معاناة بسبب كورونا.. نقص العمالة أزمة تطارد القطاعات المنتجة بالكويت

القطاع الخاص مطالب بإعادة هيكلة احتياجاته بما يحقق الاستقرار في قوة العمل

تعاني العديد من القطاعات الإنتاجية في الكويت من نقص شديد في أعداد العمالة اللازمة مما انعكس على ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة أسعار السلع.

ويتصدر القطاع الزراعي وكذلك الإنتاج الحيواني ونشاط الصيد في البلاد القطاعات التي تعاني من نقص العمالة نتيجة صعوبة عودة آلاف العمال العالقين في بلدانهم منذ توقف رحلات الطيران منتصف مارس/آذار من العام الماضي، وهو ما تسبب في زيادة أجور بعض فئات تلك العمالة بنحو 50% عن المعتاد.

ومع عودة حركة الطيران إلى 20 وجهة حول العالم في الأول من أغسطس/آب الماضي، ظلت المشكلة قائمة بعد أن قررت السلطات حظر دخول القائمين من أكثر من 30 دولة ما لم يقض القادمون 14 يوما في دولة ثالثة مما رفع تكاليف عودة العمالة من أصحاب الرواتب المحدودة.

وفي وقت اعتبر فيه القدوم عبر دول الترانزيت حلا مؤقتا، أصدرت السلطات مطلع فبراير/شباط الماضي قرارا بمنع دخول غير الكويتيين إلى البلاد ضمن سلسلة من الإجراءات الجديدة لمواجهة تزايد أعداد الإصابات بفيروس كورونا مجددا.

ومنذ بداية الجائحة ومع تفجر أزمة العمالة السائبة، ضيقت السلطات الكويتية الخناق على تجار الإقامات كما منحت مخالفي الإقامة فرصة لمغادرة البلاد من دون دفع أي تكاليف عن فترة المخالفة.

تراجع أعداد الوافدين

في تقرير نشرته جريدة الرأي المحلية في فبراير/شباط الماضي، كشفت الأرقام الصادرة عن هيئة المعلومات المدنية عن تراجع أعداد الوافدين في البلاد خلال 2020 بنحو 4% جراء مغادرة نحو 134 ألفا خلال الفترة من يناير /كانون الثاني وحتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2020 ليصبح إجمالي الوافدين 3 ملايين و210 ألف نسمة.

وتشير تقارير صحافية محلية أخرى إلى أن الرقم الإجمالي لعدد المغادرين أكبر بكثير من ذلك، وأن أكثر من نصف مليون من أصحاب الإقامات موجودون بالفعل خارج البلاد منذ بداية الجائحة.

ويطالب أرباب العمل ورؤساء الاتحادات ذات العلاقة بضرورة استثناء تلك القطاعات، والسماح باستقدام ما يحتاجون إليه من أيد عاملة لوضع حد لمعاناة هذه القطاعات في ظل جائحة كورونا.

ويقدر رئيس اتحاد المزارعين عبد الله الدماك النقص في أعداد العمالة اللازمة للقطاع الزراعي بما يقارب 50%، مطالبا الجهات (المعنية) بضرورة إيجاد حل سريع للأزمة.

ويقول -في حديث للجزيرة نت- إن إجمالي العمالة بالقطاع الزراعي الذي يضم نحو 7 آلاف مزرعة في منطقتي الوفرة والعبدلي يقارب نصف مليون عامل، وإن جزءا من هذه العمالة لا يستطيع العودة في ظل إغلاق المطار، ومنهم من انتهت إقامته وهو خارج البلاد.

ولتخفيف حدة الأزمة، سمحت الهيئة العامة للقوى العاملة في 3 مارس/آذار الجاري بانتقال الأيدي العاملة بين عدد من الأنشطة المختلفة التي كانت خاضعة لنطاق حظر التحويل خارج القطاع في السابق، وهي قطاعات الصناعة والزراعة والرعي والصيد والجمعيات التعاونية.

ارتفاع الأجور

وفقا لرئيس اتحاد المطاعم فهد الأربش، وهو أحد المستثمرين في القطاع الزراعي، فإن أغلب الأيدي العاملة في القطاع كانت عبارة عن عمالة سائبة.

ويقول -للجزيرة نت- إن الطلب على الأيدي العاملة زاد بشدة عقب مغادرة أعداد كبيرة في ضوء الإجراءات الحكومية الأخيرة مما انعكس على ارتفاع الأجور، إذ زادت رواتب العمالة من نحو 180 دينارا شهريا (592 دولارا) إلى 290 دينارا (1000 دولار) في ظل وجود عجز يقدر بنحو 25% وفقا لتقديره، وهو ما تسبب في زيادة أسعار المنتجات.

وبحسب رئيس اتحاد منتجي الألبان عبد الحكيم الأحمد، لم يقف تأثير الجائحة عند حد ارتفاع أسعار الأعلاف بنحو 20% على خلفية إجراءات الشحن الجديدة وزيادة رسوم التخليص الجمركي، بل امتد الأمر ليشمل انخفاض أعداد العمالة في المزارع بنحو 30%.

ويشير إلى اعتماد المزارع بشكل رئيسي على العمالة الوافدة سواء الحلابين أو العلافين أو الأطباء البيطريين والمهندسين الزراعيين، وهي عمالة نوعية للقطاع الذي ينتج بين 170 ومئتي طن يوميا عبر 30 مزرعة يوجد بها نحو 30 ألف رأس من الأبقار، ويقدر استهلاك البلاد من الألبان ومشتقاتها بنحو 1400 طن يوميا.

 قطاع الصيد

وعلى مستوى قطاع الصيد، تقدر نسبة الصيادين الموجودين خارج البلاد وفقا لرئيس اتحاد الصيادين ظاهر الصويان بنحو 75%، وهو ما أدى لتوقف جزء كبير من أسطول الصيد.

ووفقا لحديث الصويان للجزيرة نت، فقد تسبب ذلك في نقص الكميات التي يتم صيدها يوميا مما تسبب في ارتفاع أسعار بعض الأنواع فضلا عن الخسائر الكبيرة للعاملين في نشاط الصيد.

ومن جانبه يقول الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور إن مشكلة سوق العمل حتى قبل جائحة كورونا تكمن في كم العمالة الموجود ونوعيتها، مشيرا إلى أن تحدي كورونا يفرض على القطاع الخاص إعادة هيكلة قوة العمل لديه.

ويؤكد -للجزيرة نت- أن القطاعات المنتجة تأثرت جراء الجائحة وارتفعت تكلفة الإنتاج نتيجة نقص الأيدي العاملة والإجراءات الوقائية التي عرقلت تدفقها من الخارج، فضلا عن أن الموجود ليس بالكفاءة المطلوبة.

ويختم بوخضور بأن القطاع الخاص مطالب بإعادة هيكلة احتياجاته على صعيد الجودة والنوعية بما يحقق الاستقرار بقوة العمل ليصبح شريكا حقيقيا في التنمية مما يشجع الدولة على تعديل القوانين اللازمة للقضاء على مشكلة تجارة الإقامات، وعندها لن يكون هناك ما يمنع من عودة تدفق العمالة بشكل طبيعي مجددا.

المصدر : الجزيرة