ثقة محلية وتفاؤل دولي.. 2021 عام أفضل للاقتصاد التركي

المقر الرئيسي والتاريخي لبنك العمل الحكومي في العاصمة أنقرة1
البنك المركزي التركي توقع نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2021 بمعدل 3.8% (الجزيرة)

دفعت المؤشرات الإيجابية التي ختم بها الاقتصاد التركي العام الماضي بعد أقل من شهرين على حزمة الإصلاحات والمحفزات التي أعلنها الرئيس رجب طيب أردوغان، العديد من المؤسسات الاقتصادية الدولية لتعديل توقعاتها بشأن العام الجاري.

وعلى رأس تلك المؤسسات البنك الدولي الذي كان قد توقع نموا اقتصاديا تركيًّا بنسبة 0.5%، عوضا عن توقعات سابقة بانكماشه بنسبة 3.8% لعام 2020، لكن سرعان ما عدل توقعاته في تقريره الصادر في 5 من يناير/كانون الثاني 2021، ذاكرا أنه من المتوقع أن يحقق نموا بنسبة 4.5% في 2021، و5% في 2022.

منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) عدّلت هي الأخرى من توقعاتها بشأن مقدار الانكماش في الاقتصاد التركي لعام 2020، من 1.3 إلى 0.2%.

وأوضحت المنظمة في تقرير لها أن الاقتصاد التركي شهد تعافيا ملحوظا بعد الموجة الأولى من الجائحة، متوقعة تحقيقه معدل نمو 2.6% في 2021، و3.5% في 2022، كما توقعت بلوغ نسبة البطالة 13.7% في 2021، و14.5% في 2022.

وأشاد التقرير كذلك بالبنية التحتية الصحية التركية، التي يعود لها الفضل في السيطرة بشكل كبير على رقعة تفشي الوباء، الأمر الذي عزز من تأثير السياسات الاقتصادية والمالية المتخذة خلال العام الماضي، وهو ما تُرجم بشكل أو بآخر في تحسّن الأداء الاقتصادي في الربعين الأخيرين من 2020.

كما وضعت وكالة "فيتش" (Fitch) للتصنيف الائتماني توقعات متفائلة بشأن الاقتصاد التركي خلال العام الجاري، مشيرة إلى أن بدء التطعيم ضد كورونا وتقليل القيود والإجراءات الخاصة بمكافحة الجائحة، مع تسارع الانتعاش الاقتصادي في أوروبا، سيؤديان إلى تسارع نمو الاقتصاد التركي في النصف الثاني من عام 2021 الذي من المقدر أن تصل نسبة النمو فيه 3.5%.

وكانت المفوضية الأوروبية قد توقعت بنهاية العام الماضي تعافيا اقتصاديا أسرع لتركيا في عام 2021، حيث قدرت نمو الناتج المحلي الإجمالي التركي بنسبة 3.9% في عام 2021 وبنسبة 4.5% في عام 2022، وحذرت آنذاك من التأثير السلبي على التعافي والنمو من نقاط الضعف الهيكلية وسحب حوافز السياسة النقدية، وهو ما تلافته الإدارة الاقتصادية التركية لاحقا.

كما حسّن بنك "غولدمان ساكس" (Goldman Sachs) توقعاته بانكماش الناتج المحلي التركي بنسبة 2.5% فقط للعام الماضي في مراجعة لتوقعاته السابقة لانكماشه بمعدل 5.1%، كما توقع أن يتبع ذلك انتعاشا بنحو 4% في عام 2021.

محل صرافة في ميدان كيزيلاي وسط العاصمة التركية أنقرة
النمو الملحوظ للاقتصاد التركي أثر في الليرة التركية التي سجلت ارتفاعا مقابل الدولار (الجزيرة)

نمو ملحوظ

ولأول مرة جاءت توقعات البنك المركزي التركي ومنظمات رجال الأعمال التركية التي نشرت مؤخرا، متقاربة إلى حد كبير مع التوقعات الدولية السابقة، حيث توقعت نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2021 بمعدل 3.8%، وحوالي 4.3% في عام 2022.

وفي السياق، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي في مؤتمر حزب العدالة والتنمية، إن حكومة بلاده تواصل تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لتحقيق نهضة قوية في الاقتصاد التركي، وأضاف أن بلاده تجري عملية تعبئة لإمكاناتها من خلال نهج يرتكز على الاستثمار والإنتاج والنمو والعمالة والصادرات.

وقد أثر النمو الملحوظ للاقتصاد التركي على العملة الوطنية "الليرة" التي سجلت مؤخرا ارتفاعا بنسبة 12% مقابل الدولار، حيث بلغ سعر صرفها حسب تداول اليوم 7.35 مقابل الدولار الواحد.

يذكر أن حصة تركيا من الصادرات العالمية خلال الشهور العشرة الأولى من 2020 -بين يناير/كانون الثاني وأكتوبر/تشرين الأول- تجاوزت لأول مرة 1% مسجلة 1.03، في حين بلغ عدد الشركات المصدرة في تركيا 87 ألفا و400.

نظرة مستقبلية

ويرى أستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة "أرتوكلو" متين أيرول، في حديث للجزيرة نت، أن التحدي الذي يواجه تركيا خلال الفترة المقبلة يتمثل في نجاحها بخفض معدل التضخم بطريقة مستدامة، وإعادة بناء مصداقية السياسة النقدية.

وأضاف أن العناصر التي يمكنها التأثير إيجابا على النظرة المستقبلية ودرجة التصنيف الائتماني لتركيا، هي زيادة الثقة في استدامة التمويل الخارجي لتركيا، وزيادة المدخرات المحلية، والحد من تحويل النقد المحلي إلى أجنبي، وكذلك تقليل الاعتماد على القروض والاقتراض الخارجي في زيادة النمو.

ولفت أيرول إلى أن الليرة التركية هي الأفضل أداء من بين عملات الأسواق الناشئة منذ بداية 2021 ويعود ذلك للتحول في السياسة بشكل عام والنقدية بشكل خاص.

وأكد أن استعادة السياحة التركية عافيتها خلال وقت لاحق من 2021 واستئناف نشاط الصادرات، سيحوّلان عجز الميزان التجاري بنسبة 3.5% في العام الماضي إلى فائض، علاوة على سياسات رفع سعر الفائدة التي انتهجها البنك المركزي خلال الربع الأخير من العام الماضي.

وتوقع أن تتحسن الليرة وتصل لمستوى 7 ليرات للدولار خلال الشهور الثلاثة المقبلة في حال استمر التشديد النقدي والسيطرة على معدلات التضخم، والأخبار الإيجابية عن التطعيم ولقاح كورونا، مما سيساعد على إعادة عجلة الحياة الاقتصادية.

المصدر : الجزيرة