرقمية، دخول شركات عالمية ومستثمرين كبار أمثال إيلون ماسك صاحب شركة تسلا (tesla) لصناعة السيارات الكهربائية، وإعلانه أن ما حققه من مكاسب في العملات وعلى رأسها البتكوين في شهر لم يحققه في سنة من شركة تسلا، إضافة إلى إتاحة شركة باي بال "paypal" إمكانية البيع والشراء باستخدام العملات الرقمية.

فما أهم العملات الرقمية المتداولة بشكل عام، وأهمها من حيث التداول بين المصريين؟ ولماذا لجؤوا إليها؟ وماذا حقق المتعاملون بها منذ فترة؟ وما أهم الصعوبات التي تواجههم خاصة عند تسييل تلك العملات وتحويلها لأموال في ظل الرقابة الشديدة من قبل الجهات الأمنية على النقد الأجنبي الداخل لمصر؟

إعلان

حجم التعامل بمصر

يمتلك 4% من مستخدمي الإنترنت بمصر نوعا من العملات الرقمية العالمية طبقا لتقرير صادر عن وكالة "We Are Social".

وحسب أحدث تقرير أصدرته وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية تخطى عدد مستخدمي الإنترنت بمصر 62 مليونا، أي أن قرابة مليونين ونصف مليون مصري يمتلكون عملات رقمية.

أنواع العملات

عن أنواع العملات الرقمية يكشف لنا إميل فادي -أحد المتعاملين منذ سنتين بالعملات الرقمية- أشهر أنواعها من حيث التعامل العالمي، حيث تتصدر عملة "بتكوين" القائمة كونها أول عملة مشفرة أطلقت بالعالم وأشهرها على الإطلاق، تليها -طبقا لتصريح فادي للجزيرة نت- عملة  "الإثيريوم" (Ethereum) التي تعتبر الأقوى في منافسة البتكوين، وتتميز في أنها دون وسيط.

وكذلك عملة الريبل (Ripple) التي تمتلك ميزة شبكة دفع مفتوحة المصدر وتحرر المتعاملين بها من قيود وصول الأموال عن البنوك أو بطاقات الائتمان أو باي بال، وتمنحهم القدرة على تحويل الأموال المحلية إلى الريبل، وتحويلها من خلال الإرسال لجهات أخرى، كما أصبحت بنوك عالمية تعتمد عليها فى التحويلات فيما بينها، وفق المتحدث ذاته.

ويشير فادي إلى عملتين إلكترونيتين أخريين تلقيان اهتماما من جانب المضاربين، هما "لايت كوين" (Litecoin) وهي شبكة عالمية مفتوحة المصدر لا مركزية يمكن إرسالها لأي شخص بالعالم، وبتكلفة تحويل ضئيلة للغاية، وعملة "كردانو" المشفرة.

مجموعات موثوقة

حرص المستثمرون في المضاربة بالعملات الإلكترونية -مصريين وعرب- على تدشين مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة فيسبوك للتواصل فيما بينهم، ونقل التجارب والمعلومات والخبرات، وكذلك الاتفاق على عمليات البيع والشراء وتبادل العملات.

من أشهر هذه المجموعات "بتكوين مصر" و"بتكوين فولت مصر" و"ملتقى بتكوين العرب" و"تعدين العملات الرقمية"، منها ما تخطت أعداد أعضائها 50 ألفا، وتتم العمليات داخلها عبر وسيط موثوق لدى إدارة مجموعات فيسبوك.

إعلان

وأشاد عمرو زكريا الذي دخل سوق العملات المشفرة منذ عام 2016 بفكرة مجموعات العملات الرقمية على فيسبوك؛ مؤكدا أنه خسر في بداية تعاملاته لأنه لم يجد من يوجهه، بجانب ندرة المعلومات.

وأكد زكريا للجزيرة نت أنه كان يلجأ للمواقع الأجنبية لمحاولة فهم هذه السوق الجديدة حتى استطاع أن يقف على طبيعتها وآليات الحفاظ على المكاسب والبيع والسحب في الوقت المناسب.

وأضاف أنه استطاع تعويض خسائره الأولى وحقق مكاسب كبيرة إلى حد ما، خاصة من البتكوين، لكنه ما زال لم يحقق طموحه بعد في أن تنقله العملات إلى خانة الأغنياء على حد تعبيره وهو يبتسم.

هجرة لمستقبل الاستثمار

"لقد سحبت أموالي التي كنت ألاحق بها أسهم الشركات في البورصة المصرية دون أن أخرج بمكاسب ترضيني، وبعت شقة أمتلكها -غير التي أسكنها- محاولا اللحاق بسوق البتكوين وتعرفت بعدها على عملات غيرها"؛ هكذا بدأ المستثمر بتلك العملات هيثم طلعت كلامه.

