كورونا يقسو على مطاعم الكويت في شهر رمضان

مطاعم الكويت لم تستقبل زبائنها منذ شهرين تقريبا
مطاعم الكويت لم تستقبل زبائنها منذ شهرين تقريبا (الجزيرة نت)

الجزيرة نت-الكويت

على امتداد الواجهة البحرية المطلة على شارع الخليج العربي في الكويت، أوصدت عشرات المطاعم "مرغمة" أبوابها أمام الزبائن بسبب التدابير والإجراءات الهادفة إلى منع تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19). 

ورغم أن المطاعم ليست ضمن القطاعات التي شملتها قرارات الإقفال والتعطيل القسرية، فإن وجود العديد منها في مواقع مميزة -مثل الواجهة البحرية للبلاد- كان السبب المباشر في منعها من العمل، إذ فضلت السلطات إغلاق الأماكن العامة التي كانت تشهد اكتظاظا في الأيام العادية تجنبا لانتشار العدوى.

وأقرت الحكومة الكويتية في 14 مارس/آذار الماضي سلسلة من الإجراءات الاحترازية الإضافية لمواجهة انتشار فيروس كورونا، تضمنت إغلاق المجمعات التجارية ومراكز التسوق والأسواق العامة، باستثناء منافذ البيع التموينية والغذائية، كما أقرت في الشهر ذاته منع الجلوس في صالات المطاعم والمقاهي نهائيا، ليقتصر الأمر بالنسبة للمطاعم الواقعة خارج المجمعات التجارية على نظام توصيل الطلبات فقط.

لطالما شكّل رمضان المبارك "موسما عامرا" لمطاعم الكويت التي تتنافس في تقديم العروض والخصومات من أجل جذب المزيد من الزبائن على موائد الإفطار، وعلى الغبقات والعزائم التي تستمر إلى ما بعد منتصف الليل، ولكن رمضان هذا العام لا يشبه أسلافه بالنسبة لأغلب المطاعم، التي حطمت جائحة كورونا آمالها بالخروج بغلة وفيرة كما جرت العادة.

إعلان

يقول الشريك بمطعم زفير للمأكولات البحرية عبد المعز عثمان إن "رمضان هذا العام ليس كالمعتاد، ففي زمن كورونا تغيرت الكثير من الأمور على وقع فرض حظر التجول الجزئي في الكويت، وهو ما أدى إلى هبوط إيراداتنا بما يزيد على 90%".

وبيّن عثمان في تصريح للجزيرة نت أن عدم استطاعة الناس الخروج عند موعد الإفطار، وتراجع قدراتها المادية في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، أديا إلى كارثة بالنسبة للكثير من المطاعم، التي لا يشكل دخل طلبات التوصيل الخارجية لديها أكثر من 10% من إيراداتها.

وذكر أن مطعم زفير يملك فرعين، ويبلغ عدد الموظفين الإجمالي فيهما نحو ثمانين موظفا، مشيرا إلى أن إدارة المطعم توصلت إلى اتفاق مع الموظفين من أجل دفع 75% من الأجور، وهو ما حدث بالفعل خلال الشهرين الماضيين.

الإيجارات الطامة الكبرى
ولفت عثمان إلى أن الطامة الكبرى تتمثل في عدم القدرة على تأمين إيجارات المطعمين، التي تصل إلى نحو 18 ألف دينار (58 ألف دولار) شهريا، موضحا أن إدارة المطعم قررت تقديم عروض على الوجبات بسعر التكلفة من أجل تخطي المحنة الراهنة بأي شكل.

وشدد على أن استمرار المطاعم على هذه الحال بات صعبا جدا، داعيا إلى تقديم حزمة مساعدة حكومية لهذا القطاع، الذي يوفر آلاف الوظائف وفرص العمل.

من ناحيته، يبدي صاحب مطاعم و مقاهي "أوفال وأرجون" إسماعيل وهبي تشاؤمه حيال مستقبل القطاع برمته، لافتا إلى أن شركته لم تعد قادرة على دفع رواتب موظفيها، الذين يزيد عددهم على سبعين شخصا.

وقال وهبي للجزيرة نت إن المصاريف والنفقات الشهرية التي تشمل الإيجارات والرواتب تقترب من خمسين ألف دينار (أكثر من 160 ألف دولار)، في حين لم يعد الدخل الشهري يتعدى ألفي دينار (نحو ستة آلاف دولار) فقط.

