تركيا والبرازيل والهند.. ماذا فعل كورونا بالاقتصادات الناشئة؟

SAO PAULO, BRAZIL - MAY 04: Passengers wearing face masks leave a subway car amidst the coronavirus (COVID-19) pandemic on May 4, 2020 in Sao Paulo, Brazil. The use of protective masks against the coronavirus (COVID-19) becomes mandatory in the public transport of Sao Paulo State. The measure applies to the subway, trains, and buses. According to the Brazilian Health Ministry, Brazil has 105.222 positive cases of coronavirus (COVID-19) and a total of 7.288 deaths. (Photo by Alexandre Schneider/Getty Images)
البرازيل تواجه أزمة اقتصادية وحالة طوارئ على مستوى خدمات الرعاية الصحية (غيتي)

يتوقع أن ينخفض الناتج الاقتصادي في البرازيل وتركيا والهند هذا العام، ليخالف المسار التاريخي للنمو الاقتصادي. ويقول خبراء إن الاقتصاد البرازيلي تقلص خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، في حين تباطأ الاقتصاد التركي، كما سجل ناتج الهند السنوي أبطأ نمو له على مدى 11 عاما.

جاء ذلك في تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، شارك فيه الكُتاب فيبوتي أغرافال وديفيد غوثير فيلرز وجيفري.

والنتائج الاقتصادية في هذه البلدان الثلاثة التي صدرت يوم الجمعة الماضي تسلط الضوء على المصاعب التي تمر بها العديد من اقتصادات العالم النامي حتى قبل أن تدفع جائحة كورونا الحكومات لفرض تدابير الإغلاق أواخر مارس/ آذار الماضي، والتي حرمت منذ ذلك الحين مئات الملايين من الأشخاص من وظائفهم.

في هذا الإطار، صرح المعهد البرازيلي للجغرافيا والإحصاء الجمعة بأن الناتج الاقتصادي في البلاد -التي تمثل أكبر دول أميركا اللاتينية- انكمش بنسبة 1.5% في الربع الأول من هذا العام مقارنة بالأشهر الثلاثة الأخيرة من 2019، في حين انخفض بنسبة 0.3% مقارنة بالربع الأول من 2019.

وأفاد الصحيفة أن اقتصاد الهند نما بنسبة 4.2%، ليسجل بذلك أضعف معدل له على مدار 11 عاما. أما بالنسبة لتركيا، فقد ارتفع ناتجها بنسبة 0.6% مقارنة بالربع الأخير من 2019، وبنسبة 4.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

لكن وفقا لخبراء الاقتصاد، ينبغي ألا نعتقد أن النمو -الذي حققه كل من الاقتصاد الهندي والتركي خلال الأشهر الأولى من هذا العام- يعني أنهما تصديا للوباء، بما أن إجراءات الإغلاق ظهرت فقط الأسبوع الأخير من مارس/ آذار، فلن يظهر تأثير الوباء حتى تُنشر إحصاءات الربع الثاني من هذا العام.

تراجع اقتصادي

من المتوقع أن ينخفض الناتج الاقتصادي في البلدان الثلاثة هذا العام، ليعكس المسار التاريخي للنمو الاقتصادي في معظم أنحاء العالم النامي، ومن المرجح أن تحقق كل من الهند والبرازيل -خامس وتاسع أكبر اقتصادات في العالم- أسوأ أداء اقتصادي لها على الإطلاق.

في هذا الإطار، يرى الخبير في الاقتصاد ديليب راثا أن "جميع اقتصادات العالم تمر للمرة الأولى على الإطلاق بانكماش متزامن". كما صرحت وكالة التصنيف "كريسيل" الثلاثاء بأنه رغم أن نيودلهي بدأت تخفيف القيود المفروضة بالمناطق الأقل تأثرا بالوباء، فإنه من المرجح أن ينكمش اقتصادها بنسبة 5% هذا العام، وهو أسوأ أداء منذ الاستقلال عام 1947.

وحسب شركة باركليز للخدمات المالية، يتوقع أيضا أن ينكمش الاقتصاد البرازيلي بأكثر من 5% هذا العام، وأن الأسواق الناشئة الكبرى الأخرى ستتضرر بشكل أسوأ، حيث انخفض الناتج الاقتصادي للمكسيك خلال الربع الأول من هذا العام بنسبة 1.2% مقارنة بالأشهر الثلاثة الأخيرة من 2019، وبنسبة 1.4% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ومن المتوقع أن يبلغ انخفاض الناتج الاقتصادي للعام بأكمله 9%، وهذا ما تنقله الصحيفة عن شركة سيتيباناميكس المكسيكية.

