بعد أن فشلت مرارا.. هل تنجح خطة الحكومة المصرية في إنهاء ظاهرة "التوكتوك"؟

قرار وقف استيراد المكونات الأساسية للتوكتوك أثار ردود فعل واسعة في مصر/ الجزيرة نت المصدر: مراسل الجزيرة نت المكان : أحد أحياء محافظة الجيزة – أوسيم الزمن: 2020
قرار وقف استيراد المكونات الأساسية للتوكتوك أثار ردود فعل واسعة في مصر (الجزيرة)

في خطوة جديدة نحو بداية نهاية مركبة "التوكتوك" ذي الثلاث عجلات، الذي أثير حوله كثير من اللغط والجدل على مدار نحو عقدين؛ حول فوائده من ناحية وأضراره من ناحية أخرى، قررت الحكومة المصرية تضييق الخناق عليه بوقف استيراد مكوناته.

وأصدرت وزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع، الثلاثاء الماضي، قرارا وزاريا رقم 533 لسنة 2021، خاصا بوقف استيراد المكونات الأساسية للمركبات ذات الثلاث عجلات "التوكتوك" وتشمل (القاعدة والشاسيه والمحرك)، ووصفت القرار بالمتأني.

وبررت الحكومة المصرية القرار الذي أثار تفاعلا واسعا في الشارع المصري بين مؤيد ومعارض له بأنه من أجل تطوير منظومة وسائل النقل، وإتاحة مركبات آمنة للحفاظ على سلامة المواطنين.

وتقول الحكومة ومؤيدوها إن القرار يرمي إلى تحقيق الأمن والسلامة، ووقف حالة الفوضى المنتشرة في كثير من المحافظات المصرية، في حين يقول معارضوه إن الهدف هو محاربة "الغلابة" وزيادة البطالة.

القرار ليس الأول من نوعه، ويأتي ضمن سلسلة قرارات سابقة، كانت ترمي إلى محاولة احتواء الظاهرة، أو تقنينها، أو حظرها تماما، ولكنها باءت بالفشل جميعها، فلا ظاهرة "المليون توكتوك" تقننت، ولا هي انتهت، بل لا يبدو أنها تأثرت.

 

 

قرارات سابقة

في سبتمبر/أيلول 2019 أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بدء برنامج لاستبدال "التوكتوك" بسيارات آمنة ومرخصة، لكن أزمة "كورونا" حالت دون البدء فيه، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018 أعلن مجلس الوزراء وقف إصدار تراخيص جديدة "للتوكتوك" ولم ينفذ القرار، وفي 2014 صدر قرار وزاري بوقف استيراده.

وضمن محاولات تقنين وجود "التوكتوك" لجأت الحكومة عام 2008 إلى فرض 5 آلاف جنيه غرامة على أصحاب المركبات غير المرخصة، ورغم ذلك لم يتقدم للترخيص إلا 10% من أصحاب "التوكتوك".

القرار الجديد لم يحظر التوكتوك

القرار لا يعني حظر "التوكتوك" نهائيا، وإن كان بدأ بوضع خطة تقضي باختفائه مع مرور الوقت، وفتح الباب أمام تقنينه من خلال ترخيصه وتسجيله في وحدات المرور، من أجل تحصيل حقوق الدولة في الرسوم من جهة، ووقف فوضى سيره من دون هوية من ناحية أخرى.

وأشارت وزيرة التجارة والصناعة إلى أن القرار يستهدف أيضا تقنين أوضاع المركبات من خلال منح التراخيص للمركبات التي تنطبق عليها الاشتراطات الفنية، مع دراسة إتاحة آليات تمويلية للراغبين في إحلال المركبة بسيارة "ميني فان" تعمل بالغاز الطبيعي وذلك على غرار المبادرة التى يتم تنفيذها حاليا للسيارات الملاكي والأجرة والميكروباص.

الوزيرة، في تصريح سابق في أغسطس/آب الماضي، أقرّت بأنه لا يمكن منع وجود "التوكتوك" في البلاد بحجة أنه وسيلة تنقل غير حضارية أو ليست آمنة، موضحة أن آخر الإحصائيات أظهرت أن هناك نحو 3 ملايين مركبة في مصر، وذلك يعني أن هناك 3 ملايين أسرة يمثل لهم هذا "التوكتوك" مورد رزق.

وفي 20 يونيو/حزيران الماضي شدد رئيس الوزراء، خلال اجتماع خصص لبحث إجراءات تقنين أوضاع مركبات "التوكتوك" وتشجيع أصحابها على الترخيص، على أهمية تيسير إجراءات الترخيص لأصحابها، لافتا إلى أن هناك فوائد واسعة من التقنين، سواء للمجتمع، أو لصاحب "التوكتوك" نفسه الذي سيتم التأمين عليه، وسيكون له معاش.

وصرح المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء نادر سعد بأن المناقشات أوضحت أن عدد مركبات "التوكتوك" التي تم ترخيصها حتى الآن لا يتجاوز 10% من إجمالي المركبات في 22 محافظة على مستوى الجمهورية.

