تنافس أميركا.. ما سر المعجزة الاقتصادية للصين حتى أثناء الركود العالمي؟
أوردت أحدث بيانات مكتب إحصائي في الصين أن الاقتصاد في طور الانتعاش، بعد أن حقق الاقتصاد الصيني نسبة نمو تناهز 2.3% مع نهاية عام 2020.
وفي حوار "سفابودنايا براسا" الروسية مع أندريه أوستروفسكي نائب مدير معهد الشرق الأقصى التابع لأكاديمية العلوم الروسية حول أسباب هذا النمو، يذكر الكاتب أندري إيفانوف أن الصين هي الدولة الوحيدة التي صمدت أمام الأزمة الناجمة عن تفشي فيروس كورونا، في وقت تكبدت فيه بقية دول العالم خسائر فادحة.
وبحسب الصحيفة تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للصين علامة 100 تريليون يوان ليبلغ 101.6 تريليون، أي حوالي 15.68 تريليون دولار. وبهذا، تكون هذه المرة الأولى التي يقترب فيها الناتج المحلي الإجمالي للصين من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي الذي يقدر بحوالي 20.8 تريليون دولار.
أما بالنسبة للعام المقبل، فيتوقع الخبراء تحقيق نسبة نمو تتراوح بين 7.5% و8%، وارتفاع حصة الاقتصاد الصيني في الاقتصاد العالمي إلى نسبة 19%. ويعود ذلك إلى تغير هيكل الاقتصاد الصيني تدريجيا من "المصنع العالمي" إلى قوة عالية التقنية.
النشاط التجاري
ويرى الخبير أندريه أوستروفسكي أن سياسة الحفاظ على النشاط التجاري للمواطنين مثّلت السبب الرئيسي للانتعاش السريع للاقتصاد الصيني.
وفقا له، نجحت التدابير الرامية إلى مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم وريادة الأعمال الخاصة بقطاع الخدمات، ونتيجة ذلك تم إنقاذ 90% من الوظائف في الصين.
إنقاذ الشركات الصغيرة
من ناحية أخرى، تم تأجيل دفع الضرائب، وإلغاء بعض أنواع الضرائب على الشركات عام 2020. نتيجة لهذه الإجراءات، وهو ما أنقذ الشركات الصغيرة والمتوسطة -التي تمثل نسبة مشاركتها بالضرائب 50% من مجموع الضرائب، وتساهم بنسبة 60 % من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وعما يمكن أن تتعلمه الدول الأخرى من التجربة الصينية، يشير أوستروفسكي إلى أن معدل قطاع الخدمات في مناطق مختلفة يتراوح بين 30% و60 %، بينما تتجاوز هذه النسبة 80 % الدول الغربية. وفي روسيا كما هو الحال في الصين، تطور قطاع الخدمات بشكل جيد في المدن الكبرى فقط.
وبينما أغلقت العديد من منافذ بيع الأطعمة والمشروبات والمحلات التجارية في موسكو، مما أدى إلى ارتفاع معدل البطالة وانخفاض عائدات الضرائب وظهور مشاكل الإيجار، قدمت الصين الدعم للشركات المتضررة من الأزمة الناجمة عن الوباء، وفق الخبير ذاته.
قوة اقتصادية
وحول إمكانية أن يؤدي نمو القوة الاقتصادية للصين إلى تطوير مشاريعها الاقتصادية العالمية وتوسيع نفوذها الخارجي، يؤكد أوستروفسكي أن لدى الصين العديد من المشاريع العالمية مثل "حزام واحد وطريق واحد، بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية".
ويعتقد أنه حتى عام 2001، لم تحقق الصين توسعا اقتصاديا. ولكن بعد ذلك، بدأت في تصدير رأس المال خارج البلاد. ونتيجة لذلك، يتراوح حجم رأس المال السنوي الذي يدخل الصين من الخارج ما بين 135 و140 مليار دولار.
مشروع حزام واحد وطريق واحد يهدف -بحسب أوستروفسكي- إلى إشراك أكبر عدد ممكن من الدول في الأعمال التجارية الصينية.
حتى عام 2013، اقتصرت المعاملات التجارية للصين بشكل أساسي على الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة واليابان، غير أنها حديثا طورت في معاملاتها لتشمل دول ما بعد الاتحاد السوفياتي وجنوب شرق آسيا وجنوب آسيا وشرق أفريقيا.
ويضيف أوستروفسكي أن الشركات الصينية لم تستعد بعد إمكاناتها التصديرية، كما لم يسجل حجم الواردات انتعاشا مقارنة بعام 2019. علما أن الصادرات الصينية تقوم بشكل كبير على التقنيات العالية.
وطالما ما زال وباء فيروس كورونا منتشرا في العالم، فستستمر الصين في اتباع منهجها الحالي، وفقا لأوستروفسكي.