بعض المطاعم شهدت زيادة في الطلبات الخارجية(الجزيرة نت)
بعض المطاعم شهدت زيادة في الطلبات الخارجية(الجزيرة نت)

وأضاف أن "الوضع كارثي جدا، ونحن غير قادرين على الصمود أكثر من ذلك"، مبينا أن اللجوء إلى البنوك والاقتراض ليس بالأمر اليسير، إذ إن الشروط صعبة جدا رغم الحديث عن تقديم تسهيلات للمتضررين من أزمة كورونا.

إعلان

بدوره، يصف مدير "ذهب كافيه" سليم سعيد الوضع بالمؤسف، قائلا "صحيح أن قرار تعطيل الأعمال لم يشمل المطاعم، ولكن هذا الأمر لا ينسحب على المطاعم داخل المجمعات التجارية التي دفعت ثمن الأزمة غاليا كحال مطعمنا".

وفي حديث للجزيرة نت، أكد سعيد أن إدارة شركته اتفقت مع الموظفين على دفع جزء من رواتبهم فقط، بما يمكنهم من تحمل الأعباء المعيشية الأساسية، لافتا إلى أن الكثير من المطاعم ستغلق أبوابها لأن خسائرها ضخمة للغاية.

ميس الشام
حال المطاعم ليس واحدا أمام أزمة كورونا، فهناك مطاعم لم تتأثر إلا بشكل بسيط بسبب اعتمادها شبه الكامل على الطلبات الخارجية، ومن هذه المطاعم "ميس الشام"، الذي قال مديره ثامر الجدوع في حديث للجزيرة نت إن نوعية الأطباق الشامية التي نقدمها والمأكولات الرمضانية المجمدة التي نشتهر بصناعتها كالسنبوسك وأخواتها، جعل الطلب لا يتأثر كثيرا بأزمة كورونا.

واعتبر أن قرار السلطات الكويتية تمديد فترة توصيل الطلبات الخارجية من الساعة الخامسة عصرا وحتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل أسهم في مساعدة الكثير من المطاعم على الوقوف والصمود في وجه التحديات الناجمة عن الفيروس.

الوصول إلى الواجهة البحرية بما فيها المطاعم والمقاهي بات ممنوعا(الجزيرة نت)
الوصول إلى الواجهة البحرية بما فيها المطاعم والمقاهي بات ممنوعا(الجزيرة نت)

أنواع المطاعم
ويقسم مختصون قطاع المطاعم بالكويت إلى أربع شرائح:
الأولى: مطاعم تكبدت خسائر هائلة بسبب الإقفال القسري الناجم عن قرار السلطات تعطيل الأعمال منذ أكثر من شهرين، وتشمل المطاعم الموجودة على الواجهة البحرية والموجودة داخل المجمعات التجارية، وهي بالمئات.

الثانية: مطاعم تعتمد طبيعة عملها على تقديم أنواع محددة من الأطباق والوجبات، وهي تقوم على قدوم الزبائن إليها وليس العكس، أي أنها لا تعتمد على توصيل الطلبات الخارجية إلا بنسبة بسيطة، وهي بالمئات.

الثالثة: مطاعم استفادت من الأزمة كتلك التي تعاقدت معها الجهات الحكومية لتأمين آلاف الوجبات اليومية لنزلاء المحاجر الصحية، والطواقم الطبية والشرطية والأجهزة الحكومية؛ فهذه المطاعم زادت إيراداتها وهي قليلة جدا، وعددها بالعشرات فقط.

إعلان

الرابعة: مطاعم تعتمد بشكل شبه تام على الطلبات الخارجية التي زادت مع قدوم شهر رمضان المبارك، وشكلت متنفسا وقللت من خسائر هذه المطاعم وعددها بالمئات.

وتشير التقديرات إلى أن عدد المطاعم الإجمالي في الكويت يزيد على عشرة آلاف بمختلف أحجامها وأنواعها (مطعم، مقهى، معجنات)، في حين تجاوز إنفاق المستهلكين (مواطنين ووافدين) على هذه المطاعم يوميا عام 2016 عتبة المليوني دينار (أكثر من ستة ملايين دولار)، أي ما يزيد على 730 مليون دينار سنويا، وذلك حسب تقرير سابق نشرته جريدة الأنباء الكويتية.

المصدر : الجزيرة

إعلان