الأردن.. وقف علاوات المعلمين يفاقم أزمتهم المالية والحكومة تحدد وقت إعادتها

الحكومة الأردنية أوقفت الزيادات والعلاوات المالية الممنوحة لموظفي القطاع العام بعد تفشي فيروس كورونا (الجزيرة)

لم تتوقع المعلمة في وزارة التربية والتعليم الأردنية فاطمة الخصاونة (49 عاما) أن تبعات أزمة كورونا الاقتصادية على الأردن ستعصف بحياتها، فقد جرى تخفيض العلاوات المالية من راتبها بقيمة 110 دنانير (160 دولارا)، وفقد زوجها المعلم في أحد المدارس الخاصة عمله، مما أربك حساباتها المالية.

تقول الخصاونة للجزيرة نت "بمجرد حصولي على العلاوات المالية أخذت قرضا حسنا بقيمة ألف دينار (1.4 ألف دولار) من أحد البنوك الإسلامية لدفع رسوم ابنتي في الجامعة".

وتتابع "سددت من القرض دفعتين من زيادة الراتب التي حصلنا عليها كمعلمين، بعد إضراب العام الماضي، لكنني لم أتمكن من دفع باقي الدفعات بسبب وقف العلاوات المالية التي اعتمدنا عليها".

قرض للزواج

المعلم في المدارس الحكومية الأردنية يوسف العجوري (32 عاما) حصل هو الآخر على قرض ميسر بقيمة ألفي دينار (2.8 ألف دولار) لاستكمال متطلبات زواجه، ودفعته للحصول على القرض الزيادة المالية التي حصل عليها بقيمة 80 دينارا (110 دولارات).

لكن بسبب وقف زيادة الراتب التي حصل عليها من بداية العام -كما يضيف العجوري للجزيرة نت- تدهورت أموره المالية، واضطر لتأجيل الزواج للعام القادم لحين تخفيف الديون.

إعلان

وحصل المعلمون مطلع العام الحالي على زيادات مالية على رواتبهم الأساسية، تراوحت قيمتها بين 50 و70 دينارا (75 و100 دولار)، وبكلفة بلغت نحو 60 مليون دينار (85 مليون دولار سنويا)، بعد إضراب عن العمل استمر 35 يوما العام الماضي، وهو الإضراب الأطول في تاريخ المملكة.

المعلمون حصلوا مطلع العام الحالي على زيادات مالية على رواتبهم الأساسية بعد إضراب عن العمل استمر 35 يوما (الجزيرة)

رواتب متدنية

ويشتكي المعلمون من تدني رواتبهم أسوة ببقية موظفي القطاع العام؛ فالمعلم المعين حديثا يتقاضى -وفق نظام الخدمة المدنية- راتبا أساسيا يبلغ 150 دينارا (211 دولارا) ضمن الدرجة السابعة، تضاف له علاوات فنية وغلاء معيشة وعلاوة عائلية للمتزوجين؛ ليصل الراتب الإجمالي إلى 470 دينارا (660 دولارا).

يخضع بعدها الراتب الإجمالي لعدة اقتطاعات، منها الضمان الاجتماعي، وضمان التربية، والمالية، والتأمين الصحي بواقع 16.5%؛ ليصل راتب المعلم النهائي إلى 390 دينارا (550 دولارا)، مما شكل سببا رئيسيا في احتجاجات المعلمين، وأسهمت العلاوات المالية التي حصل عليها المعلمون في تحسين أوضاعهم المعيشية وزيادة إنفاق أسرهم على متطلباتهم المعيشية.

إلا أن تفشي فيروس كورونا في الأردن بداية مارس/آذار الماضي، وما تسبب به من أزمة اقتصادية؛ قررت الحكومة الأردنية وقف الزيادات والعلاوات المالية الممنوحة لموظفي القطاع العام والعاملين بالأجهزة الأمنية والعسكرية إلى بداية العام القادم 2021، ضمن حملة تقشف رسمية لمواجهة تداعيات انتشار الفيروس في الأردن.

وقف الزيادات

ووفق خبراء اقتصاد، فإن الزيادات المالية التي حصل عليها المعلمون وموظفو القطاع العام والأجهزة الأمنية والعسكرية بداية العام الحالي انعكست بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني، فقد أنعشت الأسواق وزادت الحركة التجارية.

ويرى المحلل الاقتصادي معن القطامين أن الزيادة المالية التي حصل عليها المعلمون وموظفو القطاع العام، وإن كانت بسيطة بنحو 60 دينارا (85 دولارا)، فإنها أسهمت في تحسين جزء من مداخيلهم المالية، خاصة أن أغلب المعلمين مدينون للبنوك والمؤسسات المالية وغيرها.

إعلان

وأضاف القطامين أن قيمة العلاوة المالية التي خصمتها الحكومة على المعلمين وموظفي القطاع العام قيمتها نحو 140 مليون دينار (200 مليون دولار)، وهذا الرقم لا يشكل عبئا على الحكومة، وصرفه للموظفين يحرك العجلة الاقتصادية للقطاعات التجارية والصناعية والخدمية، ويسهم في التخفيف من حالة الركود في الأسواق.

وتابع للجزيرة نت "كان الأولى بالحكومة ضخ مزيد من الأموال في الأسواق من خلال الزيادات المالية الممنوحة لموظفي القطاع العام، لأنها تسهم في حركة التبادل التجاري، وتدفع الموظفين لمزيد من الإنفاق بدل حالة التقشف التي يعيشونها حاليا بسبب خصم العلاوات".

الحكومة الأردنية وعدت بإعادة صرف العلاوات المالية للمعلمين وموظفي القطاع العام مطلع العام القادم 2021 (الجزيرة)

العلاوات عائدة

من جهتها، وعدت الحكومة الأردنية بإعادة صرف العلاوات المالية للمعلمين وموظفي القطاع العام مطلع العام القادم 2021، معتبرة أنها استحقاق لجميع الموظفين، ووقفها جاء للتكيف مع ظرف انتشار كورونا.

وقال رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز -في كلمة له قبل أيام- إن حكومته ملتزمة بما تعهدت به لضمان حياة كريمة للمعلم وموظفي القطاع العام، "وقد نفذنا ما التزمنا به تجاه المعلمين في أكتوبر/تشرين الأول 2019 باستثناء ما يتطلب تعديلات قانونية في مجلس الأمة".

إضراب المعلمين العام الماضي وتحركاتهم لاستعادة العلاوات المالية خلال الأشهر الماضية مؤشر خطير -وفق خبراء- على حالة الضغط الاجتماعي التي يعيشها هذا القطاع العريض من موظفي القطاع العام نتيجة تدني رواتبهم مقارنة بنظرائهم في المؤسسات الرسمية الأخرى، وانخفاضها عن خط الفقر في الأردن.

المصدر : الجزيرة

إعلان