وصفهم بالأشباح ووارداتهم 9 مليارات دولار.. هل ينجح الكاظمي بهزيمة حيتان المنافذ الحدودية؟

تحركات الكاظمي للسيطرة على المنافذ الحدودية تسير بوتيرة متسارعة (الجزيرة)

وصفهم بالأشباح وأمر بإطلاق النار عليهم، هكذا يعتزم رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي إحكام قبضته على المنافذ الحدودية، وحل أحد أخطر ملفات الفساد بالبلاد، في خطوات أثارت تساؤلات ملحة عن مدى قدرته على مواجهة ملف شائك وحكومته في مقتبل عمرها، وتواجه تحديات سياسية واقتصادية كبيرة.

ويرتبط العراق عبر 24 منفذا حدوديا بريا وبحريا مع الدول الست المجاورة له، وهي الكويت والسعودية والأردن وسوريا وتركيا وإيران، وتتجاوز وارداتها 9 مليارات دولار سنويا.

الكاظمي ترأس اجتماع الحكومة في البصرة وأكد أن موانئ العراق ستكون تحت سلطة الدولة (مواقع التواصل)

خطوات جريئة

تحركات الكاظمي بهذا الشأن يبدو أنها تسير بوتيرة متسارعة، فبعد أيام قلائل من العملية العسكرية التي انتهت بالسيطرة على منفذي المنذرية ومندلي الحدوديين مع إيران، أعلنت قيادة العمليات المشتركة إعداد خطة متكاملة للسيطرة على المنافذ الحدودية.

وكلفت العمليات المشتركة قيادة عمليات البصرة بالسيطرة التامة على منفذ الشلامجة مع إيران ومنفذ سفوان مع الكويت، فضلا عن تكليف قيادة القوة البحرية بالسيطرة الكاملة على المنافذ البحرية في ميناء أم قصر.

ومن البصرة التي تعد رئة العراق الاقتصادية، أكد الكاظمي بعد ترؤسه جلسة لمجلس الوزراء هناك، أن موانئ العراق ستكون تحت سلطة الدولة، مشيرا إلى أن الجيش سيحمي المنافذ، وأي ضابط بغض النظر عن رتبته لا يعمل بشكل صحيح سينقل إلى الحدود.

حسن رأى أن خطوات الكاظمي استعراضية وتحمل رسالة خارجية أكثر من معالجتها لملف داخلي (الجزيرة)

استعراض إعلامي

هي عملية استعراضية أمام الإعلام وفيها رسالة خارجية أكثر من كونها شأنا داخليا، كما يقول الكاتب والمدون الدكتور عبد الخالق حسن، ويشير إلى أن "الإعلام الأميركي يردد كثيرا أن المنافذ الحدودية الشرقية تستعملها الفصائل لتهريب السلاح والأموال من وإلى إيران".

وأوضح حسن، في حديث للجزيرة نت، أن "الكاظمي حاول من خلال هذه الخطوة أن يبعث برسالة إلى أميركا بأنه يعمل على السيطرة على المنافذ الحدودية مع إيران وسوريا من أجل قطع خط التهريب".

ولفت إلى أن "الأمر مجرد دعاية إعلامية، لكون هذه المنافذ ليست ضخمة وليست مهمة كمنافذ كردستان العراق أو منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن"، لافتا إلى وجود "منفذ اسمه جريشان يقع في البصرة، ويخضع لسلطة قوات التحالف وليس لسلطة بغداد".

من جهته، أكد الأستاذ بكلية الإعلام في جامعة بغداد الدكتور علاء مصطفى أهمية خطوات الكاظمي تجاه المنافذ الحدودية، لكنه أشار إلى أنها "منقوصة ومثار جدل ونافذة لإطلاق حملات دعائية مضادة، ولم تشمل معابر كردستان التي تعد الأهم في حجم البضائع الداخلة إلى العراق".

