سلطنة عُمان تعلن عن خطتها التحفيزية لاستعادة نمو اقتصادها

وزير الاقتصاد العماني-مصدر الصورة وزارة الاقتصاد
الدكتور الصقري: الإجراءات المقترحة على المستوى البعيد تسعى لتحفيز الاقتصاد الوطني (وزارة الاقتصاد العمانية)

أكد وزير الاقتصاد العمُاني الدكتور سعيد بن محمد الصقري أن خطة التحفيز الاقتصادي التي أعلنتها السلطنة مؤخرا جاءت متسقة مع توجهات خطة التنمية الخمسية العاشرة (2021 – 2025) والتي تستهدف التركيز على أهداف ذات أولوية تعنى بالدرجة الأولى بتحفيز النشاط الاقتصادي، وتطوير بيئة الاقتصاد الكلي عبر وضع آليات وإجراءات مناسبة تضمن سرعة عودة الأنشطة الاقتصادية وضمان تحقيق معدلات نمو اقتصادي بشكل متسارع، متوقعا أن يشهد الاقتصاد نموا حقيقيا يزيد على 2.5% على خلفية هذه الخطة.

وقال الوزير للجزيرة نت إن الإجراءات المقترحة على المستوى البعيد تسعى لتحفيز الاقتصاد الوطني، والتي ستتضمن مبادرات ومشاريع وبرامج محفزة من خلال زيادة الطلب والعرض الكلي، وتحديد السياسات المالية التوسعية الهادفة إلى خفض الضرائب وتشجيع الإنفاق، وانتهاج سياسات نقدية تهدف إلى خفض أسعار الفائدة وكذلك النظر في بعض الرسوم والإعفاءات التي تسهل تدفق الاستثمار.

وأكد الدكتور الصقري العمل لمساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والحد من تعثرها، وإنعاش سوق الأعمال، وتهيئة البيئة الاستثمارية فيما يخص سهولة ممارسة الأعمال والحصول على التراخيص.

وكانت الحكومة قد أقرت خطة للتحفيز الاقتصادي في اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة السلطان هيثم بن طارق، في سعيها لتحقيق معدلات نمو مرتفعة لرؤية عُمان 2040.

أبرز الحوافز

ترتكز خطة التحفيز الاقتصادي على 5 محاور رئيسية تتمثل في حوافز متعلقة بالضرائب والرسوم، وحوافز محسنة لبيئة الأعمال والاستثمار، وحوافز لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وحوافز لسوق العمل والتشغيل، وحوافـز مصرفية تهدف إلى دعم الجهود المبذولة للتخفيف من آثار تداعيات أزمة كوفيد-19 على الاقتصاد من خلال تقديم مجموعة من الإجراءات والمبادرات التحفيزية الهادفة إلى دعم جهود التعافي الاقتصادي وتعزيز أداء الأنشطة الاقتصادية وجلب الاستثمارات الأجنبية.

وتستهدف الخطة كذلك تعزيز التنويع الاقتصادي في قطاعات الصناعات التحويلية والثروة الزراعية والسمكية والتعدين والمنتجات التعدينية، والأنشطة الخدمية والثقافية واللوجستية والتعليم وقطاعات داعمة ومكملة.

ومن أبرز الحوافز المحسّنة لبيئة الأعمال والاستثمار السماح بمزاولة الأعمال والأنشطة التجارية والاستثمارية، من خلال الحصول على ترخيص مبدئي يتيح للمستثمر مزاولة النشاط التجاري دون انتظار الحصول على الترخيص النهائي، والسماح للشركات بتملك الأراضي التي تبلغ مساحتها 5 آلاف متر مربع وأكثر، والعقارات لممارسة النشاط المرخص به بالشراء، وكذلك اتخاذ إجراءات تسهيل مزاولة الأعمال ومنح الإقامة لمدد طويلة للمستثمرين الأجانب.

منشآت الغاز العمانية
التغيرات الأخيرة المتسارعة أضرت بالاقتصاد العماني كغيره من الاقتصادات النفطية (الجزيرة)

دعم التوازن الاقتصادي

تأتي خطة التحفيز داعمة لإجراءات خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020-2024) والتي أعلنتها عُمان العام الماضي، والهادفة إلى تحسين المركز المالي وخفض الدين العام وتحسين التصنيف الائتماني.

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور يوسف بن حمد البلوشي -في حديث للجزيرة نت- إن خطة التحفيز تطرقت إلى العديد من الجوانب المهمة بالتزامن لتحقيق التحفيز والتوازن الاقتصادي المنشود، ولا شك أنها تمثل ضرورة ملحة لانتشال الاقتصاد والشركات من العديد من التحديات التي فرضتها التغيرات المختلفة وعلى رأسها تداعيات جائحة كورونا، والتراجع الحاد في أسعار النفط وما أسفر عنه من انحسار الإيرادات العامة للدولة، وانخفاض الإنفاق العام وارتفاع الدين العام وتراجع التصنيف الائتماني للسلطنة، وتداعيات كل ذلك على حركة الأنشطة الاقتصادية.

الفرص والتحديات

وحول أهم الفرص الاقتصادية، قال البلوشي: عُمان بلد مترامية الأطراف، وهناك فرص استثمارية بعدة قطاعات مع جاهزية البنية التحتية والتي استثمرت فيها السلطنة بسخاء خلال 50 عاما الماضية، من مطارات وموانئ وطرق، كما أن الشباب مؤهل وقادر على قيادة قاطرة التنمية الإنتاجية، وفوق ذلك علاقة عمان مع العالم التي تتميز بعلاقة رفيعة وهو ما يتيح لها استجلاب كل ما ينقصها في المعادلة الاقتصادية، سواء كانت رؤوس الأموال أو فتح أسواق أو تكنولوجيا جديدة، كما أن التغيير الوزاري الأخير والقيادات الجديدة بالحكومة على وعي تام بالاستمرار في التغيير والإصلاح الاقتصادي.

والجميع يرى أن التغيرات الأخيرة المتسارعة أضرت بالاقتصاد العماني كغيره من الاقتصادات النفطية، لكنها نبهت إلى ضرورة تسريع عملية التحول وتحقيق روية عُمان 2040، وهي التي تقوم على واقع جديد يقوم على الإنتاج والاستثمار وريادة الأعمال والاندماج مع العالم الخارجي.

وما حدث جراء جائحة كورونا سرع من هذا التحول، ولكن المشكلة الأزلية التي تقع فيها الدول النفطية هي قناعات الناس بالعمل الحكومي بدلا من المبادرات الخاصة، لأنها دول قائمة على نموذج اقتصادي قائم على ريع النفط لفترة طويلة ومعظم أفراد المجتمع يعملون بالحكومة.

وحول أهم التحديات التي قد تواجه خطة التحفيز الاقتصادي، قال البلوشي: نرجو ألا يكون ارتفاع أسعار النفط مؤشرا للتراخي، مؤكدا أن الطريق لن يكون ممهدا وستواجه عُمان عددا من التحديات في مقدمتها تغيير القناعات والتطبيق، وكذلك توصيل الخطة للمستفيدين من القطاع الخاص سواء الشركات الكبيرة أو الصغيرة والمتوسطة والتي تئن هذه الفترة جراء آثار جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط وتوقف الأنشطة الاقتصادية، ولكنها في ذات الوقت تمثل فرصة ومخرج الكثير من الشركات وخصوصا الناشئة في حين تحتاج الشركات الكبيرة لحزم إنقاذ مالية أكبر عن طريق ائتلاف البنوك.

المصدر : الجزيرة