الطاقة النظيفة تستقطب نصف تريليون دولار من التمويل لأول مرة .. وهؤلاء أكبر المستثمرين
شهد الاستثمار في التحول إلى الطاقة النظيفة تسارعا أثناء العام الماضي، إذ ساعدت الأحداث التي وقعت نهاية العام على زيادة هذا النسق؛ على غرار الانتخابات الأميركية والتزامات كل من الصين واليابان وكوريا الجنوبية ببناء صفر الطاقة.
وفي تقرير نشرته مجلة "فوربس" (forbes) الأميركية، قال الكاتب مايك سكوت إن ما يثبت ذلك هو أن الاستثمار في تحويل الطاقة قد بلغ نصف تريليون دولار لأول مرة.
ووفقا لمحللي الطاقة النظيفة التابعين لمؤسسة "بلومبيرغ إن إي إف" (Bloomberg NEF) للأبحاث، "استثمر العالم مبالغ غير مسبوقة في الأصول منخفضة الكربون العام الماضي، على غرار مصادر الطاقة المتجددة ووسائل النقل الصديقة للبيئة وتخزين الطاقة والتدفئة الكهربائية".
وتشير المؤسسة إلى أن "العالم قد التزم استثمار مبلغ قياسي قيمته 501.3 مليار دولار لإزالة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عام 2020، متجاوزا العام السابق بنسبة 9% على الرغم من الاضطراب الاقتصادي الناجم عن جائحة (كوفيد-19)".
ويرتبط هذا التغيير بما شهدته الطاقة المتجددة والسيارة الكهربائية وخلية الوقود والبطارية وغيرها من المجالات من إعادة تقييم جذرية، وارتفع مؤشر وايلدر للابتكار العالمي للطاقة الجديدة، الذي يقيس أداء نحو 100 سهم في هذه القطاعات، بنسبة 142% على مدار العام، وتجاوز مؤشر بورصة نيويورك بمقدار 180 نقطة مئوية.
استثمارات الطاقة المتجددة
نقل الكاتب عن بلومبيرغ أن الشركات والحكومات والأسر استثمرت 303.5 مليارات دولار في زيادة القدرة على توليد الطاقة الجديدة والمتجددة عام 2020، بنسبة 2% سنويا، بمساعدة أكبر تراكم على الإطلاق لمشروعات الطاقة الشمسية وزيادة قدرها 50 مليار دولار في مجال طاقة الرياح البحرية. كذلك أنفقت 139 مليار دولار على مجال السيارات الكهربائية وما يرتبط بها من بنية تحتية للشحن، مما أسهم في زيادة بنسبة 28% وهو رقم قياسي جديد.
ويوجد الآن أكثر من 10 ملايين سيارة كهربائية على الطرقات في أنحاء العالم، وسيستمر اعتماد هذه التقنية عام 2021، بفضل الإعانات السخية وتشديد الاقتصاد على ترشيد استهلاك الوقود، وقواعد تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصارمة، وعدد متزايد من المبادرات التنافسية.
وفي هذا الشأن، يقول رئيس النقل المتطور في "بلومبيرغ إن إي إف"، كولين ماكيراشر، "نتوقع بيع نحو 4.4 ملايين سيارة كهربائية للركاب (بما في ذلك بطاريات كهربائية وهجينة تعمل بالكهرباء) على صعيد العالم هذا العام، بزيادة بقرابة 60% على عام 2020".
وفي ظل انتقال تركيز إزالة الكربون من مجال الطاقة إلى مجال الحرارة، ارتفعت أعداد عمليات تركيب المضخات الحرارية الموفرة للطاقة بنسبة 12% محليا بقيمة 50.8 مليار دولار، في حين بلغ الاستثمار في تقنيات تخزين الطاقة الثابتة مثل البطاريات 3.6 مليارات دولار، وهي القيمة ذاتها التي سجلت العام الماضي، لكنها تمثل في الواقع كميّة أكبر بكثير بسبب انخفاض أسعار الوحدات.
وبينما يسعى صناع السياسات إلى معالجة القطاعات التي يصعب تخفيف انبعاثاتها، تضاعف الاستثمار العالمي في مجال احتجاز الكربون وتخزينه 3 مرات ليبلغ 3 مليارات دولار.
ورغم انخفاض تمويل مشروعات الهيدروجين بمقدار الخُمس إلى 1.5 مليار دولار، فإنه لا يزال يمثل ثاني أعلى رقم سنوي حتى الآن، ومن المقرر أن يرتفع نسق النمو في هذا القطاع أثناء عام 2021.
وقال ألبرت تشيونغ، رئيس قسم التحليل في بلومبيرغ إن إي إف، إن العالم "حقق استثمارات بقيمة نصف تريليون دولار سنويا لإزالة انبعاثات الكربون من نظام الطاقة، كما يشهد توليد الطاقة النظيفة والنقل الكهربائي تدفقات كبيرة، لكنهما بحاجة إلى مزيد من الزيادات في الإنفاق مع انخفاض التكاليف".
و يضيف "لا تستقطب بعض التقنيات مثل توليد الحرارة من الكهرباء وتخزين الكربون والهيدروجين سوى جزء بسيط من الاستثمار الذي ستحتاج إليه في القرن الـ20 للمساعدة على السيطرة على الانبعاثات. وفي الواقع، سنحتاج إلى تريليونات الدولارات سنويا في حال أردنا تحقيق أهداف حماية المناخ".
أوروبا في الصدارة
على عكس السنوات الأخيرة، تصدرت أوروبا الاستثمارات بمبلغ 166.2 مليار دولار (بزيادة بنسبة 67%)، بفضل ما شهدته هذه السنة من مبيعات قياسية للسيارات الكهربائية وزيادة في الاستثمار في الطاقة المتجددة منذ عام 2012.
وحققت الصين استثمارا بقيمة 134.8 مليار دولار (بانخفاض بنسبة 12%)، وسجلت الولايات المتحدة استثمارا قدره 85.3 مليار دولار (بانخفاض بنسبة 11%). وعلى الرغم من تضررهما من جائحة "كوفيد-19″، فإنهما ظلّتا من أكبر الأسواق الوطنية الفردية.
وفي إشارة إلى التغيير الذي سُجّل، بلغت الاستثمارات منخفضة الكربون من قبل شركات النفط والغاز 12.7 مليار دولار، في حين نمت صناديق الاستثمار المتداولة للطاقة النظيفة 10 أضعاف ما كانت عليه سابقا أثناء العام، وعلى الرغم من النمو الطفيف الذي شهده إجمالي الاستثمار في طاقة الرياح والطاقة الشمسية، فإن هذين المجالين قد سجّلا أعدادا قياسية في ظلّ تواصل انخفاض التكاليف.
وارتفع النمو في أوروبا بنسبة 52%، في حين شهدت الصين انخفاضا بنسبة 12%، والولايات المتحدة بنسبة 20%، وانخفض التمويل في الهند إلى أكثر من الثلث.
وارتفع الاستثمار في المملكة المتحدة وهولندا بنسبة 177% و221% على التوالي بفضل دورات الاستثمار في طاقة الرياح البحرية، في حين نمت السوق الفيتنامية بنسبة 87%.
ونما نسق الاستثمار في البرازيل بمقدار الربع، في حين أبلغت إسبانيا وفرنسا وألمانيا عن تمويل بقيمة تجاوزت 7 مليارات دولار، وشهدت كل من تايوان وأستراليا وكوريا الجنوبية وبولندا وتشيلي وتركيا والسويد تدفقات تمويلية فاقت 3 مليارات دولار.