بعد تأخره عقودا.. الإعلان عن بدء تنفيذ مشروع مصفاة الجنوب في ليبيا

رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة اليوم عند توقيعه قراري تنفيذ مشروع نفط وغاز الجنوب - صور المركز الإعلامي للحكومة
رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة لحظة توقيعه قراري تنفيذ مشروع نفط وغاز الجنوب (المركز الإعلامي للحكومة)

طرابلس– وقّع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة أمس الأحد قرارين يأذنان للمؤسسة الوطنية للنفط بالانطلاق في تنفيذ مشروعين لإنشاء مصفاة الجنوب لتكرير النفط وإنتاج الغاز المنزلي.

وأكد الدبيبة توفر العزيمة والإرادة لتنفيذ مشروعٍ تأخر إنجازه 4 عقود، كما أكد أن جاهزية التغطية المالية والتصاميم الفنية والمواصفات من قبل المؤسسة الوطنية للنفط.

وقال الدبيبة إنه مهما قدمت الحكومة للجنوب الليبي فإن ذلك لن يوفي سكانه حقهم، مؤكدا أن استقرار الجنوب لن يتم إلا بالتنمية وتفعيل المشروعات.

وتستهدف فكرة مصفاة الجنوب -حسب الخطة المعلنة من قبل المؤسسة الوطنية للنفط- إنتاج 30 ألف برميل من النفط الخام يوميا، ويرتبط بها مصنع لإنتاج أسطوانات غاز الطهي المنزلي أو التجاري، بقدرة إنتاجية تصل إلى 8 آلاف أسطوانة غاز يوميا.

وينتظر تطوير الإنتاج للوصول إلى مليون و369 ألف لتر يوميا من وقود السيارات لتغطية حاجة السكان في مدن وأرياف الجنوب، ومليون و53 ألف لتر يوميا من الديزل، وهو مهم بالنسبة للشاحنات التي تعمل على نقل البضائع باتجاه الجنوب، وحتى باتجاه الدول المجاورة قادمةً من مناطق الشمال الليبي كطرابلس والمنطقة الحرة في مصراتة وغيرهما.

إعلان

وسيكون من إمكانات المصفاة -بالقرب من حقل شرارة ومحطة أوباري- إنتاج نحو 646.4 ألف لتر يوميا من وقود الطائرات، ومليون و145 ألف لتر من الزيوت الثقيلة.

الدبيبة: مهما قدمت الحكومة للجنوب الليبي فإن ذلك لن يوفي سكانه حقهم (غيتي)

مشروع تأخر تنفيذه 40 عاما

وحسب العرض الذي قدمته شركة "زلاف ليبيا"، فإن فكرة المشروع ولدت عام 1980، وكانت الفكرة الأولية أن يكون قرب مدينة سبها، في ظل تزايد الإنتاج النفطي جنوبا، واستهلاك الوقود من قبل السكان.

وكانت أول دراسة جدوى قامت بها شركة عالمية عام 1987، وقدرت كلفة المشروع بـ100 مليون دولار آنذاك، ثم طُرح المشروع عام 1991 في عطاءات عالمية مرتين، ولكن لم يتم الأمر.

وفي عام 2001، كانت هناك دراسة للبدائل لتغطية منطقة الجنوب الليبي من احتياجات النفط ومنتجاته، وانتهت بالتوصية بإنشاء مصفاة في الجنوب.

لكن لم يحدث أي تقدم في الأمر حتى عام 2017، حينما شكلت لجنة إدارة شركة "زلاف ليبيا" لإنتاج واستخراج النفط والغاز، وإضافة مشروع المصفاة ضمن مشاريعها، والقيام بدراسة جدوى مرة أخرى.

وأوصت الدراسة -وهي الثالثة- باختيار موقع بديل بين محطة أوباري للكهرباء وحقل الشرارة النفطي، للقرب من مصدر النفط الخام والتسهيلات السطحية، وللقرب بمسافة كيلومترين فقط من خط تزويد محطة الكهرباء، مع إمكانية الاستفادة من النفط الثقيل في توليد الكهرباء، وهو يشبه مشروعين سابقين في البريقة وراس لانوف.