وأضاف مصطفى، في حديث للجزيرة نت، أن "وضع يد حكومة المركز على منافذ الإقليم، مسألة معقدة لا يمكن تحقيقها بالقوة والحزم بل تتطلب مساومة الإدارة الكردية وتوظيف الضائقة المالية عندهم لانتزاع هذا الحق الذي من شأنه رفع شأن الكاظمي جماهيريا".

وتابع "رغم أن المعابر تشكل موردا كبيرا للاقتصاد، فإن الخطوات المتخذة قد لا تحقق هذا المورد، ما لم يتم إعادة تنظيم العمل فيها والاستعانة بخبرات دولية".

ريزان شيخ دلير قالت إن جميع المنافذ ومن بينها منافذ كردستان تتعرض للسرقة والنهب لنحو نصف وارداتها (الجزيرة)

منافذ كردستان

وتعليقا على ذلك، رحبت القيادية في الاتحاد الوطني الكردستاني ريزان شيخ دلير بخطوات الكاظمي الأخيرة بشأن وضع يده على المنافذ، ودعت إلى وضع يده على منافذ الإقليم الحدودية أيضا، لأنها وفقا للدستور يجب أن تعود إيراداتها لبغداد.

وقالت ريزان، للجزيرة نت، إن "المكون الكردي إن أراد العيش بأمان واستقرار اقتصادي، عليه مشاركة هذه الثروات وإعادة جميع إيرادات منافذ الإقليم إلى المركز"، لافتة إلى أن "جميع المنافذ الحدودية العراقية وبما فيها منافذ كردستان تتعرض للسرقة والنهب لما يقارب نصف الواردات السنوية، لكونها تحت سيطرة أحزاب وعشائر وعائلات".

وشددت على أنه يتعين على "الكاظمي الضرب بيد من حديد على جميع الفاسدين والمليشيات التي تسيطر على المنافذ، وهي مسؤولية صعبة تتطلب مساندة ودعما من جميع القوى السياسية".

وأشارت ريزان إلى أن "تعظيم موارد الدولة، وجعل جميع إيرادات المنافذ بيد السلطة، من شأنه إعادة إعمار العراق والقضاء على خط الفقر فيه، من دون الحاجة للاقتراض الخارجي".

الأمين أكد أن استعادة واردات المنافذ ستكفي لإعمار العراق والقضاء على الفقر (الجزيرة)

مليارات الدولارات

وبإقرار حكومي ونيابي معلن، تعد منافذ العراق أحد أكبر القطاعات التي تنخر فيها آفة الفساد، وهو ما تؤكده لغة الأرقام أيضا، إذ يتراوح حجم الهدر في هذا القطاع سنويا من 6 إلى 8 مليارات دولار، بسبب سيطرة جماعات مسلحة وأحزاب سياسية عليه.

وعن هذه الخسائر، يقول الخبير الاقتصادي العراقي ملاذ الأمين إن "ما يثار الحديث عنه هو هدر يتعلق بمنافذ حدودية رسمية، لكن توجد على طول الحدود الشرقية للعراق منافذ غير رسمية تسيطر عليها جماعات مسلحة وتجار وأحيانا بعض المسؤولين".

وأوضح الأمين خلال حديثه للجزيرة نت، أن "مشكلة المنافذ الحدودية التي انتبهت إليها الحكومة مؤخرا تكمن في تنامي الفساد فيها، وأدى خروجها عن سيطرة الدولة إلى تدهور القطاعات الإنتاجية في البلاد".

وتابع "لو كان هناك تطبيق رسمي ونزيه للمدخولات الاستيرادية للعراق، خلال السنوات الماضية، لغطت إيرادات المنافذ أكثر من 15% من موازنات البلاد".

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن "إدارة المبالغ المستحصلة من المنافذ والسيطرة عليها بعيدا عن الفاسدين سيجعلها موردا مهما للموازنة العامة، تساهم في إعمار البلاد وتوفير فرص عمل وتحسين المستوى المعيشي والخدمات والقضاء على الفقر".

المصدر : الجزيرة