6 أعوام على سقوط الطائرة الروسية.. كيف تغير القطاع السياحي في مصر؟

السياحة تساهم بنحو 15% من الناتج القومي في مصر.

CAIRO, EGYPT - MAY 20: People are seen arriving at Cairo International Airport Terminal 1 on May 20, 2016. Debris including seats and personal belongings from EgyptAir Flight 804 which crashed in the Mediterranean carrying 66 people on Thursday was found 180 miles north of Alexandria, Egyptian military confirmed. (Photo by Chris McGrath/Getty Images)
قبل أيام عادت طائرة مصرية متجهة من القاهرة إلى موسكو إلى مطار القاهرة بعد دقائق من إقلاعها بسبب إنذار كاذب (غيتي إيميجز)

القاهرة- في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2015 سقطت طائرة روسية من طراز "إيرباص 321" في صحراء سيناء بعد 22 دقيقة من إقلاعها من مطار شرم الشيخ، وكانت تحلق على ارتفاع 31 ألف قدم (9450 مترا) عندما اختفت عن شاشات الرادار، حاملة على متنها 224 شخصا أغلبهم من السياح الروس لقوا جميعا مصرعهم.

اليوم وبعد 6 سنوات على الحادث المأساوي، يأمل المصريون -لا سيما من يعملون في القطاع السياحي- أن تنتعش حركة السياحة بين مصر وروسيا بعد أعوام من الانقطاع، لكن المخاوف الأمنية لا تزال حاضرة خصوصا بعد حادث الإنذار الكاذب لطائرة مصر للطيران بوجود قنبلة الأسبوع الماضي.

حادث الطائرة الروسية

مثل حادث الطائرة الروسية ضربة قاتلة للسياحة في مصر، بسبب ما طرحه من تساؤلات عن الإمكانيات الأمنية لحماية السياح والطائرات المدنية في المطارات المصرية.

ووسط تكهنات وشائعات حول أسباب سقوط الطائرة، قال مسؤولون روس في اليوم التالي لسقوط الطائرة إنها تحطمت في الجو، كما ذكر مسؤول أمني في موقع الحادث أن الطائرة انقسمت شطرين، وأن جزءا صغيرا من نهاية الذيل احترق والجزء الأكبر ارتطم بصخرة، مما رجح صدق بيان "تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية سيناء"، الذي أعلن مسؤوليته عن إسقاط الطائرة، موضحا أن ذلك جاء انتقاما من الضربات الجوية الروسية في سوريا.

ولم تلبث موسكو أن أكدت إن حادث الطائرة جاء بفعل زرع قنبلة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية على متن الطائرة، وصرح رئيس جهاز الأمن الفدرالي الروسي ألكسندر بورتنيكوف في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 أن عملا إرهابيا كان وراء الحادث، كما أن مخلفات مواد متفجرة وجدت في حطام الطائرة، الأمر الذي رفضته مصر في البداية مؤكدة عدم وجود أدلة على ذلك.

وفي أعقاب الحادث قررت موسكو وقف جميع رحلاتها الجوية المدنية إلى مصر، وحظرت شركات طيران بريطانية رحلاتها الجوية إلى شرم الشيخ بناء على توصيات الحكومة البريطانية، مما كبد القطاع السياحي المصري خسائر فادحة لسنوات.

مصر تقر بالحادث

وفي فبراير/ شباط 2016 أقر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لأول مرة، بأن حادث إسقاط الطائرة الروسية كان عملا إرهابيا يهدف إلى الإضرار بالسياحة المصرية وبالعلاقات بين مصر وروسيا.

وقال السيسي في كلمة على التلفزيون المصري "هل انتهى الإرهاب؟ كلا لم ينته، ولكنه سينتهي لو توحدنا، الذي أسقط الطائرة الروسية، ماذا كان قصده؟ كان هدفه ضرب السياحة وضرب العلاقات مع روسيا"، مضيفا أن الهدف من العمل الإرهابي كان عزل مصر عن العالم.

عودة السياحة

وتوقفت حركة السياح الروسية المباشرة بين روسيا ومنتجعات مصر السياحية الأهم الغردقة وشرم الشيخ منذ ذلك الحين، حتى لاح في الأفق عودة الوضع لما كان عليه في 8 يوليو/ تموز الماضي حين وقع الرئيس الروسي مرسوما لإلغاء حظر الرحلات الجوية إلى المنتجعات السياحية المصرية.

وخلال السنوات الماضية لم يتوقف قدوم السياح الروس لمصر عن طريق الرحلات غير المباشرة، وإصرار الروس على زيارة المنتجعات السياحية المصرية الرخيصة نسبيا مقارنة بأوروبا، إلا أن استئناف الرحلات المباشرة بين روسيا والمنتجعات المصرية قد يمثل زيادة كبيرة في حركة السياحة، في وقت أعلنت فيه وزارة الخارجية الروسية عن "تفاهم مبدئي" حول تعويضات تقدمها مصر لأسر ضحايا العملية الإرهابية.

كما رفعت إنجلترا مصر من القائمة الحمراء لدول كورونا في أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، مما يساهم في عودة السياح الإنجليز بقوة لمنتجعات شرم الشيخ والغردقة المفضلة لهم، حيث احتلت السوق الإنجليزية المركز الثاني إلى الرابع بين الأسواق العشر المصدرة للسياحة المصرية خلال الفترة من 2010 إلى 2015.

