بعد 5 سنوات من خفض عملتها.. الصين تمتلك اليوان الذي تريده
مقارنة باضطراب السوق العالمي الذي تسبب فيه انخفاض قيمة عملة اليوان الصينية عام 2015، فإن الانخفاض الطفيف والثابت منذ ذلك الحين لا يثير الكثير من القلق.
وقال موقع بلومبيرغ الأميركي، إنه منذ 5 أعوام خفّض البنك المركزي بشكل غير متوقع سعره المرجعي اليومي بنسبة 1.9%، مما أدى إلى أكبر انخفاض لليوان في يوم واحد منذ أن أنهت الصين نظام العملة المزدوجة عام 1994.
وأدى هذا التحرك المفاجئ، وما أعقبه من ضعف، إلى تحفيز المزيد من التدفقات الخارجية لليوان، التي تجاوزت 500 مليار دولار على مدى العامين التاليين، الأمر الذي دفع السلطات إلى فرض سلسلة من القيود لوقف تدفق مزيد من الأموال إلى الخارج.
ومقارنة بمستوى ما قبل انخفاض قيمة العملة، انخفض اليوان أكثر من 10% مقابل كل من الدولار ومجموعة من عملات الشركاء التجاريين، أما مقابل اليورو فقد اقتربت العملة الصينية من أدنى مستوياتها في 6 أعوام.
جانب إيجابي
ترحب الصين بعملة أضعف، وهو ما يجعل سلع البلاد أكثر جاذبية على مستوى العالم، ومع ذلك فإن تجنب الانخفاض الحاد في قيمة العملة يعني المفاضلة بين الاستقرار ودعم اليوان للعب دور أكثر أهمية.
ولا تزال العملة تُستخدم بشكل قليل خارج الصين بالنسبة لحجم الاقتصاد، كما لا تزال حصتها في المدفوعات العالمية واحتياطيات البنك المركزي منخفضة عند نحو 2%، وهو فقط جزء بسيط من حصة الدولار التي تزيد على 40% في كلا الحسابين.
في الواقع، قد يساعد الحفاظ على بطء انخفاض قيمة العملة أيضا على تجنب غضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي تعهد بتصنيف الصين على أنها تتلاعب بالعملة عندما خاض أول حملة انتخابية لتوليه منصب الرئاسة.
وحاليا، يرى صناع القرار في بكين أن لتراجع اليوان مع الدولار أمام العملات الرئيسية فائدة كبيرة للاقتصاد الصيني، ورغم التوترات المتصاعدة بين واشنطن وبكين، يبقى التداول بعملة اليوان محافظا على المستوى نفسه الذي كان عليه قبل 6 أشهر مقابل الدولار.
وفي شأن متصل، قالت كاري لي الخبيرة الاقتصادية في بنك "أو سي بي سي وينغ هانغ" (OCBC Wing Hang Bank) إن "الصين نجحت في إدارة سوق صرف العملات، حيث ساعد الاستقرار العام لليوان على تعزيز ثقة المستثمرين، ودفع التدفق النقدي إلى الداخل، وستحتاج بكين مستقبلا إلى جعل السعر الفوري مدفوعا أكثر بالسوق، وتسهيل استثمارات الصناديق الخارجية في الأصول الداخلية، وعرض المزيد من العقود التي تُعرف بالمشتقات المالية على التجار من أجل حمايتهم من تقلبات اليوان".
حصة صغيرة
تشمل الإجراءات التي تم اتخاذها لإدارة تحركات العملة فرض ضوابط رأس المال على الشركات والأفراد، وإصدار سندات خارجية باليوان، إلا أن هذه الضوابط بمثابة سيف ذي حدين؛ فرغم أنها تساعد بكين على منع الانخفاض الفوضوي في قيمة العملة، فإنها تقوض أيضا خطة الحكومة لجعل اليوان عملة معولمة بالفعل.
ورغم جهود الصين لجعل صندوق النقد الدولي يسمي اليوان عملة احتياطية رسمية عام 2016، فإن حصتها في احتياطيات البنك المركزي تبقى صغيرة.
وكما يقول محللون، مثل داريوش كووالتشيك كبير محللي الأسواق الناشئة في بنك "كريديت أجريكول" (Credit Agricole) للشركات والاستثمار؛ إن بنك الشعب الصيني يجب أن يسمح للعملة بقدر أكبر من المرونة.