حقل الغاز التركي الجديد.. هل يحول أنقرة إلى منافس لموسكو؟
يعتقد الخبراء الغربيون أن تركيا بعد اكتشافها الكبير لحقل الغاز في البحر الأسود ستعزف عن شراء الغاز الروسي، مما سيعرّض مشروع السيل التركي للخطر.
وفي تقرير نشره موقع "نيوز ري" الروسي، أشارت الكاتبة ليوبوف غلازونوفا إلى أن حقل الغاز الذي تم اكتشافه حديثا في البحر الأسود من قبل سفينة الحفر "الفاتح" يقع بالقرب من حدود رومانيا وبلغاريا.
وحسب التقديرات تبلغ الاحتياطيات حوالي 320 مليار متر مكعب وستواصل أنقرة العمل البحثي في هذا المجال، وذكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الاحتياطيات المكتشفة ليست سوى جزء من الموارد.
وحتى الوقت الراهن، تعتمد تركيا على إمدادات الغاز الأجنبية، بما في ذلك الروسية، وقبل وقت قصير من الإعلان الرسمي، أفادت مصادر تابعة لوكالة "رويترز" بأنه تم العثور على ما بين 800 مليار و26 تريليون متر مكعب من الغاز في المياه الإقليمية التركية، وستكفي هذه الاحتياطيات تركيا لمدة 20 عاما، مما يدعو البعض للتساؤل حول مستقبل إمدادات تركيا من الغاز الروسي.
ونقلت الكاتبة عن كريستوف ميركل، العضو المنتدب لشركة "ميركل إنرجي للاستشارات"(Merkel Energy) أنه "من غير المفاجئ ظهور اكتشافات جديدة، وقد تكون دول مثل بلغاريا وأوكرانيا واليونان، من أشد المهتمين بشراء هذا الغاز إذا قررت تركيا تصديره، واعتمادا على حجم الاكتشاف، من المتوقع أن تتراجع عمليات الاستيراد عبر خط السيل التركي".
مع ذلك، يؤكد محللون آخرون أن السعر والطلب على الغاز وصل أدنى مستوياته التاريخية اليوم بسبب الظروف التي يمر بها العالم، لذلك من غير الواضح مدى ربحية إنتاج الغاز التركي وما إذا كانت أنقرة ستقوم بتصديره.
السوق المنافس
أما المحلل البارز في الصندوق الوطني لأمن الطاقة، إيغور يوشكوف، فيرى أنه من الضروري انتظار المراجعة الرسمية لحقل الغاز التركي قبل التحدث عن مدى ربحيته، ويضيف أن الاحتياطيات التي تم العثور عليها، ليست كبيرة الحجم، ومن الممكن استخراج الغاز من هناك لفترة طويلة، لكن كقاعدة عامة، لن تكون أحجام الإنتاج السنوية كبيرة جدا.
وبالنظر إلى عمق البحر الأسود وتكلفة الإنتاج العالية، يتساءل الكثيرون عن الخيار الأكثر ربحية بالنسبة لتركيا في الظروف الحالية، سواء كان شراء الغاز أو إنتاجه بشكل خاص، وهو أمر غير مكلف وغير مربح في الوقت ذاته.
ويشير يوشكوف إلى أنه لا شيء يهدد إمدادات الغاز الروسي على المدى القصير. وتواجه روسيا مشاكل أخرى مثل مشتريات أنقرة البديلة والأسعار المنخفضة في الأسواق، مما يسمح لتركيا بشراء الكثير من الغاز الطبيعي المسال وبتكلفة زهيدة.
وأعرب الخبير عن ثقته في استمرار الطلب على مشروعي السيل التركي وبلو ستريم، مشيرا إلى أن التنقيب عن الاحتياطيات الكبيرة لا يعني البدء فورا في استخراجها.
فعلى سبيل المثال، قبل بضع سنوات، اكتُشف واحد من أكبر مكامن الغاز الصخري في بولندا، ولكن حتى الوقت الراهن، لم يستخرج متر مكعب واحد منه، ووفقا لما ذكره الخبير، يمكن أن يبدأ إنتاج الغاز التركي بعد خمس أو سبع سنوات، الأمر الذي سيهدد مصالح روسيا حينها.
واكتشاف حقول غاز بالنسبة لتركيا لا يعود عليها بفوائد اقتصادية فقط، بل بمزايا جيوسياسية أيضا، وسيسمح لها ذلك بتحقيق الاستقلال في مجال الطاقة وتجاهل صفقات الغاز مع روسيا والقوى الأخرى التي تشتري منها الطاقة.