انزعاج أوروبي أميركي من تفاقم نقص أشباه الموصلات في العالم

أنهى مسؤولون كبار من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اجتماعات في بيتسبرغ الأميركية.
أنهى مسؤولون كبار من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اجتماعات في بيتسبرغ الأميركية (الفرنسية)

أنهى مسؤولون كبار من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اجتماعات في بيتسبرغ الأميركية، كانت ترمي إلى تعزيز العلاقات التجارية التي تضررت خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، والتعاون في قطاع التكنولوجيا.

وجاءت فعاليات "مجلس التجارة والتكنولوجيا" في المدينة الواقعة في ولاية بنسلفانيا، عاصمة الصلب التي تحولت إلى عاصمة للتكنولوجيا وريادة الأعمال والابتكار، في وقت تعاني فيه القطاعات الصناعية حول العالم من نقص في أشباه الموصلات التي تعتمد عليها الكثير من الشركات الناشئة.

وكان النقص في إمدادات شرائح الحاسوب المعروفة بأشباه الموصلات على قمة جدول البحث. فقد ارتفع الطلب على الأجهزة الإلكترونية بجميع أنواعها منذ بداية جائحة كوفيد-19، نتيجة تزايد العمل عن بُعد والطلب على الترفيه المنزلي.

ويواجه مصنعو أشباه الموصلات صعوبات لتلبية الطلب العالمي، في وقت اضطروا فيه أحيانا إلى إغلاق مصانعهم مؤقتا بسبب تفشي فيروس كورونا.

النقص في أشباه الموصلات يثير قلقا على الصعيدين الاقتصادي والأمني

وبحسب مسودة بيان مشترك اطلعت عليها وكالة الأنباء الفرنسية، يسعى الطرفان إلى بذل جهود مشتركة من أجل "إعادة التوازن لسلاسل الإمداد العالمية على صعيد أشباه الموصلات، مع التطلع إلى تعزيز أمن الإمدادات" وتفعيل قدرات إنتاج الشرائح محليا.

إعلان

وقالت وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو إن النقص في أشباه الموصلات يثير قلقا على الصعيدين الاقتصادي والأمني، ودعت إلى الاستثمار في التصنيع المحلي في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وقالت الثلاثاء الماضي أمام نادي واشنطن الاقتصادي "قبل 20 عاما، كنا نصنع نحو 40% من جميع الرقائق. اليوم، صارت حصتنا من الإنتاج العالمي 12% فقط، ولا نصنع أيا من الرقائق المتطورة تقنيا".

وحثّت المسؤولة الكونغرس على الاستثمار بكثافة لزيادة الإنتاج الأميركي من أشباه الموصلات بشكل كبير.

يذكر أن سوق أشباه الموصلات كانت في الأساس تحت الضغط بفعل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وعمدت شركات كبرى مثل "هواوي" (Huawei) العام الماضي إلى تخزين كميات كبيرة للحد من وطأة العقوبات.

وسعيا لضمان سيادته التكنولوجية بوجه الصين والولايات المتحدة في هذه السوق المقدرة بـ440 مليار يورو، يطمح الاتحاد الأوروبي لإنتاج 20% من أشباه الموصلات في العالم بحلول 2030، وهو ما يساوي ضعف حصته الحالية من الإنتاج.

ما أشباه الموصلات؟

تشمل أشباه الموصلات المواد نفسها وأشهرها "السيليسيوم"، والمكونات الإلكترونية المصنوعة بها، مثل الرقائق التي تسمح للأجهزة الإلكترونية بالتقاط البيانات ومعالجتها وتخزينها.

وهذه المكونات أساسية لأجزاء كاملة من الصناعة العالمية، وتدخل في صناعة العديد من الأدوات التي نستخدمها بصورة يومية. فنجدها في الأجهزة الإلكترونية، مثل الهواتف الذكية، والحواسيب ومشغّلات ألعاب الفيديو والسيارات، ولا سيما لوحات التحكم فيها، والطائرات والشبكات المعلوماتية والهاتفية وغيرها، وهي في غالب الأحيان دقيقة الحجم.

