صيغة جديدة لخدمة العلم بالأردن.. هل تخفف نسب البطالة بين الشباب؟

على قارعة الطريق وتحت الشمس اللاهبة، يقف الشاب الجامعي فيصل أبو ريان (22 عاما) يهز بيده صينية معدنية يشير بها للمارة أن هنا محل لبيع الشاي والقهوة التركية، وما إن تقف سيارة حتى يركض نحوها سائلا السائق "ما طلبك؟".
يقول أبو ريان للجزيرة نت "تخرجت من الجامعة بتخصص معلم صف منذ العام الماضي، وللأسف لم أوفق بعمل حتى الآن، مما اضطرني للعمل في كافتيريا لبيع القهوة والشاي، أعيل به نفسي وأسرتي، بانتظار أن أحصل على وظيفة محترمة في التعليم".
خريج الهندسة المعمارية من الجامعة الأردنية الشاب معتصم الدريدي (24 عاما) ليس بأفضل حالا من فيصل، فبعدما تخرج لم يجد عملا بشهادته، مما دفعه للعمل في ورشة لصيانة وتركيب أجهزة التكييف والتبريد.
الأرقام الأخيرة لدائرة الإحصاءات الأردنية بشأن معدل البطالة في الربع الثاني من العام الحالي شكلت صدمة بعدما سجلت ارتفاعا بلغ 23%، مقابل 19.3% خلال الربع الأول من العام الحالي.
وسجلت البطالة بين الذكور 21.5% مقابل 28.6% للإناث، في حين بلغ معدل البطالة بين حملة الشهادات الجامعية 26.6% مقارنة بالمستويات التعليمية الأخرى.

البطالة يقابلها تدريب
ارتفاع معدل البطالة بين الشباب الأردني دفع السلطات لإعادة العمل ببرنامج خدمة العلم العسكرية الإلزامية للذكور، ولكن بصيغة جديدة تدمج ما بين الجانب العسكري والاقتصادي، وذلك في إطار سعيها للتخفيف من حدة البطالة والفقر.
رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز قال -خلال مراسم توقيع مذكرة تفاهم بشأن إعادة تفعيل خدمة العلم بين وزارة العمل والقوات المسلحة- إن "مشروع خدمة العلم مشروع وطني من وجدان كل أردني، يدشن بشراكة عزّ وافتخار مع القوات المسلّحة الأردنية".
وتابع أن "الشباب وطاقاتنا البشرية أغلى ما نملك، ولا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام ازدياد أرقام البطالة، وهي ظاهرة عالمية آخذة بالتفاقم في ظل استمرار جائحة كورونا، لذلك جاء برنامج خدمة العلم للتدريب العسكري تليه مرحلة لاحقة تركز على اكتساب مهارات مهنية وفنية وتقنية ورقمية في مواقع العمل، تنفّذها وزارة العمل بالشراكة مع القطاع الخاص".
يشار إلى أن قانون خدمة العلم الأردني صدر عام 1976، وكان يُخضع الشباب الأردني للتجنيد العسكري الإجباري لمدة عامين ضمن وحدات القوات المسلحة مكلفا بخدمة العلم، إلا أنه تم وقف العمل بنظام التجنيد الإجباري عام 1992، قبل توقيع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية.
لا يعول عليها
الخبير الدولي في قطاع العمل والعمال حمادة أبو نجمة، وصف برنامج العودة لخدمة العلم بـ"الخطوة الإيجابية"، خاصة أنه يدمج بين العسكري والتدريب العملي لتلبية احتياجات سوق العمل.
لكن أبو نجمة قال للجزيرة نت إن هذا البرنامج لا يعوّل عليه في تخفيض نسبة البطالة المرتفعة حاليا لعدة أسباب، أهمها أنه برنامج عملي تدريبي وليس برنامجا تشغيليا بمعنى توفير فرصة عمل للخريجين بعد إنهاء البرنامج.

إضافة إلى أن عدد الشباب المستهدف بالبرنامج 20 ألفا على مدى عامين، وهذا الرقم لا يشكل تخفيضا حقيقيا لأعداد المتعطلين عن العمل، إذا ما علمنا أن عددهم وصل إلى 440 ألفا بعد ارتفاع نسبة البطالة إلى 23%، كما أن البرنامج يستهدف الشباب دون الإناث، ونسبة البطالة بين الإناث من خريجات الجامعات تصل إلى 80%، وهذه الفئة بحاجة لفرص عمل أسوة بالشباب.
20 ألف عاطل
وزير العمل نضال البطاينة قال إن الفئة العمرية للشباب الذكور المستهدفة بالبرنامج هي ما بين 25 و29 عاما من العاطلين عن العمل وتتوفر فيهم عدة معايير، وسيخضع المكلفون بالخدمة لبرنامج تدريبي عسكري لمدة 3 أشهر، يحصلون خلالها على راتب شهري قدره 100 دينار (140 دولارا).
بعدها يتم توزيع المكلفين تبعا لاحتياجات فرص التدريب العملي إلى مسارين: التدريب التحضيري ويتضمن تدريبا على مهارات تحضيرية لسوق العمل وتدريبا في مواقع العمل لمدة 9 أشهر، والمسار الثاني التدريب المهني أو التقني بالإضافة إلى التدريب في مواقع العمل لمدة 9 أشهر.
وسيتم خلال العام الحالي بدء البرنامج باستدعاء 5 آلاف شاب من مواليد 1995، والعام القادم استدعاء 15 ألفا جدد، وتسعى الحكومة والقوات المسلحة إلى زيادة الطاقة الاستيعابية بتدرج.
وأظهرت أرقام دائرة الإحصاءات زيادة أعداد العاطلين عن العمل وتراجع حجم القوة العاملة بـ112 ألف شخص، بين نهاية مارس/آذار ونهاية يونيو/حزيران الماضيين.
هذا الانخفاض له تبعات سلبية على مستوى دخل الأسر والإنفاق الخاص ونسب الفقر، خاصة مع محدودية شبكات الأمان الاجتماعي الوطنية، وفق خبراء.