المركزي التركي استفاد بشكل كبير من احتياطيات النقد الأجنبي الأشهر الأخيرة (الجزيرة)

 البرازيل.. أزمة اقتصادية

تواجه البرازيل، التي يبلغ عدد سكانها 210 ملايين نسمة، أزمة اقتصادية وحالة طوارئ على مستوى خدمات الرعاية الصحية، واضطرابا سياسيا على حد سواء. وتسجل البلاد الآن أكثر من ألف حالة وفاة يوميا جراء هذا الوباء.

وأشار تقرير الصحيفة  الأميركية إلى أن انتشار الوباء يأتي في الوقت الذي تخفف فيه البلاد القيود بهدف إعادة الشركات إلى العمل، وكان جواو دوريا حاكم ولاية ساو باولو قد صرح في وقت سابق بأن بعض الشركات والأنشطة يمكن أن تستأنف نشاطها ابتداء من يوم الاثنين.

من جهته، قال أندريه بيرفيتو كبير الاقتصاديين لدى شركة "نكتون" للسمسرة في ساو باولو "إنهم يطلقون العنان للاقتصاد في وقت يتفاقم انتشار الوباء، لذا يبدو أننا سنعود إلى الحجر الصحي مرة أخرى في وقت لاحق من هذا العام، كما سينهار الاستثمار وسيتدهور إنفاق المستهلكين مرة أخرى".

الهند.. ضرر دائم

تشير المؤشرات الاقتصادية إلى إمكانية حدوث ضرر دائم لاقتصاد هذا البلد، حيث ارتفع معدل البطالة إلى أكثر من 25% نتيجة تعطل الاقتصاد، وذلك حسب مركز مراقبة الاقتصاد الهندي. وينضم حوالي نصف مليون شاب إلى القوى العاملة شهريا، مما يعني أن عدم وجود مواطن شغل جديدة من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع البطالة بشكل كبير واضطراب سياسي، وفق الصحيفة.

وقد انخفض مؤشر مديري المشتريات لشركة البيانات "أي إتش إس ماركت" لقطاع الخدمات بالهند إلى 5.4 في أبريل/نيسان بعد أن بلغ 49.3 نقطة في مارس/آذار الماضي، وهو يعتبر تراجعا قياسيا خلال شهر واحد. وتعادل نسبة انكماش الناتج المحلي الإجمالي خلال ذلك الشهر 15%.

India Slowly Recovers From Coronavirus Outbreak
المؤشرات الاقتصادية تشير إلى إمكانية حدوث ضرر دائم للاقتصاد الهندي (غيتي)

تركيا

يمكن أن ينكمش الاقتصاد بنسبة تصل إلى 11.6% في الفصل الثاني، مقارنة بالفصل الأول، وفقا لمايا سينوسي الخبيرة الاقتصادية بوكالة التنبؤ "أكسفورد إيكونوميكس" وبينما الاقتصاد كان بصدد النمو خلال الفصل الأول بفضل الإنفاق الحكومي، واجهت البلاد انكماشا حادا في قطاع السياحة، إلى جانب تعطل نشاط الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي الذي يعتبر سوقها الرئيسي.

ولدعم النشاط التجاري والاستهلاك، من المتوقع أن يستمر المركزي التركي، الذي خفض سعر الفائدة القياسي من 24% إلى 8.25%، في تخفيف المعروض النقدي.

في المقابل، يخشى الاقتصاديون أن يؤثر ذلك سلبا على الليرة (العملة الوطنية) التي بلغت أدنى مستوياتها على الإطلاق مقابل الدولار في وقت سابق من هذا الشهر، وأن تواجه البلاد خطر أزمة ميزان المدفوعات المتزايد.

وأظهرت بيانات نشرها المركزي أنه استفاد بشكل كبير من احتياطيات النقد الأجنبي الأشهر الأخيرة، وبيع مليارات الدولارات لوقف انخفاض الليرة.

وقال كريستيان ماجيو رئيس إستراتيجية الأسواق الناشئة بشركة "تي دي سكيوريتيز" أن هذا من شأنه أن يضع تركيا في مأزق -حسب قوله- فتنفق أموالا طائلة للحفاظ على استقرار الليرة، وتوقع أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 3% لهذا العام.

المصدر : وول ستريت جورنال