ما البديل؟

في مطلع العام الجاري 2021، أطلقت الحكومة المصرية مبادرة لتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي بدلا من البنزين والسولار بمشاركة الجهات الحكومية والشركات المحلية والعالمية المعنية.

وهناك تكليفات رئاسية بتوسيع قاعدة المواطنين المستفيدين منها، وبناء عليه وجه رئيس الوزراء بتشكيل لجنة فنية برئاسة وزيرة الصناعة والتجارة الخارجية تكون مهمتها دراسة آليات مشاركة التوكتوك في المبادرة كإحدى وسائل المواصلات المستخدمة في مصر، حسب المتحدث باسم المبادرة طارق عوض.

المتضررون

المعارضون للقرار سواء من أصحاب الاستثمارات في صناعة "التوكتوك" أو من العاملين عليه، وصفوه "بالكارثي"، وقال عضو الشعبة العامة للمستوردين مصطفى المكاوي الذي يمتلك مصنعا لقطع الغيار التكميلية "للتوكتوك" إن القرار يتجاهل البعد الاقتصادي والاجتماعي والإنساني لشريحة كبيرة من العاملين والمتعاملين مع هذه المركبة.

وأشار مكاوي، في تصريحات صحفية، إلى أن تقديرات العمالة المباشرة وغير المباشرة في صناعة التوكتوك تتجاوز 10 ملايين عامل، وأن حجم الاستثمارات في النشاطات المرتبطة بتلك الصناعة يبلغ 5 مليارات جنيه (الدولار يساوي 15.7 جنيها) في أنشطة الاستيراد، ونحو 60 إلى 80 مصنعا للصناعات المغذية، بخلاف نشاط التجميع نفسه (40% من أجزاء التوكتوك تصنيع محلي).

بدوره، قال أحد السائقين للجزيرة نت "ليست المرة الأولى التي نسمع فيها عن مثل هذا القرار، ولا أعتقد أن سير التوكتوك سيتوقف في شوراعنا، إنه مثل الجسور المتنقلة التي تربط كل مصر ببعضها، ويعيل ملايين البيوت، ويستوعب ملايين الشباب العاطلين، كيف يتوقف؟!".

وفي تعليقها على القرار، قالت مجموعة "غبور أوتو" الوكيل الرئيسي لشركة "بجاج" الهندية، المصنعة لهذه المركبة، إنها تحاول توفير حلول بديلة لتخفيف النقص المتوقع في الأداء، في حين توقع عضو مجلس إدارة الشركة منصور قباني أن يتكبد نحو 19 مصنعا ينتج المكونات المحلية خسائر فادحة.

التوكتوك متهم بأنه وسيلة نقل غير حضارية وعشوائية (الجزيرة)

سرقة وتحرش وقتل

على الجهة الأخرى، "التوكتوك" متهم بأنه وسيلة غير حضارية وعشوائية، ويستخدم في جرائم مختلفة على نطاق واسع، بداية من السرقة وتجارة المخدرات، والتحرش، وصولا إلى عمليات القتل، إلى جانب صعوبة تحديد هويته لعدم وجود لوحات معدنية للغالبية العظمى من المركبات، وذلك يسهل فرار صاحبه ويتسبب في عدم القدرة على تتبعه.

كما أنه متهم رئيسي بفوضى الازدحام في الشوارع والميادين العامة داخل المحافظات وفي العاصمة القاهرة الكبرى، وزيادة عدد الحوادث والمشادات والخلافات اليومية، والسير عكس الاتجاه والسير في الطرق غير المخصصة له، إلى جانب أن نحو 40% من سائقي "التوكتوك" أطفال تحت سن 18 عاما، وهناك من يعتقد أن التوكتوك بات يشجع على أعمال "البلطجة" والعنف والإدمان.

التوكتوك في أرقام

تتفاوت التقديرات المتعلقة بأعداد مركبة "التوكتوك" الذي ظهر قبل نحو عقدين، لكنها لا تقل عن 3 ملايين في أقل تقدير، حسب تصريحات بعض المسؤولين المصريين، ولا تزيد على 5.4 ملايين، حسب مستشار رابطة ملاك "التكاتك" صبري عباده، أما إجمالي عدد المركبات المرخصة حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول فلا يتجاوز 275 ألفا فقط، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ويعتمد نحو 30 مليون مصري على "التوكتوك" كونه وسيلة نقل شعبية سريعة وخفيفة ورخيصة نوعا ما، وقادرة على حمل الأشخاص وبضاعتهم أو أحمالهم الثقيلة إلى أي مكان سواء داخل المدن والقرى والأحياء الضيقة أو حتى بين القرى والمدن أيضا.

وبحسبة بسيط؛ يبلغ متوسط عدد "التكاتك" نحو 3 ملايين مركبة، ومتوسط الإيراد 120 جنيها يوميا، ويبلغ حجم إيرادها السنوي نحو 10 مليارات و800 مليون جنيه، ويهدر على الدولة نحو 3 مليارات جنيه في صورة تراخيص ومخالفات مهدرة، حسب دراسة أعدّها أستاذ الإدارة المحلية الدكتور حمدي عرفة، مشيرا إلى أنها توفر 250 ألف فرصة عمل سنويا.

المصدر : الجزيرة