سياسات التنمية والتحفيز في قطر تبشر بنمو قطاع العقارات في 2021

The skyline of Doha city center after sunset, Qatar
القطاع العقاري يعد واحدا من أسرع النشاطات الاقتصادية نموا في قطر (شترستوك)

توقع تقرير أعدته شركة الأصمخ للمشاريع العقارية أن يحقق القطاع العقاري في قطر مزيدا من النمو والانتعاش خلال السنة الجارية، في ظل سياسة التنويع الاقتصادي التي تتبعها الدولة وتركيزها على الاستثمار في القطاعات غير النفطية، ومن أبرزها قطاع العقار الذي ينتظر أن يحقق قفزة نوعية، خاصة خلال الربع الأول.

واستند التقرير إلى المؤشرات التي تضمنتها خطة الإنفاق الحكومي خلال 2021، والتي تصب في مصلحة قطاع العقارات، خاصة الإنفاق المتعلق بالبنية التحتية واستكمال مشاريع تطوير المدن وبناء الطرق، والتي ستنعش المشاريع الإنشائية وتدعم مردود شركات العقارات، بحيث سيستمر القطاع في تصدر المركز الأول من حيث معدلات الإنفاق بين كل القطاعات خلال العام 2021.

وبلغة الأرقام حسب التقرير، واستنادا إلى موازنة 2021، فقد قدر إجمالي التدفقات النقدية الحكومية المطلوبة للمشاريع الجديدة بنحو 53.9 مليار ريال (نحو 14.8 مليار دولار)، تستحوذ هيئة الأشغال العامة "أشغال" على نحو 47.5 مليار ريال منها (12.9 مليار دولار)، تليها مشاريع تطوير المناطق القائمة وأراضي المواطنين الجديدة، ثم أعمال البنية التحتية المتكاملة، ومشروعات الطرق السريعة.

أما إجمالي الإنفاق المخطط له في القطاع العقاري فيبلغ 194.7 مليار ريال (53.4 مليار دولار)، منها 72.1 مليار ريال (19.7 مليار دولار) للمشروعات الرئيسية. وبالإضافة إلى مخصصات تطوير أراضي المواطنين، وتنفيذ مشروعات البنية التحتية والمشروعات الجديدة، يتواصل العمل على إتمام المشاريع التنموية في مختلف القطاعات، خاصة تلك المتعلقة بالبنية التحتية ومنشآت كأس العالم لكرة القدم 2022.

ويعد القطاع العقاري واحدا من أسرع النشاطات الاقتصادية نموا في قطر، والملاذ الآمن لكثير من ‏المستثمرين، بفضل السياسة الإنمائية التي تنتهجها الحكومة والحلول التي تقترحها، مما أدى إلى ازدياد عدد الشركات ‏العقارية العاملة.

ملعب الريان
العمل يتواصل لإتمام المشاريع التنموية خاصة تلك المتعلقة بالبنية التحتية ومنشآت كأس العالم لكرة القدم 2022 (الجزيرة)

مؤشرات متفائلة

وعن المؤشرات المتفائلة التي اعتمد عليها تقرير شركة الأصمخ، يرى مدير التسويق والاتصالات في شركة الأصمخ للمشاريع العقارية مايكل كفوري أن مواصلة الأعمال الإنشائية في مختلف المشاريع العقارية في الدولة، رغم تداعيات جائحة فيروس كورونا، وخاصة في المواقع الواعدة كمدينة لوسيل ومشروع اللؤلؤة، إلى جانب عدد من المناطق التي تشهد نموا في الكثافة السكانية شمالي وجنوبي قطر، كلها مؤشرات على صحة القطاع العقاري في قطر وعدم تأثره.

وقال كفوري للجزيرة نت إن استمرار تحسين البنية التحتية وتطويرها، خاصة ما يتعلق بمرافق النقل الجديدة وتطوير الطرق والجسور، والاستعداد للأحداث الكبرى التي ستستضيفها الدولة خلال الأعوام القليلة المقبلة، تعتبر من العوامل التي ستسهم في انتعاش قطاع التجزئة والضيافة، بما يدعم في الوقت ذاته نمو عمليات الإنشاءات العقارية في هذين القطاعين الحيويين لتواكب كافة المتطلبات، إضافة إلى الانفتاح المهم في قطاع السياحة وتطوير بنياته.

وبشأن إذا ما كانت بعض الإجراءات الحكومية التي اتخذت مؤخرا كتسهيل تملك غير القطريين للعقارات في الدولة، قد أسهمت في هذا الانتعاش، ذكر كفوري أن ذلك أنشأ قواعد راسخة لتطوير القطاع العقاري، وشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، وفي الوقت ذاته ساهم بشكل كبير في دعم بيئة العمل الخاصة بالشركات الوطنية في القطاع الخاص، وهو أيضا قرار يصبّ في صالح تعزيز نمو القطاع العقاري والاستثمار فيه، ويفتح آفاقا واعدة أمام المستثمرين.

