بعد اتهامها بتمويل "الإرهاب".. هل تصادر السلطات المصرية شركة "جهينة"
بدأت أزمات شركة جهينة في أغسطس/آب 2015 عندما قررت لجنة حصر وإدارة أموال الإخوان المسلمين التحفظ على أموال مؤسسها الشخصية بتهمة تمويل أنشطة الجماعة.
القاهرة – عادت إلى الواجهة قضية صفوان ثابت مؤسس شركة "جهينة" المصرية لمنتجات الألبان والعصائر، ونجله سيف الدين (40 عاما) المحبوسين على ذمة اتهامهما بـ "تمويل الإرهاب، ومشاركة جماعة أُسست على خلاف القانون أغراضها".
وبرز مجددا اسم رجل الأعمال (75 عاما) بعد صدور بيان لوزارة الداخلية، قبل أيام، تكشف فيه إحباط ما أسمته "مخططا" يهدف إلى تمويل جماعة الإخوان المسلمين على صلة به، والقبض على رجل يدعى يحيى مهران، الذي وصفته بأنه "أحد الأذرع الرئيسية لثابت" ووصفه بأنه "قيادي إخواني".
اقرأ أيضا
list of 4 itemsمصر.. عندما تفتح الحرارة المفرطة أبواب الرزق الواسعة
عقبات في طريق المشروع.. ما دلالات طرح العاصمة الإدارية في البورصة المصرية؟
مصر.. مشاركة القطاع الخاص للحكومة في بناء المدارس تثير مخاوف الخصخصة
وقالت الداخلية "المخطط استهدف استخدام شركات ثابت في عمليات نقل وإخفاء أموال التنظيم واستثمار عوائدها لصالح أنشطة إرهابية" مضيفة أنه تم العثور على 8.4 ملايين دولار (132 مليون جنيه) وذخيرة في شقة سكنية بمحافظة الجيزة.
وجاء بيان الوزارة بعد يومين فقط من توجيه منظمة العفو الدولية (أمنستي) انتقادا حادا وشديد اللهجة للسلطات المصرية لاستخدامها التهم المتعلقة بالإرهاب لاستهداف رجال أعمال لأنهم يرفضون الإذعان للأوامر التعسفية بالاستيلاء على أصولهم.
وكان ثابت قد اعتقل في ديسمبر/كانون الأول 2020، وبعد نحو شهرين احتجز جهاز الأمن الوطني نجله سيف الدين في فبراير/شباط 2021 بعد أن تولى منصب رئيس مجلس إدارة الشركة بشكل مؤقت.
وردا على بيان الداخلية، بادرت بهيرة الشاوي زوجة ثابت بنفي ما جاء في البيان جملة وتفصيلا، ونشرت على صفحتها الشخصية على موقع "فيسبوك" مقطعا مصورا فندت فيه تلك المزاعم وناشدت رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي إعادة النظر في القضية، والإفراج عن زوجها ونجلها.
وبعد يومين من نشر استغاثتها، تقدم أحد المحامين ببلاغ للنائب العام ونيابة أمن الدولة العليا ضدها، بحسب مواقع إخبارية محلية، واتهمها بنشر أخبار كاذبة من خلال إحدى القنوات المعادية لمصر.
وأعربت أمنستي عن مخاوفها من استمرار حبس ثابت ونجله في زنزانة انفرادية منذ القبض عليهما تعسفيا، في ظروف وصفتها المنظمة بأنها "ترقى إلى التعذيب" وأهابت بالسلطات المصرية أن تفرج عنهما.
وقال فيليب لوثر مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة "إن صفوان وسيف ثابت يتعرضان للعقاب لمجرد التجرؤ على رفض طلبات مسؤولين أمنيين مصريين بالتخلي عن أصول شركة جهينة" مشيرة إلى أنهما أبديا شجاعةً نادرة في مقاومة محاولة المسؤولين لابتزازهما.
الأصول مطلوبة لا المال
هذه المزاعم التي أوردتها أمنستي، سبق لها موقع "مدى مصر" (مستقل) الذي كشف في تقرير له يوم 29 أبريل/نيسان 2021 -نقلا عن مصدر مطلع على تطورات القضية- أنه "أصبح المطلوب منه (صفوان) وأبنائه هو التنازل عن أصول شركة فرعون للاستثمارات المحدودة التي تمتلكها الأسرة (المالكة لشركة جهينة) وأن الوضع يتجاوز دفع مبلغ من المال.. الأصول هي المطلوبة وليست الأموال".