والمنتجون الرئيسيون لأشباه الموصلات هم في تايوان "تي إس إم سي" (TSMC)، وفي كوريا الجنوبية "سامسونغ" (Samsung)، و"إس كاي هاينيكس" (SK Hynix)، وفي الولايات المتحدة يوجد شركة منتجة كبرى هي "إنتل" (Intel).

إعلان

أما أوروبا، فإنها قد ركزت من جانبها على الأبحاث، ولا تملك سوى قدرات إنتاج ضئيلة.

هذا وقد عقد الوزراء اجتماعهم في "ميل 19" (Mile19) الذي كان مصنعا ضخما للذخائر إبان الحرب العالمية الثانية، قبل أن يتحوّل إلى مصنع للصلب على ضفاف نهر مونونغاهيلا، ليصبح في نهاية المطاف منشأة متطورة لعلم الروبوتات لباحثي جامعة "كارنيغي ميلون" (Carnegie Mellon).

ويلقي قطاع الصلب بظلاله على الاجتماعات من نواح عدة، خصوصا أن الجانبين لم يتوصلا بعد إلى تسوية النزاع الناجم عن فرض الرئيس السابق دونالد ترامب رسوما على الصلب والألمنيوم.

وكان ترامب فرض في يونيو/حزيران 2018 رسوما جمركية بنسبة 25% على الصلب و10% على الألمنيوم الأوروبيين، باسم حماية الأمن القومي للولايات المتحدة.

"قبل 20 عاما، كنا نصنع نحو 40% من جميع الرقائق. اليوم، صارت حصتنا من الإنتاج العالمي 12% فقط، ولا نصنع أيا من الرقائق المتطورة تقنيا"، وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو

 أزمة شرائح

وتقرر تشكيل "مجلس التجارة والتكنولوجيا" خلال قمة عقدت في بروكسل في يونيو/حزيران الماضي، شارك فيها الرئيس الأميركي جو بايدن، وقد سعى حينها إلى إصلاح العلاقات وتوصل إلى اتفاق لنزع فتيل النزاع بين "إيرباص" (Airbus) و"بوينغ" (Boeing)، في مساع أفضت إلى تعليق الرسوم.

لكن عقبات أخرى أدت إلى تفاقم التوترات، ولا سيما خروج الولايات المتحدة من أفغانستان نهاية أغسطس/آب والإعلان عن تشكيل تحالف إستراتيجي بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا، دون أي تشاور مع الأوروبيين، مما أثار شكوكا حيال رغبة واشنطن المعلنة في التعاون.

وزير الخارجية الأميريكي أنتوني بلينكين
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الفرنسية)

وشمل الوفد الأميركي وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزيرة التجارة جينا ريموندو، والممثلة التجارية كاثرين تاي، بينما ضم الوفد الأوروبي نائبي رئيسة المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس ومارغريت فيستاغر.

وأعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "شريكان لا غنى لهما عن بعضهما بعضا"، وسيسعيان إلى "تعزيز النمو الاقتصادي المشترك" للعمال في كل منهما.

إعلان

 التصدي لبكين

وبالإضافة إلى أشباه الموصلات، تمت مناقشة الممارسات التجارية غير العادلة، مثل الدعم الحكومي والنقل القسري للتكنولوجيا، وخيمت على المناقشات السياسة التي سيتم اعتمادها حيال الصين.

حاليا، يتبع بايدن نهج سلفه ترامب من خلال الدعوة إلى الحزم تجاه بكين، وأبقت إدارته على الرسوم الجمركية المشددة التي فرضها ترامب على البضائع الصينية.

لكن في حين شدد دومبروفسكيس على أن الغاية من مجلس التجارة والتكنولوجيا ليس استهداف دولة بعينها، يشير البيان إلى جهود للتصدي "للاقتصادات غير السوقية"، في إشارة إلى الصين، وبذل جهود على صعيد ضوابط الاستثمار والتصدير.

ووفق مسوّدة البيان، يتعهد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالعمل بشكل وثيق من أجل حماية اليد العاملة في كل منهما من "ممارسات تجارية مجحفة… تقوّض نظام التجارة العالمي".

المصدر : الجزيرة + الفرنسية

إعلان