صناعة الألماس في الصين.. هل تشهد مستقبلا واعدا؟

الصين تسيطر على احتياطيات الألماس في أفريقيا لإنتاج الألماس الصناعي بأسعار معقولة

صناعة الألماس في الصين متأخرة بسبب نقص الموارد في مناجم الألماس محليا وخارجيا (رويترز)

منذ ثمانينيات القرن الماضي، كان الاقتصاد الصيني في حالة ازدهار بفضل الصناعة التحويلية المزدهرة، إذ تتمتع الصين بطبقة وسطى متنامية وطلب متزايد دائم على السلع الفاخرة.

في تقرير نشره موقع "مودرن دبلوماسي" (Modern Diplomacy) الأميركي، قالت الكاتبة، لورا رونغ، إن الصين لا تمتلك احتياطات كبيرة من الألماس مقارنة بروسيا، مع ذلك، تعوض البلاد نقص الموارد من خلال السيطرة على احتياطيات الألماس في أفريقيا وإنتاج الألماس الصناعي بأسعار معقولة.

تأخر تطور صناعة الألماس في الصين

تعد صناعة الألماس في الصين متأخرة بسبب نقص الموارد في مناجم الألماس محليا وخارجيا، ووفقا لتقرير صادر عن شركة "فروست آند سوليفان" (Frost & Sullivan) في عام 2014، ما تزال الصين تطور سوق الألماس الخارجي الخاص بها، ولا يوجد سوى عدد قليل من الشركات التي يمكنها الإشراف على مناجم الألماس.

بحسب "فروست آند سوليفان"، تقوم سلسلة مجوهرات "تشاو تاي فوك" (Chow Tai Fook) ومقرها هونغ كونغ بصفتها تابعة لشركة "دي بيرز" (De Beers)، بفرز وتقييم وبيع حوالي 35% من الألماس الخام في العالم، وتمتلك هذه الشركة المشهورة مصانع تلميع الألماس لاستخراج الألماس الخام من شركات التنقيب مباشرة، كما أبرمت اتفاقيات توريد مع مجموعة "ريو تينتو" (Rio Tinto) و"آلروسا" (Alrosa) ودي بيرز (De Beers).

لدى "تشاو تاي فوك" 4 مصانع لقطع الألماس وتلميعه، اثنان في جنوب أفريقيا ومصنع في بوتسوانا والآخر في الصين. مع ذلك، هناك بعض الشركات الصينية الشهيرة الأخرى في مجال معالجة الألماس التي لا يمكنها شراء الألماس الخام مباشرة من السوق، ما يجعلها تنتج الألماس الصناعي بشكل أساسي، وفي حال أرادت معالجة الألماس الخام، لا يمكنها شراء المواد الخام سوى من الأسواق الثانوية التي تكون أسعارها مرتفعة، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج.

في المقابل، تمتلك الهند -التي تعد أكبر معالج للألماس في العالم- أكثر من 60 شركة حاصلة على شهادة البيع مباشرة للموزعين، كما تحظى بإمكانية الوصول إلى عدد من مناجم الألماس الأساسية، ولفترة طويلة، اعتمدت الهند على موردين من روسيا وأفريقيا ومراكز تجارة الألماس على غرار أنتويرب وتل أبيب ودبي لشراء الألماس الخام.

ويقع شحن معظم الألماس المنتج في العالم إلى الهند ليُقطّع ويُشحذ ثم يذهب إلى سوق التجزئة العالمي، وبهذه الطريقة، تهيمن الهند على صناعة معالجة الألماس.

من المهم أن تعمل الصين على تعزيز المهارات المهنية للعمال لتحسين الكفاءة الإجمالية لصناعة معالجة الألماس (وكالة الأنباء الأوروبية)

المناجم الأفريقية

تقوض الصين احتكار الهند لمعالجة الألماس وفقا لمبادرة الحزام والطريق من خلال تأمين الصفقات مع الشركات والحكومات التي تسيطر على مناجم الألماس في أفريقيا، ونتيجة لذلك، ارتفعت صادرات الصين من الألماس بنسبة 72% بحلول عام 2014، مما أدى إلى تحقيق إيرادات بلغت 8.9 مليارات دولار أميركي.

وتمثل الدول والمناطق التي وقعت على مبادرة الحزام والطريق في وسط وجنوب أفريقيا، مثل جنوب أفريقيا وغامبيا والكونغو الديمقراطية (زائير) وبوتسوانا وزيمبابوي والمناطق المحيطة بها، أشهر مصادر الألماس الخام ومواقع إنتاجه في العالم.