ويبدو أن مساعي الوسطاء لحل أزمة "ثابت" مع السلطة باءت بالفشل، حيث أوضح مصدر سياسي آخر، بحسب "مدى مصر" أيضا، أن هناك مقترحات تقدم بها وسطاء للسعي لإنهاء هذه الأزمة بصورة معقولة.
وقال المصدر، في ذات التقرير، إن استمرار هذا الوضع ليس في صالح أحد، وليس من المعقول أن تكرم الدولة رجال أعمال (صفوان ونجله) متورطين في "تمويل الإرهاب" مضيفا أنه ليس من مصلحة الدولة رسم صورة سلبية عن تدخلها في الاقتصاد أو يكون هناك حديث عن مصادرة أموال رجال الأعمال تحت عناوين مختلفة.
وتبرعت شركة جهينة منذ وصول السيسي لسدة الحكم عدة مرات لدعم أنشطة الحكومة، وكانت المرة الأولى حين قدمت 50 مليون جنيه لصندوق "تحيا مصر" عام 2014، عندما دُعي رئيسها إلى المشاركة في الاجتماع الذي عقده مع رجال الأعمال، وتم تكريمه لاحقا ضمن أفضل مئة شركة مصرية.
عام 2018، تبرعت الشركة مجددا بـ 15 مليون جنيه لصندوق "تحيا مصر"، لدعم حملة القضاء على فيروس سي، والذي بموجبه حصلت الشركة بعدها على درع تكريم من هيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة، صندوق تحيا مصر، بحسب بيان الشركة في يونيو/حزيران من نفس العام.
جهينة ومشروع السيسي للألبان
تمتلك شركة جهينة، التي تأسست عام 1983 نحو 5 آلاف رأس من الأبقار الحلوب، و38 مركز توزيع رئيس، و136 ألف منفذ بيع، و900 شاحنة، و4 آلاف موظف، و200 منتج و4 مصانع، و51% من شركة "أرجو" بالشراكة مع شركة "أرلا فودز" الأوروبية المتخصصة في صناعة الألبان والأجبان، وحصدت الشركة الكثير من الجوائز بعضها في عهد الرئيس المصري الحالي، طبقا لـ موقع الشركة.
وتتزامن هذه الإجراءات ضد مؤسس شركة "جهينة" مع اهتمام السيسي شخصيا بالمشروع القومي لمراكز تجميع الألبان على مستوى الجمهورية، بمشاركة جهاز مشروعات الخدمة الوطنية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ووزارتي الإنتاج الحربي والزراعة.
بداية النهاية
وبدأت أزمات الشركة في أغسطس/آب 2015 عندما قررت لجنة حصر وإدارة أموال الإخوان المسلمين التحفظ على أموال ثابت الشخصية السائلة والمنقولة والعقارية بتهمة تمويل أنشطة الجماعة، وهو ما نفاه محاموه.
أعقب ذلك التحفظ على 7.2% من أسهم جهينة التي يمتلكها ثابت، بطريقة غير مباشرة، في فبراير/شباط 2016، ثم إدراجه على قائمة الإرهابيين في يناير/كانون الثاني 2017 لمدة 3 سنوات بحكم قضائي من محكمة الجنايات بتهمة تمويل الجماعات الإرهابية واحتكار الشركات والمؤسسات للبضائع بهدف الإضرار بالاقتصاد الوطني.
العام الماضي، قررت نيابة أمن الدولة العليا حبس ثابت احتياطيا على ذمة التحقيقات في القضية رقم 865 لسنة 2020، موجهة له اتهامات بـ "تمويل الإرهاب، والمشاركة بجماعة أسست على خلاف القانون" ثم انضم إليه بعد شهرين فقط الرئيس التنفيذي للشركة سيف ثابت (النجل الأكبر).
وتفاعلت جماعات حقوقية ونشطاء مع مؤسس شركة جهينة ونجله وزوجته، على مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بالإفراج عنهما، والدعم في إيصال صوتها للرئيس السيسي لحل أزمة الأسرة المنكوبة.