بعد أشهر من تداولها.. هل نجحت الليرة التركية بكبح جماح الأسعار في الشمال السوري؟
بعد أكثر من 6 أشهر على تداول الليرة التركية في مناطق المعارضة (شمالي سوريا)، ما يزال هذا الإجراء محط جدل واسع بين الأهالي، لا سيما أن الخطوة تهدف إلى تثبيت أسعار السوق بعد أن انهارت قيمة الليرة السورية، وتجاوزت قيمة الدولار الواحد 3 آلاف ليرة.
وعزز هذا الإجراء الذي اتخذته حكومة المعارضة القرب الجغرافي من تركيا وتحديدا في محافظتي حلب وإدلب، إضافة إلى العلاقة الوطيدة التي تجمع تركيا مع المعارضة، والدعم الذي تقدمه أنقرة إلى المجالس المحلية، فهل نجحت الليرة التركية في كبح جماح أسعار السوق والسلع؟
في جولة على أسواق إدلب تبدو معظم البضائع والسلع من الخضار والفواكه والملابس، تحمل تسعيرة بالليرة التركية، التي باتت هي العملة المتداولة هنا، في الوقت الذي قام الصياغ وأصحاب محال الصرافة بتسعير الذهب والمعادن الثمينة بالدولار الأميركي.
ويعتمد إقبال السكان في حركة البيع والشراء على أسواق الخضار والمواد الغذائية، فيما تبدو عمليات البيع والشراء في أسواق الملابس والأثاث المنزلي متدنية إلى حد كبير.
ووفق التداول النقدي في السوق، فإن وجود الليرة السورية شبه معدوم؛ إلا من فئة قليلة من الموظفين العاملين عند النظام السوري، الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة السورية.
غياب الرقابة
يخرج عبد الكريم الحمود 20 ليرة تركية من جيبه أمام محل تجاري، بهدف شراء حاجيات أسرته اليومية من الطعام والشراب؛ لكنه يضيف إليها 20 ليرة إضافية لاستكمال مشترياته من الغذاء والخبز والخضار.
والحمود هو خياط يعمل بالأجرة اليومية في إحدى ورش مدينة إدلب، ويتقاضى مبلغا قدره 20 ليرة تركية نهاية كل يوم عمل، يمتد إلى أكثر من 12 ساعة.
ويقول الحمود إنه كان في السابق يحصل على أجر يومي يقدر بألفي ليرة سورية، وكانت كافية كمصروف، واليوم يتقاضى 20 ليرة تركية، وهي ما يقارب 6 آلاف ليرة سورية، مشيرا إلى أن هناك فجوة بين مدخوله ومصروفه في اليوم، عازيا الأمر إلى غياب الرقابة على الأسعار في السوق، والتلاعب من التجار الكبار.
تدني الأجور
في محل صرافة، يؤكد راشد الفارس أن عملية تداول الليرة السورية محدودة جدا في محله، ومعظم من يأتي إليه لاستبدالها بالتركي هم من الموظفين لدى النظام السوري، معتبرا أن الاستبدال لم يحل مشكلة الغلاء في السوق، كون معظم المدنيين في إدلب يعملون بأجور متدنية.
ويضيف الفارس للجزيرة نت أن الحل هو إيجاد فرص عمل جديدة في مناطق سيطرة المعارضة؛ مما يخفف من مشكلة البطالة، التي انتشرت بكثافة في الشمال السوري، وأصبح معظم الشبان يعملون بالأجرة اليومية التي بالكاد تكفي لشراء الخبز وبعض الطعام.
استقرار الأسعار
ورغم الانتقادات ووصف خطوة استبدال العملة بالمتسرعة من بعض السكان، وعدم حلها مشكلة ارتفاع الأسعار في مناطق سيطرة المعارضة، فإن هناك من يرى أن هذه العملية ناجحة، وعمدت إلى ضبط الأسعار.
ويرى وزير المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة، عبد الحكيم المصري، أن تجربة استبدال الليرة السورية بالتركية نجحت إلى حد ما، لا سيما في عملية استقرار الأسعار بالسوق، ولم يعد هناك أثر سلبي على التجار جراء تأثرهم بسعر الصرف، بعد انهيار سعر الليرة السورية.
وحول المتضررين من عملية الاستبدال، قال المصري للجزيرة نت إن عددهم محدود، وهم من العمال الذين ما زالوا يتقاضون أجورهم اليومية بالليرة السورية، مشيرا إلى أن بعض السلع والبضائع شهدت أسعارها ارتفاعا عقب عملية تداول الليرة التركية.
ويرى وزير المالية أنه رغم تذبذب الليرة التركية، الذي شهدته في عام 2020، فإنها أكثر استقرارا مقارنة بالليرة السورية، التي لم يعد لها مستقبل وتشهد انهيارا مستمرا، متوقعا أن تستمر حالة فقدان قيمتها بعد إصدار النظام السوري فئة نقدية جديدة بقيمة 5 آلاف ليرة.