في عام 2020، تم الانتهاء من دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية والفنية، وهذا العام تم تجهيز مرحلة الأعمال الهندسية والتصاميم من قبل شركة "زلاف ليبيا".

وتقدر المؤسسة الوطنية للنفط تكلفة المشروع -الذي سينجز عبر استيراد مصفاة جاهزة للتركيب والإنتاج تقليلا لمدة التنفيذ والتكاليف- بأنها ستتراوح بين 500 و600 مليون دولار، مع تقدير أن يكون صافي الأرباح السنوية له 75 مليون دولار سنويا، مما يعني أن فترة استرداد رأس المال تمتد 7 سنوات.

إعلان

وتشير المؤسسة الوطنية للنفط إلى أن الجدوى الاقتصادية للمصافي الصغيرة في المناطق النائية -كحالة الجنوب الليبي التي يتوفر فيها النفط الخام والحاجة لاستهلاك مشتقاته- تكمن في توفير تكاليف نقل النفط الخام والغاز إلى موانئ التصدير والمصافي في الشمال، ونقل منتجات التكرير من المصافي وموانئ الاستيراد إلى مناطق الاستهلاك في الجنوب، بفارق 52 دولارا للطن، وهذ ينعكس على أسعار المحروقات والغاز المنزلي في المناطق البعيدة عن مدن الشمال.

تنمية الجنوب حلم يراود سكانه

وكان رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط المهندس مصطفى صنع الله أوضح أن اعتماد المشروع من قبل الحكومة خطوة كبيرة نحو إحداث الاستقرار والتنمية المكانية بالجنوب.

وعدّه تحديا آخر يضاف إلى التحديات التي أخذتها المؤسسة الوطنية للنفط على عاتقها لإنجاز وتنفيذ مثل هذه المشاريع الكبرى في مجال النفط والغاز، التي ستعود بالنفع الكثير على الجنوب الليبي، واقتصاد البلاد عموما، ومن ذلك توفير المئات من فرص العمل وتحقيق الاكتفاء الذاتي محليا من النفط ومشتقاته، بالإضافة إلى زيادة الإنتاج وتحقيق عوائد مالية وافرة للدولة الليبية.

ولهذا الغرض تبنت المؤسسة الوطنية للنفط المشروع من خلال شركة "زلاف ليبيا" لتحقيق التنمية المكانية، التي ستُسهم -بشكل فعّال- في حلّ أزمة الوقود في الجنوب الليبي، وستخلق العديد من فرص العمل لسكان المنطقة بشكل عام، مع ضرورة أن يُحمى هذا النفط والغاز من عمليات التهريب، حسب مصطفى صنع الله.

ترحيب

اجتماعيا، رحب عدد من أعيان سكان الجنوب -ممن شهدوا حفل توقيع بدء تنفيذ المشروعين اليوم- بهذه الخطوة، وعبروا عن أملهم أن يؤدي -عند الانتهاء منه خلال عامين أو 3- إلى توطين الصناعات والمشاريع الاقتصادية، بما في ذلك الصناعات التكاملية مع الغاز وإنتاج الغاز في محطة أوباري.

إعلان

وحسب هؤلاء، فإنه إذا انعكس المشروع على الوضع الاقتصادي والاجتماعي فيرجى أن يزيد من ترسيخ الأمن في مناطق الجنوب قليلة السكان، وأن يشجع أهلها على البقاء في بلداتهم بدل الهجرة نحو طرابلس ومدن الساحل الليبي، فضلا عن تعزيز جهود مواجهة الهجرة غير النظامية وتهريب البشر وكل الجرائم العابرة للحدود المتسللة عبر الصحراء الليبية.

المصدر : الجزيرة

إعلان