خلال السنوات الأخيرة، كانت الشركة الصينية "أنجين" (Anjin) للاستثمار، تتفاوض مع حكومة زيمبابوي بشأن موارد التنقيب عن الألماس، حيث منحها رئيس زيمبابوي إمرسون منانغاغوا مؤخرا صلاحيات جديدة للتنقيب عن الألماس.

وجاء ذلك بعد مرور 4 سنوات على طرد الشركة من المنطقة الغنية بالمعادن جنبا إلى جنب مع عمال المناجم الآخرين بدعوى تصريحها بأقل من إيراداتها الفعلية في عام 2016، وفي غضون ذلك، وقّعت شركة "آلروسا" عددا من الاتفاقيات مع شركة زيمبابوي للألماس الموحد لإنشاء مشروع مشترك لرواسب الألماس الأساسية في زيمبابوي.

وأشارت الكاتبة إلى أن الجمع بين الحرفية الصينية والألماس الخام عالي الجودة لا بد أن يكون فرصة هائلة للسوق العالمي في المستقبل، إلى جانب ذلك، من المهم أن تعمل الصين على تعزيز المهارات المهنية للعمال لتحسين الكفاءة الإجمالية لصناعة معالجة الألماس ومستوى الإنتاج، ومع انطلاق الصين في زيادة الاستثمار في مشروع مبادرة الحزام والطريق، قد تجد الشركات الصينية المزيد من الفرص بأفريقيا في المستقبل.

الصين تعوض نقص الموارد بسيطرتها على احتياطيات الألماس في أفريقيا وإنتاج الألماس الصناعي بأسعار معقولة (وكالة الأنباء الأوروبية)

الألماس الصناعي

وفقا لتقرير "فروست آند سوليفان"، ستؤدي السوق العالمي للألماس الخام إلى نقص 248 مليون قيراط بحلول عام 2050، ومن خلال تطوير تقنيتها في إنتاج الألماس الصناعي، نجحت الصين في إيجاد طريقة أخرى لتطوير صناعة الألماس الخاصة بها.

في السنوات الأخيرة، توسعت صناعة الألماس الصناعي في الصين جنبا إلى جنب مع الطلب العالمي المتزايد على الألماس الصناعي الصيني، ووفقا لتقرير صادر عن موقع "ليدليو" (Leadleo) حول صناعة الألماس الصناعي في الصين، فإنه بداية من نهاية عام 2018، كانت هناك 8278 شركة توفر المعدات والمواد والمسحوق والصفائح المركبة والأدوات والمنتجات الخاصة بصناعة الألماس في الصين، حيث تحتكر أفضل 5 شركات رائدة في هذه الصناعة حوالي 80% من حصة السوق ولها مكانة عالية فيها.

ومن حيث التوزيع الجغرافي للصناعة، تقع أغلب شركات الألماس الصناعي الكبرى الرائدة في مقاطعة خنان بسبب تفضيلات سياسة الحكومة المحلية، في المقابل، تتركز شركات تصنيع الألماس الصغيرة في مقاطعة آنهوي، وعلى المستوى التقني، طورت القطاعات المتدنّية في صناعة الألماس الاصطناعي في الصين كفاءتها في السوق العالمي من خلال تحسين جودة منتجاتها لبلوغ المعايير الدولية.

على النقيض من ذلك، ما يزال الطريق طويلا أمام الشركات الصينية التي تصنع الألماس عالي الجودة، إذ هناك فجوة كبيرة بينها وبين الشركات المصنعة العالمية الرائدة مثل "ألمنت سيكس" (Element Six) في المملكة المتحدة، وهي إحدى أفضل الشركات المصنعة للألماس الصناعي عالي الجودة في العالم، لذلك تعمل شركات ألماس صناعي عديدة في الصين حاليا على تعزيز تقنيتها، وتسعى جاهدة لتحقيق الإنجازات لتلبية متطلبات العملاء العالمية المختلفة، وجمع هوامش ربح أكثر أهمية.

وتواصل صناعة الألماس في الصين اكتساب أهمية كبيرة، ومع تطور صناعة الألماس الصناعي وزيادة الوصول إلى المناجم الأفريقية، تأمل الصين في تحقيق المزيد من الإنجازات بصناعة الألماس في المستقبل القريب.

المصدر : مودرن دبلوماسي