هل تسعى أميركا والسعودية لإقصاء روسيا من سوق النفط العالمية؟
يتعرض الاقتصاد الروسي لأضرار كبيرة بسبب تطورات الأسواق العالمية، والسياسات النفطية لأميركا والسعودية التي قد تحرم الخزينة الروسية من عائدات مهمة، وتعمق متاعب "الروبل"، فكيف سيكون مستقبل العملة الروسية؟
يقول الكاتب فاليري تسيغانغوف في مقال بصحيفة سفابودنايا براسا الروسية إن الأخبار السلبية التي تتهاطل من كافة أنحاء العالم ألحقت ضررا كبيرا في قيمة الروبل الروسية؛ إذ إن يوم الاثنين شهد انخفاضا حادا في قيمة العملة، لتصل قيمة الدولار الأميركي إلى 75 روبلا لأول مرة منذ 22 أبريل/نيسان الماضي، قبل أن تستعيد العملة الروسية بعض عافيتها.
ويرى الخبراء أن هذا التدهور في قيمة الروبل سببه اضطراب الأوضاع في العالم بسبب وباء كورونا، كما أن كل التطورات التي يشهدها العالم حاليا تؤثر بشكل أو بآخر على أسعار النفط، التي يرتبط بها الاقتصاد الروسي بشكل وثيق.
ويقول المحلل في مجموعة برايس فيوتشرز للاستشارات المالية فيل فلين "إن الخفض المبرمج في الإنتاج سيكون قياسيا، لكن يجب ألا ننسى الفائض المهم في المخزون الموجود حاليا، وهو ما يعطل ارتفاع الأسعار"، وفق تقرير الصحيفة
لهذا السبب فإن سبيربنك (أكبر بنك في روسيا) جاءت توقعاته المالية متشائمة، حيث إنه يرى أن الروبل سوف يواصل التراجع ليصل المعدل السنوي لقيمته أمام الدولار إلى 70.7 روبلا. وهي توقعات تم تعديلها بسبب التطورات الأخيرة في السوق، خاصة مع تواصل انتشار وباء كورونا وتراجع الطلب على النفط.
تحذير
وكان المدير التنفيذي في "سبيربنك" هيرمان غريف حذر في وقت سابق من فرضية أخرى أكثر سوءا، وهي انهيار أسعار نفط أورال الروسي لتصل إلى ما دون عشرين دولارا، ووصول قيمة العملة الروسية إلى مئة روبل مقابل الدولار الواحد.
وينبه الكاتب إلى أن الخطر الذي تواجهه روسيا حاليا هو مدى قدرة الولايات المتحدة والسعودية على إزاحتها من سوق النفط، في وقت يعتمد فيه اقتصاد موسكو بشكل كبير على العائدات النفطية.
وتنقل الصحيفة عن المحلل في مؤسسة فينام الروسية للاستشارات المالية أليكسي كورينيف قوله "إن أغلب التوقعات تشير إلى أن الأوضاع ستزداد تدهورا في ما تبقى من أشهر هذا العام، ثم تتحسن بشكل سريع في العام المقبل".
ويضيف أليكسي كورينيف أنه من الصعب في الوقت الحالي توقع ما سيحدث للروبل والدولار، والتطورات في سوق العمل، وحجم انخفاض إجمالي الناتج المحلي، ومصير الشركات الصغرى والمتوسطة.
وينبه كورينيف إلى أن مصير الاقتصاد الروسي يبدو غامضا، لأن هناك تساؤلات حول الموقع الذي ستحتله موسكو في الاقتصاد العالمي، في وقت ستسعى فيه الولايات المتحدة والسعودية للتضييق عليها وإخراجها من المنافسة على بيع النفط، وهي فرضية قائمة لأن البلدين لديهما ما يكفي من الآليات لتحقيق ذلك.
استقرار مزيف
ويحذر هذا المحلل من أن الأوضاع الحالية تشهد استقرارا مزيفا، يمكن اعتباره الهدوء الذي يسبق العاصفة، إذ إنه مع نهاية الربع الثاني من هذا العام، ستعود أغلب الشركات للنشاط، وعندها يظهر الحجم الحقيقي للمشاكل المالية.
ويرى هذا الكاتب أن موسكو قد تعاني أكثر بسبب مساعي الرياض وواشنطن لإقصائها من السوق العالمية، وهو ما يحدث حاليا مع اتفاق دول "أوبك بلس"، الذي قد ينتهي إلى حصولهما على نصيب الأسد من المنافع، بعد أن يتم إجبار روسيا على خفض إنتاجها، ثم يقوما بتعويض ذلك الإنتاج.
كما اعتبر كورينيف أن الولايات المتحدة والسعودية تتعاملان بشكل عدائي جدا مع روسيا، وستحاولان بشتى الطرق إبعادها من المنافسة على بيع النفط، لأنهما تنظران إليها على أنها الطرف الثالث الذي لا لزوم له.
ونبه الكاتب إلى ضرورة تغيير السلوك الاستهلاكي لدى المواطنين من أجل إنقاذ الاقتصاد، حيث إن كل مواطن يجب عليه الاكتفاء بشراء السلع الضرورية فقط، وعدم العودة إلى بعض السلوك الاستهلاكي، مثل شراء هواتف أيفون وأجهزة التلفزيون المستوردة والسيارات المصنوعة في دول أخرى.