السياحة الداخلية

وتساهم السياحة بنحو 15% من الناتج القومي في مصر، كما تستفيد عدة صناعات مرتبطة بها وتخلق فرص عمل جديدة.

وقد أشار استطلاع أجراه مركز المعلومات التابع لرئاسة الوزراء المصرية بين أصحاب الفنادق أن السياحة الداخلية لا تزال تشكل النسبة الكبرى من الإشغالات في الفنادق في أغسطس/آب الماضي، حيث استحوذ المصريون على معظم إشغالات الفنادق والمنتجعات السياحية، في حين كانت نسبة النزلاء الأجانب 19%، والعرب 3.9%، ويأتي الألمان ثم الأوكرانيون في مقدمة السياح.

آمال في الشتاء

لكن الأمر قد يتغير في موسم الشتاء، حيث يتوقع خبراء أن يزيد عدد الرحلات السياحية الروسية تدريجيا ليبلغ ذروته في موسم السياحة الروسية في الشتاء القادم، ليمثل الروس حوالي ربع السياح لمصر.

ففي تصريحات صحفية، قال الخبير السياحي جابر موسى إن السياحة الروسية هي الأكبر من كل السياحة الوافدة، وتشكل دعامة لتطوير العلاقات بين مصر وروسيا.

وتوقع موسى أن تشهد السياحة الروسية في مصر "طفرة غير مسبوقة خلال السنوات المقبلة"، مؤكدا أن كل الظروف مواتية لتحقيق هذه الطفرة.

بينما يشكك خبراء آخرون في أن تعود السياحة الروسية لكامل طاقتها عما كانت عليه قبل سقوط الطائرة الروسية، حيث كان حينها الطيران الترانزيت من روسيا لدول أوروبية لمصر هو الأقل تكلفة.

وتوقع الخبير الاقتصادي هاني أبو الفتوح أن إعلان روسيا تنظيم رحلات طيران جديدة إلى مصر يمثل انفراجة في أزمة السياحة الروسية، لكنها لن تكون بالقوة نفسها، لأن انفراج الأزمة مرتبط بالتخفيف من القيود على السفر عموما بسبب جائحة كورونا.

نبذة تاريخية

وأثرت الأحداث التي تلت ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 على حركة السياحة، حيث استقبلت مصر في عام 2010 أكثر من 14.7 مليون سائح، قبل أن يتراجع العدد إلى 9.8 ملايين في 2011 وفقا لأرقام رسمية نشرها الاتحاد المصري للغرف السياحية والجهاز المركزي للإحصاء.

وخلال عام 2012 وصل عدد السياح إلى 11.5 مليون سائح، رغم الاضطرابات الأمنية والمظاهرات في الشوارع، لكن استمرار الأحداث السياسية المضطربة أثر على السياحة في العام التالي، فتراجع عدد السياح إلى 9.5 ملايين سائح في 2013، قبل أن يرتفع قليلًا خلال 2014 إلى 9.9 ملايين سائح، وتوافد في عام 2015 نحو 9.3 ملايين سائح، لينخفض مرة أخرى في عام 2016 إلى 5.3 ملايين سائح بعد حادث الطائرة الروسية.

وفي 2016 قالت الحكومة المصرية إن عائدات السياحة تراجعت نحو 1.3 مليار دولار منذ سقوط الطائرة الروسية، كما أغلق أكثر من 40 فندقا في منتجعي شرم الشيخ والغردقة بعد رحيل السياح الروس والإنجليز.

وانتعشت حركة السياحة في 2017 بوصول 8.2 ملايين سائح، زادوا إلى نحو 11.3 مليونا في 2018، ثم بلغ عدد السياح 13.1 مليونا في 2019 محققا انتعاشا كبيرا، ومقتربا لما كان الوضع عليه قبل ثورة يناير، ولم يلبث أن تأثر القطاع السياحي بسبب جائحة كورونا مما خفض عدد السياح إلى نحو 3.5 ملايين فقط، بسبب تأثر حركات الطيران حول العالم وتعليق رحلات الطيران الدولي في المطارات المصرية في مارس/آذار 2020.

في أغسطس/ آب 2021 أعلنت الحكومة المصرية عودة الطيران بين مصر وروسيا بـ 5 رحلات أسبوعية، تزيد تدريجيا بناء على نتائج زيارة لجان الوفد الروسي لمصر لتقييم الوضع الوبائي، كما تراقب لجان روسية إجراءات الأمن والسلامة في المطارات المصرية.

إنذار كاذب

ولا يبدو أن القاهرة قد تعافت تماما من مخاوف التهديدات الإرهابية للطائرات بين مصر وروسيا، فقبل أيام عادت إلى مطار القاهرة طائرة مصرية تابعة لشركة مصر للطيران كانت متجهة إلى موسكو بعد دقائق من إقلاعها بسبب إنذار كاذب.

وقال بيان شركة مصر للطيران المنشور في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على صفحة الشركة على فيسبوك إن الطائرة عادت أدراجها "بسبب وجود رسالة تهديد مكتوبة من مجهول على أحد مقاعد الطائرة"، وذلك بعد 22 دقيقة من إقلاعها ووصل الركاب بسلام لمطار القاهرة.

المصدر : الجزيرة