وإذ يبدي مراقبون ومسثتمرون عقاريون تفاؤلهم بتوسع آفاق سوق العقار هذه السنة، يتوقع نمو الطلب على العقارات السكنية بنسبة تصل إلى 30% خلال النصف الأول، مع ارتفاع الطلب على محلات التجزئة في المولات والمجمعات التجارية، يصاحبه استقرار في أسعار العقارات المكتبية.

كما ينتظر تحقيق نمو في صفقات بيع الفلل بنسبة 3% خلال الربع الأول أيضا، يرافقه الانتهاء من عدد من المشروعات العقارية، خاصة بمدينة لوسيل التي تبلغ مساحتها نحو 1.8 مليون متر مربع.

مشاريع البنية التحتية اللازمة لاستضافة بطولة كأس العالم 2022 ساهمت في تحقيق نمو القطاع العقاري (رويترز)

تحفيز الاستثمار

رجح التقرير أن يدعم هذا الإنفاق قطاع العقارات، في ظل التوجه الحكومي لدعم مشاركة القطاع الخاص في المشاريع التنموية في الدولة، وتشجيع المستثمرين المحليين، وتحفيز مناخ الاستثمار وجعله أكثر جذبا لرؤوس الأموال واستفادة من تكنولوجيا العقار الحديثة.

ويستند التقرير في توقعه حدوث مزيد من النمو خلال السنوات المقبلة إلى قيمة تداول العقارات في عقود البيع المسجلة لدى إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل بين 29 نوفمبر/تشرين الثاني والثالث من ديسمبر/كانون الأول الماضيين، التي بلغت 1.58 مليار ريال (نحو 430 مليون دولار).

كما لم يغفل التقرير الإشارة إلى حدوث "حركة تصحيحية" في قطاع العقار العام الماضي إثر انخفاض أسعار العقارات بنسب متفاوتة حسب المناطق، حيث ذكر أن هذا الانخفاض صحي وليس له أي تداعيات على القطاع، على الرغم أن الأشهر الأخيرة من العام الماضي شهدت زيادة في نسبة المعروض من الشقق السكنية، وهو ما أحدث فجوة بين العرض والطلب.

وإذا كانت موازنة 2021 في قطر قد أولت أهمية بالغة لقطاعي التعليم والصحة بتخصيصها نحو 17.4 مليار ريال (نحو 4.7 مليارات دولار) لقطاع التعليم و16.5 مليار ريال (نحو 4.4 مليارات دولار) للصحة، فإن أبرز مجالات الإنفاق عليهما تهم تطوير المدارس والمؤسسات التعليمية وتوسعة المنشآت الطبية ومرافقها، وبقدر ما ينعش الإنفاق على هذين القطاعين شركات البناء والمقاولات، فهو يسهم أيضا في تعزيز نمو الشركات المنتجة لمواد البناء في قطر كالحديد والإسمنت.

كما أضاء التقرير على إسهام مشاريع البنية التحتية اللازمة لاستضافة بطولة كأس العالم 2022 في تحقيق نمو القطاع العقاري، بعد أن رصدت موازنة 2021 نحو 3.5 مليارات ريال (نحو 960 مليون دولار) للجنة العليا للمشاريع والإرث، وهي الجهة المسؤولة عن تطوير مشاريع المنشآت الرياضية للبطولة.

تملك الأجانب

وبعد قرارها اتخاذ خطوات عملية لتنويع الموارد الاقتصادية وتحفيز الاستثمار في البلاد، سنت قطر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي تشريعات تخص تملك الأفراد والشركات الأجنبية للعقارات وفق شروط وضوابط، بعد أن رسمت حدود المناطق التي يجوز لغير القطريين تملك العقارات فيها والانتفاع بها.

كما تم تسهيل إجراءات منح الإقامة لملاك العقارات التي تزيد قيمتها عن 730 ألف ريال قطري (200 ألف دولار أميركي)، بحيث يحصل مالك العقار على إقامة سارية له ولأسرته من دون مستقدم طوال مدة تملكه للعقار، ولأجل ذلك استحدثت وزارتا الداخلية والعدل نظاما آليا يتيح حصول غير القطري على الإقامة بشكل مباشر فور استكمال إجراءات تملّك العقار.

ويسعى هذا القرار للإسهام في رفع عائدات الاستثمار في القطاع العقاري، حيث يتوقع أن ترتفع نسبة عوائد المطورين العقاريين جراء عمليات بيع الوحدات السكنية والفلل والمكاتب والمحلات التجارية ما بين 15% و18%.

وتراهن الحكومة على أن تكون هذه الإجراءات محفزا للمستثمرين لولوج السوق القطري وإنعاش قطاع العقار، وتشجيعا لمزيد من التطوير في مجال تكنولوجيا المباني، وصولا إلى اعتماد مدن ذكية وصديقة للبيئة تكون أكثر جذبا.

المصدر : الجزيرة