لم يعرفها أحد قبل عام واحد فقط.. أصول رقمية ناشئة تحمل مخاطر وآمالا بالثراء السريع

صورة معروضة للبيع بتقنية الرموز القابلة للاستبدال (الموقع الرسمي لميلانيا ترامب)

كانت الوثائق الرقمية الموثقة بتكنولوجيا "إن إف تي" (NFT) أمرا مجهولا بصورة شبه كاملة قبل عام واحد، وهذه التكنولوجيا هي أسلوب تشفير بالرموز غير القابلة للاستبدال، يتيح منح شهادة قائمة على "بلوك تشين"، تثبت أصالة أي منتج رقمي.

وباتت تلك الوثائق الرقمية الموثقة بتكنولوجيا "إن إف تي" محركا رئيسيا للمزادات الفنية في الأشهر الأخيرة، ويصل سعرها في المزادات إلى ملايين الدولارات، منذ السعر القياسي الذي حققه الفنان الأميركي بيبل لعمل رقمي بهذه التكنولوجيا وبلغ 69.3 مليون دولار، خلال مزاد لدار "كريستيز" في مارس/آذار الماضي.

وقد أدخلت تكنولوجيا "إن إف تي" الناشئة للتوثيق الرقمي تغييرات عميقة في سوق الفنون والثقافة، واستحالت محركا رئيسيا في عالم المزادات، لكن استخدامها يبقى معقدا للمبتدئين ورواد الأعمال في هذا المجال.

قلة من الناس كانوا قد سمعوا بـ"إن إف تي"، وهو أسلوب تشفير بالرموز غير القابلة للاستبدال، يتيح منح شهادة تثبت أصالة أي منتج رقمي سواء أكان صورة أو رسما تعبيريا أو فيديو أو مقطوعة موسيقية أو مقالة صحافية أو سوى ذلك.

وفيما يأتي جولة في هذه "المقتنيات الرقمية"، بعد أن بيعت مؤخرا -في مزاد فرنسي- أول رسالة نصية قصيرة في التاريخ، على شكل "إن إف تي".

ما تقنية "إن إف تي"؟

تسمية "إن إف تي" (NFT) هي اختصار للعبارة الإنجليزية "Non-Fungible Token"، ومعناها "الرموز غير القابلة للاستبدال"، وترمز إلى عدم القدرة على استبدال أي قطعة بأخرى موازية لها (على سبيل المثال: استبدال ورقة نقدية بقيمة 5 دولارات بأخرى من الفئة عينها).

ويمكن تعريف "إن إف تي" بأنها "مقتنيات رقمية" يمكن تعقب مصدرها. وبصورة ملموسة، هي عبارة عن عقد يتم تحديد بنوده من خلال شفرة معلوماتية لسلعة افتراضية أو حقيقية.

ويمكن لهذه القواعد الحد من عدد النسخ المتوافرة للبيع، والسماح بـ"إعادة إصدار"، أو تنظيم نظام لتوزيع العائدات يتيح حصول صاحب العمل الأصلي على إيرادات عن كل عملية.

يمكن تعريف "إن إف تي" بأنها "مقتنيات رقمية" يمكن تعقب مصدرها. وبصورة ملموسة، هي عبارة عن عقد يتم تحديد بنوده من خلال شفرة معلوماتية لسلعة افتراضية أو حقيقية.

وباتت "إن إف تي" نوعا جديدا من الأصول الرقمية، على غرار العملات المشفرة مثل "بتكوين" التي تستعين بتكنولوجيا سلسلة الكتل (بلوك تشين)، أي مرجع توثيقي يتشاركه عدد كبير من الأفراد من دون سلطة مركزية.

ما طريقة استخدامها؟

كما هي الحال مع العملات المشفرة، من الممكن شراء وبيع الـ"إن إف تي" على منصات متخصصة.

وخلال العملية، لا يحصل الشاري بالضرورة على القطعة المحددة، بل يُمنح فقط شهادة أصالة مسجلة بتقنية "بلوك تشين" لتغيير الملكية.

للحفاظ على الحقوق في هذه الشهادة، تُعد المحفظة الرقمية ضرورية، سواء كانت برنامجا في شكل امتداد لمتصفح إنترنت، أو قطعة متصلة آمنة على شكل ناقل "يو إس بي".

قبل الشراء، يجب أن يتم الدفع بعملة مشفرة، لكن من الممكن أيضا "إنشاء" قطعة "إن إف تي" بصورة ذاتية، بالاعتماد على بعض المهارات في مجال المعلوماتية.