واستدرك طلعت في حواره مع الجزيرة نت أن الاستثمار في العملات الرقمية هجرة لمستقبل الاستثمار ولكنه يحتاج لما أسماه باللهجة المصرية "القلب القاعد"، ويقصد بها من يستطيعون الاستغناء عن المبلغ المستثمر وعدم الاستعجال على السحب أو التخلص مما لديهم من عملات بمجرد الارتفاع البسيط في أسعار العملات التي يمتلكها.

فالبتكوين بدأت في الارتفاع منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وشيئا فشيئا حققت قفزات متتالية حتى وصلت من 11 ألف دولار إلى 61 ألف دولار للوحدة، والذين تخلصوا مبكرا من العملة عندما وصلت إلى 20 ألفا ثم 30 ألفا خسروا كثيراً وأصبحوا نادمين على البيع، بحسب المتحدث نفسه.

التعدين والنصب

حذرت "أم مليكة" التي تقوم بدور الوسيط بين المتعاملين في العملات الرقمية من عمليات النصب التي ربما يتعرض لها المتعاملون الجدد، خاصة من أولئك الذين يقنعون ضحاياهم بأنهم يعملون بمجال تعدين العملة.

إعلان

وشرحت أم مليكة للجزيرة نت معنى تعدين العملة بكونها تتم عن طريق الحاسوب وتكون ذات مواصفات خاصة واستهلاك طاقة كهربائية مستمر على مدار اليوم حتى يتم جني أجزاء صغيرة من البتكوين أو العملات الأخرى.

وقد استطاع شاب النصب على عشرات المواطنين بالقاهرة بإغرائهم بالقيام بعملية التعدين من خلال شركة ولها مقرات وفروع بمناطق مختلفة، وجمع ملايين الجنيهات ثم اختفى وأغلقت الشركة مكاتبها، حسب قولها.

تسييل العملات

لم يبد أي ممن تواصلنا معهم أي شكوى تخص عملية بيع أو شراء أو تبادل العملات المشفرة، أو أي مضايقات أمنية عند تحويل هذه العملات أو سحبها من المحافظ الإلكترونية أو حتى البنوك.

وتتمثل آلية التعامل بين الوسيط والمستثمر في تحويل العملات من خلال المنصة إلى حساب الوسيط على نفس المنصة، ومن ثم يحول الوسيط مقابلها بالجنيه المصري إلى حساب المستثمر البنكي أو بالمقابلة الشخصية وتسليم المبلغ المقابل مباشرة.

موقف البنك المركزي

لكن على الجانب القانوني أقر الرئيس المصري قانون البنك المركزي الجديد الذي حظر في مادته رقم 206 إنشاء أو تشغيل منصات لإصدار أو تداول العملات المشفرة أو النقود الرقمية أو الترويج لها دون الحصول على ترخيص من مجلس إدارة البنك المركزي، وفقا للقواعد والإجراءات التي يحددها.

ورأت الخبيرة الاقتصادية والبرلمانية السابقة بسنت فهمي أن غرض المشرع من صياغة هذه المادة تحديدا فتح للباب أمام التعامل مع العملات الرقمية في المستقبل، رغم عدم وضوح الرؤية بخصوص هذه العملات، خاصة أن اللائحة التنفيذية للقانون الجديد لم تصدر بعد.

وأضافت في تصريحات صحفية أن الوضع في مصر معقد ومختلف عن دول كثيرة، ومسألة إقرار العملات الرقمية تحتاج إلى إجراءات كثيرة، على رأسها إجراء ربط إلكتروني شامل وموحد يجمع بين كل المحافظات والمؤسسات في الدولة، وربط كل ذلك بالعالم، وهو المشروع الذي تمضي فيه الحكومة المصرية، لكنه يحتاج إلى بعض الوقت حتى الانتهاء منه.

اختلاف الفتوى بين مصر وماليزيا

دينيا، أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى تحرم التعامل بالبتكوين قالت فيها إنه "بعد البحث المستفيض ورجوعها لخبراء الاقتصاد والأطراف ذات الصلة بمسألة العملات الإلكترونية خاصة البتكوين بالبيع والشراء والإجازة وغيرها، حرام شرعا".

إعلان

وفي موقف مخالف أوصى المجلس الاستشاري للشريعة الإسلامية -التابع للجنة الأوراق المالية في ماليزيا- بأن الاستثمار في العملات المشفرة وتداولها عبر منصات التداول المسجلة حلال.

المصدر : الجزيرة

إعلان