خسائر شركة دلتا للطيران.. مرآة متشائمة للاقتصاد الأميركي

مع عودة تفشى انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، ولا سيما في الولايات الواقعة غربي البلاد وجنوبيها، لا ينتظر أن يتعافى الوضع الاقتصادي الأميركي سريعا. وتعكس بيانات قطاع الطيران مرآة متشائمة للاقتصاد ككل خلال الأشهر والأسابيع القادمة.
وقالت وزارة العمل الأميركية الخميس إن إجمالي الطلبات الجديدة للحصول على إعانة البطالة الحكومية بلغ 1.30 مليون دولار في الأسبوع، وهو ما يرفع أعداد طالبي إعانات البطالة إلى 32 مليون مواطن.
وسجلت البلاد أمس أكثر من 67 ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد، إضافة لوفاة 795 شخصا، وما ما يمثل حصيلة يومية قياسية جديدة طبقا لبيانات جامعة جونز هوبكنز.
وارتفع إجمالي عدد الموتى نتيجة الإصابة بالفيروس إلى أكثر من 137 ألفا و200 شخص، في حين وصل عدد إجمالي الإصابات إلى 3.5 ملايين مصاب.
دلتا نموذجا
شركة دلتا للطيران Delta واحدة من المؤسسات التي تكبدت خسائر فادحة بسبب كورونا وتراجع معدلات السفر، فهي تعمل بمعدل 20% و25% من نشاطها الطبيعي، وتقدر خسائرها الإجمالية في أزمة كورونا بحوالي 5.7 مليارات دولار.
كما تقاعد بشكل مبكر 20% من موظفيها البالغ عددهم 17 ألف موظف، في حين أقدم 35 ألفا على الحصول على إجازات طويلة غير مدفوعة الأجر.
ووصل قيمة سهم شركة دلتا منتصف أمس 16 يوليو/تموز إلى 27.26 دولارا في بورصة وول ستريت، في حين كانت قيمة السهم قبل ستة أشهر في 16 يناير/كانون /الثاني الماضي نحو 63 دولارا.
ويعمل بقطاع الطيران الأميركي 750 ألف شخص بصورة مباشرة، إضافة إلى ما يقرب من 10 ملايين آخرين في قطاعات مرتبطة بالطيران مثل تصنيع الطائرات والمحركات والمطارات والانتقالات.
وتشير بيانات جمعية الطيران الأميركية إلى أن القطاع يسهم بما يتخطى 5% من الناتج القومي الأميركي الإجمالي أو ما قيمته 1.7 تريليون دولار عام 2019.

قيمة الخسائر
أظهر بيان لقطاع الطيران تكبده خسائر يومية تبلغ 100 مليون دولار منذ بدء انتشار وباء كورونا المستجد وإغلاق المطارات، وكان نصيب خسائر دلتا 27 مليونا يوميا.
وتخطط دلتا للطيران لتخفيض يصل إلى 40% من إجمالي المرتبات، ويترتب على ذلك الإبقاء على 54 ألف موظف فقط بعدما كان إجمالي الموظفين بداية 2020 نحو 91 ألف موظف.
جاء ذلك بعدما انخفضت قيمة إيرادات دلتا خلال الربع الثاني من العام بنسبة 91% عما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي، وصرح أ. باستين رئيس الشركة "التعافي من تبعات فيروس كورونا ربما يأخذ سنتين أو أكثر حتى نعود للمعدلات السابقة".
وبسبب إعادة تفشي وانتشار الفيروس بولايات الجنوب والغرب الأميركي تراجعت دلتا عن خططها معاودة الطيران للمزيد من المدن الأميركية، وعليه لن تتخطى أعداد الرحلات اليومية 50 رحلة بعدما كان مخطا لأكثر من ألف رحلة يوميا بحلول أغسطس/آب القادم.
ومع اعتماد قطاع الأعمال الخاص الأميركي على تقنيات الفيديو كونفراس خلال الأشهر الماضية والعمل عن بُعد، لا يتوقع أن تعود حركة الطيران المرتبطة بقطاع الأعمال إلى ما كانت عليه.
وقالت بهية شمس الدين المديرة التنفيذية بإحدى المؤسسات المالية الأميركية الكبرى، للجزيرة نت "كنت أسافر ثلاث مرات في المتوسط شهريا خلال العام الماضي، وجاء فيروس كورونا ليكشف أننا يمكن أن ننجز مهامنا الوظيفية الهامة بدون الحاجة الملحة للسفر".
وتلتزم شركة دلتا بإبقاء المقعد الأوسط في طائرتها شاغرا لأسباب صحية، وهو ما يعني تشغيل الطائرات بطاقة 60% فقط من مقاعدها وخسارة 40% من المسافرين لهذا السبب وحده.
وخسرت دلتا ما قيمته 5.7 مليارات دولار خلال الربع الثاني من هذا العام، وكانت قد حققت في نفس الفترة العام الماضي صافي أرباح وصل إلى 1.5 مليار.

لن تختفي
قال شريف عثمان، خبير الاستثمار المالي بمؤسسة واشنطن آناليتيكا Washington Analytica بالعاصمة الأميركية للجزيرة نت "قطاع الطيران على الرغم مما أصابه من ضربات، فإنه أحد القطاعات الحيوية التي لا بديل لها".
ولا تسمح القوانين الأميركية لشركات الطيران الأجنبية بالعمل على خطوطها المحلية، مما يجعل المنافسة محلية على العكس من بقية قطاعات الاقتصاد الأميركي.
وأضاف خبير الاستثمار "قدمت الحكومة الفدرالية مليارات الدولارات لدعم شركات الطيران، وقدمت مليارات أخرى لشركة بوينغ مصنعة الطائرات الرئيسية، ويقوم الطرفان بالضغط على الحكومة للحصول على المزيد من الدعم المالي لهذا القطاع الذي يراه كثيرون من أهم أعمدة الأمن القومي".
وبسبب كبر حجم الولايات المتحدة وتعدد مراكز قطاع الأعمال وانتشارها بالعديد من الولايات لا يمكن الاستغناء عن الطيران. وتستغرق فترة الطيران من مدن ساحل المحيط الأطلسي مثل بوسطن ونيويورك وواشنطن وميامي إلى مدن ساحل المحيط الهادي مثل سياتل وسان فرانسيسكو ولوس أنجلوس أكثر من ست ساعات طيران بلا توقف.
وتشير تقديرات مكتب إحصاءات النقل (BTS) إلى أن شركات الطيران الأميركية نقلت عام 2019 أكثر من 925 مليون راكب منهم 800 مليون داخل البلاد، والباقي في رحلات خارجية.