تويتر ضد الهند
تتكشف الآن مواجهة ملفتة للنظر بين شركة إنترنت أميركية وأكبر ديمقراطية في العالم حول الحدود المناسبة لحرية التعبير.
وخلفية الموضوع هي الاحتجاجات المستمرة للمزارعين في الهند ضد قوانين الزراعة الجديدة؛ فقد طالبت الحكومة الهندية -مستشهدة بقوانينها ضد التخريب أو ضد تهديد النظام العام- تويتر بحذف أو إخفاء أكثر من 1100 حساب تقول إنها شجعت على العنف أو نشر معلومات مضللة.
واستجاب تويتر لبعض أوامر الهند، لكن تويتر رفض حذف حسابات الصحفيين والنشطاء وغيرهم ممن تقول الشركة إنهم يمارسون بشكل مناسب حقهم في انتقاد الحكومة.
وتقول حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي إن تويتر يخرق القانون. ويقول تويتر إن الهند تنتهك قوانينها الخاصة، أما نشطاء الديمقراطية فيقولون إن شركات التكنولوجيا مثل تويتر لا ينبغي لها أن تساير الأمور عندما تمرر الحكومات فعليا قوانين توقف حرية التعبير.
وباستمرار، هناك نزاعات بين شركات الإنترنت والحكومات -سواء كانت ديمقراطية أو غير ديمقراطية- حول إذا كانت المنشورات تخرق قوانين الدولة. ولكن غير العادي هنا هو أن الخلاف أصبح علنيًا وشديد الأهمية، وأن الهند هددت بسجن موظفي تويتر.
ولقد تحدثت مع ديفيد كاي، أستاذ القانون، والمفوض الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحرية التعبير، ومؤلف كتاب "شرطة الكلام"؛ حول قرارات تويتر في الهند، وكيف يمكن أن يتردد صداها وعواقب قيام عدد قليل من شركات التكنولوجيا بوضع قواعد الخطاب العالمي.
هل تعتقد أن تويتر يأخذ القرار الصائب؟
نعم، يقول موقع تويتر في الأساس إنه لن يمتثل للأوامر التي يعتبرها غير متوافقة مع القانون الهندي، والتي تنتهك حق الإنسان في حرية التعبير.
في ظل حكومة مودي، لم تتصرف الهند بشكل ديمقراطي بشأن حقوق الناس في التحدث علانية ضد حكومتهم. ولست متأكدًا من سبب اختيار تويتر هذه اللحظة لاتخاذ موقف وليس قبل عامين أو 3 أعوام، عندما اتخذت الشركة إجراءات ضد الأشخاص الذين ينشرون عن كشمير بعد ضغوط من الحكومة.
وفي دوري في الأمم المتحدة في ذلك الوقت، طلبت من تويتر شرح ما حدث، ولم تجب الشركة. بطريقة ما، كان هذا الأسبوع رد تويتر.
لكن تويتر يتحدى حكومة منتخبة ديمقراطيا؟
لا ينبغي أن يكون لدى الناس انطباع بأن هذه الشركات ترى نفسها فوق القانون، هناك فارق مهم في الهند هو أن الأمر جاء من وزارة حكومية وليس من محكمة. ويقول تويتر إن مطالب الهند بحظر الحسابات أو إزالة المنشورات لم تأت من خلال سيادة القانون العادية.
ما الأسئلة الأخرى التي تثيرها تلك المواجهة بالنسبة لك؟
عندي السؤال نفسه الذي طرحه الناس بعد منع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من دخول فيسبوك وتويتر. وماذا عن كل الدول الأخرى؟ هل سيكون تويتر أيضًا أكثر قوة في مواجهة الحكومات في تركيا أو مصر أو السعودية؟ وإلى أي مدى يرغب تويتر في الذهاب؟ هل سيخاطر بالحظر في الهند؟
وكيف يتعين علينا أن نشعر بأن عددًا قليلاً من شركات الإنترنت لديها القدرة على تشكيل تفاعل المواطنين مع حكوماتهم وتعيين حدود التعبير المناسب؟
إنها مشكلة. تتمتع هذه الشركات بقوة هائلة وغير خاضعة للمساءلة إلى حد كبير، والسؤال الأساسي: من يقرر الكلام المشروع على هذه المنصات؟
تستحق كل من شركات الإنترنت والحكومات اللوم؛ لم توفر الشركات الشفافية في عملياتها ولا في قواعدها ولا تنفيذها. وبدل ذلك، لدينا دورات دائمة لما يبدو كأنه قرارات انفعالية استجابة للضغط العام. والحكومات لم تقم إلى حد كبير بالعمل الشاق اللازم لخلق قوانين ذكية.
كيف يبدو التنظيم الذكي؟
يتمثل التحدي أمام الحكومات الديمقراطية في تعزيز شفافية وسائل التواصل الاجتماعي، ووضعها في إطار تنظيمي، ولكن لا تفرض قواعد على المحتوى يساء استخدامها وتتعارض مع حقوق حرية التعبير للمستخدمين أو مع حقوق الشركات في خلق بيئة يريدونها للمستخدمين. إن هذا هو التوتر المستمر.
إن قانون الخدمات الرقمية المقترح من الاتحاد الأوروبي هو تشريع متطور للغاية في هذا الشأن. أما الولايات المتحدة فلا زالت تفسد هذا الأمر.
© مؤسسة نيويورك تايمز 2021