ما المخاطر التي تترتب عنها؟

لا يزال شراء وبيع واستخدام "إن إف تي" أمرا تقنيا وأحيانا غير مفهوم بصورة جيدة، مما قد يعرض المستثمرين الصغار والمبتدئين للخطر.

لكل تفاعل مع البلوك تشين، ثمة حاجة لدفع نفقات للذين يهتمون بالتحقق من المعاملات.

وأوضح تقرير حديث نشرته منصة "تشين أناليسس" المتخصصة، أن شراء "إن إف تي" تم إنشاؤها حديثا من مجموعة منتظرة هي عملية تنافسية للغاية، إذ يأمل آلاف المستخدمين في الشراء في الوقت نفسه.

في هذه الحالة، تبوء معاملات كثيرة بالفشل، لكن تظل الرسوم مستحقة وتكون مرتفعة في بعض الأحيان اعتمادا على سعر العملات المشفرة التي غالبا ما تُستخدم لدفعها.

لكنّ بعض المشترين يبدون تصميما على النجاح، وقد يستخدمون روبوتات (برمجيات قوية لتقديم الطلبات)، مما يجعل المعاملة أكثر غموضا بالنسبة للمستثمر المبتدئ.

وخلصت الدراسة إلى أنه في عام 2021، "استحوذت مجموعة صغيرة جدا من المستثمرين ذوي الخبرة على الجزء الأكبر من أرباح مجموعات إن إف تي".

من يشتريها؟

الشراة هم خصوصا هواة جمع أو مضاربون يأملون في تحقيق أرباح من خلال إعادة بيعها لاحقا بسعر أعلى.

وقد شكّلت الـ"إن إف تي" محور مزادات كثيرة أحدثت ضجة عالمية، بينها على سبيل المثال بيع أول تغريدة لمؤسس تويتر جاك دورسي في مقابل 2.9 مليون دولار.

كما تُستخدم في ألعاب الفيديو والسينما والموسيقى، وشكّلت كذلك محور مبادرات غير اعتيادية، بما يشمل مثلا شراء أرض افتراضية أو تربية خيول سباقات افتراضية.

استحوذت مجموعة صغيرة جدا من المستثمرين ذوي الخبرة على الجزء الأكبر من أرباح مجموعات "إن إف تي"

وبينما تهدف المزادات الأخيرة إلى جذب هواة الجمع التقليديين إلى عالم "إن إف تي"، فإن الأولوية أيضا تكمن في استقطاب أصحاب الثروات الجديدة أو من يُعرفون بالـ"غيكس" الذين حققوا ثروات بالملايين بفضل النمو الصاروخي لقيمة العملات المشفرة.

وتضمّ هذه السوق المرتبطة مباشرة بعالم العملات المشفرة مثل "بتكوين"، منصات تبادل خاصة مثل "نيفتي غايتواي" و"أوبن سي" اللتين أُنشئتا على هامش عالم الفنون.

مشاهير يتجهون للوثائق الرقمية

أطلقت السيدة الأميركية الأولى السابقة ميلانيا ترامب هذا الشهر منصتها للرموز غير القابلة للاستبدال (إن إف تي) الخاصة بها، وهي أحدث شخصية عامة تدخل هذا المجال.

وقالت ميلانيا -في بيان- "أعلن بكل فخر مساعيي الجديدة في تقنية إن إف تي التي تجسد شغفي بالفنون وستدعم التزامي المستمر تجاه الأطفال من خلال مبادرة بي بيست".

وأوضحت "من خلال هذه المنصة الجديدة القائمة على التكنولوجيا، سنزود الأطفال بمهارات علوم الحاسوب بما في ذلك البرمجة وتطوير البرامج، بهدف تحقيق الازدهار بعد خروجهم من المجتمع الراعي لهم".

وأول عمل بتقنية "إن إف تي" سيكون لوحة مائية للفنان الفرنسي مارك أنطوان كولون، تحمل عنوان "ميلانياز فيجن"، وستتاح للشراء حتى نهاية العام بسعر 1 سول، وهي العملة المشفرة الخاصة ببروتوكول "سولانا" العاملة بتقنية سلسلة الكتل (حوالي 150 دولارا).

وستشغّل منصة "ميلانيا ترامب إن تي إف" على سولانا، وستقبل المدفوعات بالعملة المشفرة سول وبطاقات الائتمان، علما بأن هذا أول مشروع عام لميلانيا ترامب منذ تركها منصبها قبل عام.

المصدر : الجزيرة + وكالات

إعلان