بعد 6 سنوات على حكمه.. هل انتشل السيسي المصريين من "حالة العوز"

الجزيرة نت - صورة - مصر شارع سوق
السيسي حمل الدولة أكبر فاتورة ديون في تاريخها

خلال ست سنوات مضت من حكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث تحل هذه الأيام الذكرى السادسة لتوليه منصبه رسميا في الثامن من يونيو/حزيران 2014، استطاع أن ينتزع كل مكاسب المصريين من الطبقات محدودة الدخل والمتوسطة والمترفة طوال العقود الماضية بدعوى الإصلاح الاقتصادي، وانتشال البلد من حالة العوز، أو "أمة العوز" على حد قوله.

وتقول الحكومة إن عدد المشاريع التي تم الانتهاء منها والجاري تنفيذها منذ يوليو/تموز 2014 وتستمر حتى يونيو/حزيران 2021 حوالي 25 ألف مشروع، بقيمة تبلغ أكثر من 4 تريليونات جنيه، تم الانتهاء من 16 ألف مشروع منها بتكلفة 2.2 تريليون جنيه، ويجرى تنفيذ 9 آلاف مشروع بتكلفة تريليوني جنيه.

وأقدم السيسي على سلسلة من الإجراءات الاقتصادية غير المتوقعة، ووصفها في أكثر من مناسبة بالدواء المر، كرفع الدعم الوقود والكهرباء والماء، وتعويم الجنيه، وفرض الضرائب، ومضاعفة أسعار الخدمات، وزيادة أسعار السلع، وتحميل الدولة أكبر فاتورة ديون في تاريخها.

وأقر في مؤتمر الشباب الثالث، في أبريل/ نيسان 2017، أنه فعل ما لم يستطع أي حاكم فعله طوال خمسين عاما -في إشارة إلى الإجراءات السابقة- لأن من سبقوه تخوفوا من اتخاذ إجراءات رفع الدعم لبناء دولة حقيقية بسب خوفهم من رد الفعل، ولذلك لم يقوموا بإصلاحات.

إعلان

لكن لم يقابل هذه الإجراءات الاقتصادية القاسية أي تحسن ملحوظ في دخل المصريين سواء القطاعين العام أو الخاص، حيث كانت تكلفة الأجور في موازنة 2014/2015 نحو 207 مليار جنيه ( 29.74 مليار دولار) بسعر صرف الدولار ذلك الوقت، وبعد 6 سنوات أصبحت 335 مليار جنيه (20.9 مليار دولار) بسعر صرف الدولار في الوقت الراهن.

وانخفضت قيمة الحد الأدنى للأجور، إذ كانت 1200 جنيه عام 2013 أي ما يعادل نحو 185 دولارا إلى 125 دولارا شهريا رغم زيادتها إلى 2000 جنيه عام 2019، بسبب تعويم الجنيه أمام الدولار في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وفقدان جميع المصريين أكثر من نصف مدخراتهم.

مصر الجديدة في يونيو/حزيران 2020

وعد السيسي المصريين في العام اللاحق أن البلاد ستكون في وضع آخر مختلف منتصف يونيو/حزيران 2020، مشيرا إلى أن بلاده تجاوز الخطوة النهائية للوصول لحالة الاستقرار والانتعاش الاقتصادي، وينتهي كل العوار الموجود في كل شيء.

وتفاجأ المصريون بتوجه الحكومة مجددا لصندوق النقد الدولي والحصول على قرض بقيمة 2.7 مليار دولار (الدولار يعادل تقريبا 16.2 جنيها) وتنفيذ أكبر طرح سندات دولية بقيمة 5 مليارات دولار، وسط مساع أخرى للوصول بقرض صندوق النقد الدولي إلى 8.5 مليارات دولار بهدف تمويل عجز الموازنة وسدادا أقساط القروض البالغة نحو 987.7 مليار جنيه.

نهاية أبريل/نيسان الماضي، ذكرت وزارة المالية أنها تستهدف وصول إجمالي الدين العام إلى نحو 5.7 تريليون جنيه في 2020/2021 مقابل 1.81 تريليون جنيه عام 2014/2015، ومن المتوقع أن تحصل الحكومة على تمويل محلي بقيمة 892.1 مليار جنيه من خلال إصدار أذون خزانة، وإصدار سندات دولية.

وكان الدين الخارجي إبان تولي السيسي الحكم في منتصف يونيو/حزيران 2014 نحو 46 مليار دولار، وبنهاية ديسمبر /كانون الأول 2019 تخطى حاجز 112 مليار دولار، بدون إضافة القروض والسندات الجديدة البالغة 7.7 مليارات دولار.

إعلان

وارتفعت نسبة الفقر من 26.3% عام 2014 إلى 32.5% عام 2018، وتوقعات بزيادتها إلى 40.2%، وفق عدة سيناريوهات طرحتها دراسة بحثية للمعهد التخطيط القومي التابع لوزارة التخطيط، أي بزيادة نحو 12.5 مليون فقير.

الإجراءات الاقتصادية القاسية في مصر لم تظهر أي تحسن ملحوظ في دخل المصريين (الجزيرة)

بوصلة الاقتصاد المعكوسة

يقول الباحث الاقتصادي حافظ الصاوي "بوصلة الاقتصاد المصري منذ تولي السيسي السلطة لا تتفق مع احتياجات الناس الاقتصادية والاجتماعية، وتفاجئهم الدولة بقرارات منفردة مصيرية لم يشاركوا فيها ولكن يتحملون تبعاتها السلبية".

وفيما يتعلق بالمشروعات التريليونية التي كشفت عنها الحكومة الشهر الماضي، أكد في تصريحاته للجزيرة نت أنها مشروعات تم اتخاذها دون دراسات جدوى، وتكبد مصر أعباء مالية كبيرة، بدءا من تفريعة قناة السويس، مرورا بالعاصمة الإدارية الجديدة، والمليون ونصف مليون فدان، وصفقات التسلح الباهظة الثمن، انتهاء بالمفاعلات النووية.

ووصف الحالة القائمة للإدارة الاقتصادية بالفاشلة لافتقارها العديد من العوامل الرئيسية مثل رقابة حقيقية من قبل مجلس النواب، أو رقابة المجتمع الأهلي، مما أدى إلى مجموعة من النتائج السلبية على صعيد مؤشرات الاقتصاد الكلي مثل ارتفاع معدلات الفقر، ارتفاع الدين العام لمعدلات غير مسبوقة، استمرار العجز بالميزان التجاري، تفاقم مشكلات الناتج المحلي، وتغير الجيش لخريطة الاقتصاد لصالحه وتهميش المدنيين.

 

 

الاقتصاد ليس بديل دولة الديمقراطية
وصف البرلماني السابق نزار محمود غراب الحديث عن وضع الاقتصاد المصري خلال ست سنوات كالحديث عن السراب خادع، قائلا "السيسي لم يفكر في مصر الوطن يوما لا اقتصاديا ولا غيره، هو يفكر في الغنائم التي تتحقق له من ورائها".

وفي حديثه للجزيرة نت أكد غراب أن السيسي كعضو مجلس عسكري رأى كم تربح مبارك لشخصه وأسرته من منصبه، وأراد أن يرتقي على ذات الطريق وذات الطريقة، ولو نهض السيسي بمصر على حساب إجهاض الثورة وتقويض حقوق المصريين لما اختلف الأمر، فليست القضية نهضة اقتصادية بل إرساء دعائم بناء دولة القانون والديمقراطية.

إعلان
المصدر : الجزيرة

إعلان